الجمعة، 27 سبتمبر 2013

12- أعداء النبي واعداء اله (ص), مجمع رذائل وأصحاب أصل وضيع.\ مؤامرة المسلمين على النبي




الفصل الثاني عشر من كتاب (مؤامرة المسلمين على النبي محمد (ص))

فهرس الفصل 
-مقدمة:
 الاصل الوضيع, تبريرات المتآمرين في روايات التاريخ,

لذين نصبوا العداوة للنبي وآله في بداية الدعوة:
 الاسود بن عبد المطلب بن أسد, أبوجهل بن هشام المخزومي, الوليد بن المغيرة المخزومي, عقبة بن أبي معيط بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس, مواقف عقبة من النبي (ص),

 -الذين دخلوا الاسلام وناصبوا النبي (ص):
الوليد بن عقبة بن أبي معيط, صفوان بن أمية بن خلف الجمحي, عبد الله بن أبي سرح, عمر بن النابغة المعروف بعمرو بن العاص, لقب ابن النابغة, مواقف عمرو من النبي (ص), الام عاهرة والوالد أبتر, ابن النابغة يفخر على الخليفة الثالث عثمان, شرخلف لشر سلف عبد الله بن عمرو بن العاص, هند بنت عتبة, أبوسفيان صخر بن حرب بن أمية, الوضيع عدو الشريف, أبوسفيان العاهر, معاوية بن هند , يزيد بن ميسون سفاح كربلاء الحكم بن العاص وابنه مروان بن الحكم, خبيث يلد خبيثا, طلحة بن عبيد الله بن الحضرمية, أم طلحة الصعبة بنت الحضرمي, الزبير بن العوام وابنه عبدالله,  عبد الله بن الزبير يصرح ببغض آل النبي (ص), نسب الزبير وابنه, عبد الرحمن بن عوف الزهري, سعد بن مالك (سعد بن أبي وقاص), الولد سر أبيه عمرو بن سعد بن أبي وقاص, هل كان سعد شجاعا؟ نسب سعد بن أبي وقاص, سالم مولى أبي حذيفة, زياد بن أبيه, معاوية يضم زياد لعائلته, عبيد الله بن زياد (ابن مرجانة).
-مجامع الرذائل من خلفاء بني أمية وبني العباس:
الوليد بن عبد الملك بن مروان, هشام بن عبد الملك, الوليد بن يزيد بن عبد الملك, العباسي أبوجعفر المنصور قاتل الامام الصادق, المهدي العباسي بن أبي جعفر المنصور, العباسي الهادي بن المهدي مجرم مذبحة فخ, العباسي هارون المتلقب بالرشيد, هارون ينكح زوجات أبيه, عائلة هارون عائلة متهتكة, الخليفة السكير, الامين بن هارون,  المأمون العباسي, شذوذ المأمون, المعتصم بن هارون أخو الأمين والمأمون, المعتصم قاتل الامام الجواد, التهتك والمجون صفة أعداء النبي وآله (ص),

-موقف النبي الكريم من الانساب.


-12-أعداء النبي (ص) وأعداء آله, مجمع رذائل وأصحاب أصل وضيع.
              
عندما أعلن النبي محمد (ص) دعوته لقريش ودعاهم للدين الجديد كان رد فعل الناس عظيماً, ولاقى النبي واله واتباعه من صنوف العذاب والمقاطعة ما لايوصف وازدحمت كتب السيرة بتلك الوقائع , فمن التعذيب الجسدي لاتباعه الى المقاطعة حتى أمر النبي المسلمين بالهجرة الى الحبشة  ,وتبع ذلك حصار طويل لبني هاشم في شعب مكة, ذلك الحصار الذي فقد النبي فيه زوجته خديجة وناصره عمه أبوطالب , فسمي ذلك العام بعام الحزن. كما تعرض النبي طوال سنين دعوته الى محاولات اغتيال عديدة سيأتي ذكر بعضها في فصل ( رحيل النبي). كانت الدوافع  لحرب النبي عديدة منها  :
-دعوة الدين الى المساوة تلك الدعوة التي لم يقبل بها اغنياء قريش وزعمائهم فبغضوا النبي ودعوته.
- الحسد :كان عامل الحسد في بداية الدعوة ضعيفا  لكنه نما وقوي بعد إنتشار الدين وغلبته فحسد الناس محمداً لعلو مكانته وقوة اتباعه: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيا) (النساء 54 ,55 ). وقد نال النبي وآله الملك العظيم كما ناله ابراهيم ,وهل النبي محمد (ص) إلا من آل أبراهيم؟ وقد  فسر الاية الامام الباقر :
 (عن بريد العجلي عن أبي جعفر ع في قول الله تبارك و تعالى فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فجعلنا منهم الرسل والانبياء فكيف يقرون في آل إبراهيم و ينكرون في آل محمد ص قلت فما معنى قوله وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً قال الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع الله و من عصاهم عصى الله فهو الملك العظيم.)( بصائر الدرجات للصفار ص 35), فالناس حُسد لما أتى اللهُ آل ابراهيم وآل النبي ومن حسدهم  وقفوا أمام دعوتهم وحاربوهم.
قال أبوجهل بن هشام المخزومي حاسدا النبي وآله : (تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب، وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبيٌّ يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك مثل هذه! والله لا نؤمن به أبداً، ولا نصدقه!) ( آيات الغدير للكوراني ص 139, وعن عيون الاثر لابن سيد الناس ج1 ص146, السيرة النبوية لابن كثير ج1 ص506)  . إن حسد الناس للنبي وآله (ص) لم ينتهي بل استمر حتى بعد رحيله , فلايقول قائل أن الحسد كان في قلوب الكافرين فقط .
ويؤكد ذلك الخليفة الثاني وكما يلي:
(قال عمر ‏:‏ يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد ؟ فكرهت أن أجيبه فقلت‏:‏ إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدريني‏!‏ فقال عمر‏:‏ كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا ,فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت‏.‏ فقلت‏:‏ يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام وتمط عني الغضب تكلمت‏. قال :تكلم.
قلت‏:‏ أما قولك يا أمير المؤمنين‏:‏ اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت فلو أن قريشا اختارت لأنفسها حين اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود‏.‏ وأما قولك‏:‏ إنهم أبوا أن تكون لنا النبوة والخلافة فإن الله عز وجل وصف قوما بالكراهة فقال‏:‏ ‏(‏ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم‏)‏ ‏(‏محمد‏‏ 9‏‏).‏
فقال عمر‏:‏ هيهات والله يا ابن عباس قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أقرك عليها فتزيل منزلتك مني‏.‏
فقلت‏:‏ ما هي يا أمير المؤمنين فإن كانت حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك وإن كنت باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه‏.‏
فقال عمر‏:‏ بلغني أنك تقول‏:‏ إنما صرفوها عنك حسدا وبغيا وظلما‏.‏
فقلت‏:‏ أما قولك يا أمير المؤمنين‏:‏ ظلما فقد تبين للجاهل والحليم وأما قولك‏:‏ حسدا فإن آدم حسد ونحن ولده المحسدون‏.‏
فقال عمر‏:‏ هيهات هيهات‏!‏ أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا لا يزول‏.‏
فقلت‏:‏ مهلا يا أمير المؤمنين لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بالحسد والغش فإن قلب رسول الله  من قلوب بني هاشم‏.‏
فقال عمر‏:‏ إليك عني يا ابن عباس‏.
فقلت‏:‏ أفعل‏.‏فلما ذهبت لأقوم استحيا مني فقال‏:‏ يا ابن عباس مكانك‏!‏ فوالله إني لراع لحقك محب لما سرك‏.‏
فقلت‏:‏ يا أمير المؤمنين إن لي عليك حقا وعلى كل مسلم فمن حفظه فحظه أصاب ومن أضاعه فحظه أخطأ‏.‏ ثم قام فمضى)
 ( الكامل لابن الاثير ج2 , باب ذكر نسب عمر وصفته . شرح ابن ابي الحديد),  عمر يلقي بلائمة الحسد على قريش بقوله :(كرهوا أن يجمع لكم النبوة والخلافة) , وهو عين تصرف الخليفة الاول وعمر نفسه عندما منعا الخلافة عن علي بن أبي طالب كما تقدم في فصول الكتاب , فهما أيضا من قريش !

- مقتل الاحبة : ان حروب قريش والعرب للدين الجديد ادت الى مقتل العديد من ابناء المشركين , وميسم الحرقة لفقدان الاعزة والاحباب في القلب  لم يكن ليزول عند كثير من الناس حتى بعد اسلامهم, فالذي فقد أخ أو ابن في حرب ضد النبي(ص) واتباعه لم تمت في قلبه الذحول وبقيت حرقة القلب على فقدان الاحبة تئن في الصدور ,وهذا سبب لايمكن تجاهله و تناسي قوته  في قلوب الناس.  كان حقد الذين أسلموا بعد فتح مكة كبيراً على الذين قتلوا أزواجهم وأولادهم وأحبتهم ويبدوا ذلك جلياً في بغض الناس لعلي بن أبي طالب ذلك الفارس الذي كسر خياشيم الكفر بسيفه وترك في بيت كل كافر مأتماً , ولم يكن أسلام الناس كافيا لإطفاء نار الانتقام بل ظلت الجذوة مشتعلة في قلوب الطلقاء  الذين أسلموا بعد فتح مكة ففعلوا مايستطيعون فعله أنتقاما من النبي وأنصاره وتكشفت نواياهم بعد وفاة النبي, ولم يشفي غليل حقدهم  سوى الانتقام من اقرب الناس للنبي وهي فاطمة ابنته ( راجع فصل السقيفة, باب الهجوم على بيت النبوة) , ولم يصبر العرب كذلك على تولي علي بن أبي طالب ابن عم النبي وختنه مهام الخلافة , فقاموا عليه في حروب ثلاثة وهي حرب الجمل وصفين والنهروان , كما تقدم ذكره.

-كره التغيير: أن تسفيه عبادة الاصنام والاوثان والاستهزاء بمفاهيم الجاهلية  كان سبباُ  اخر في كره قريش للنبي, لكن ذلك السبب  زال  بأزالة الاوثان وتحطيمها, واضمحل بأهتداء الناس الى الدين الجديد ,واذن هو ليس بذلك السبب الدائمي, ولكن بقي البعض يتذكر آيام الجاهلية ويحن لعزته وقوته فيها ,فلما رحل النبي (ص) أخرج الباغضون دواخلهم .



الاصل الوضيع
ان البغض للنبي ولآله  يصل اقصاه عندما يجتمع في قلوب الكارهين كل من : الحسد والحقد وطلب الثأر لموت الاحبة ,ثم يأتي عامل حاسم اخر في سبب ذلك البغض ليوصل الحقد الى درجة من  شناعة لاتوصف وغل لاينطفئ , ذلك العامل الحاسم هو عامل الاصل الوضيع ! في المجتمع العربي القبلي يلعب  الشرف وأصالة الحسب والنسب  دورا كبيراً جداً نراه حتى في عصرنا هذا,  فليس لصاحب الاصل الوضيع رفعة بين الناس, فالذي ولدته مومس  يبقى طوال حياته يئن من ذلك العار, ويعي أن المجتمع يشير إليه بالاتهام والتحقير , والذي ولد جاهلا أبيه  يبقى يحمل عار المجهولية طوال حياته ويعاني من عقدة نقص تتحكم في سلوكه . إن عقد الشرف لاتزال تفعل فعلها في مجتمعنا المدني المعاصر ,فما بالك كيف كانت في مجتمع قريش أيام عهد النبي ورسالته؟ واذن الاصل العائلي الوضيع كان عاملاً مهما في بغض العرب وبعض قريش للنبي محمد ولاله.
إن التحري في أنساب الذين حاربوا النبي بشراسة يبين أن أغلبهم كان وضيع الاصل منحطاً , وحتى بعد رحيل النبي تجد الذين حاربوا وصي النبي واخيه علي بن أبي طالب يحملون ذات الاصل الوضيع والسمعة الاجتماعية المنحطة. إن التحري في أصول الذين حاربوا النبي بلا هوادة يبين بجلاء أهمية عامل الاصل الاجتماعي في الايمان برسالة النبي (ص).
إن النبي (ص) الذي يصفه القرآن بأنه رحمة ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) ( الانبياء 107), لم يكن يعير لخصلة الاصل وللسمعة الاجتماعية اهمية في مجال الدعوة ,فالناس أمام الله سواسية يفرق بينهم عملهم فقط, وليس للذي ولد من رحم عاهرة أي ذنب في ذلك ,فالنبي عامل  الناس  بعامل التقوى وصلاح النفس ودعاهم الى الدين مُبشراً لهم بعيش أفضل بعيداً عن عُرف القبيلة والعشيرة. لم يقتل النبي (ص) المخنثين , ولم يعاقب ابناء الزانيات والمومسات بذنب أمهاتهم, ولم يعير الزانيات بماضيهن قبل الاسلام, ولم يعامل أصحاب الاصل الوضيع معاملة تختلف عن معاملته للاخرين , حتى صار واضحا للجميع أن دعوة الدين لا تأخذ بالحسبان ماضي المهتدي الجديد . لقد وصل الامر بالنبي (ص) وفي سبيل دفن الاحقاد والضغائن أن يتزوج من أم حبيبة بنت ابو سفيان ابنة عدوه الاول ابو سفيان قائد جيوش المشركين في كل حروب قريش ضد المسلمين, وزوّج النبي (ص) ربيباته وهن زينب ورقية من عثمان الاموي , وكان أبو عثمان وهو عفان بن أبي العاص معروفاً بشذوذه - وسيأتي تفصيل ذلك -,  فمن الذي يزوج ابنته أو ربيبته في مجتمع قريش لرجل كان أبوه شاذا يُفتحل به ؟ لكن النبي محمد(ص) فعل ذلك ولم يأبه للعرف العشائري فالمهم هو بناء مجتمع جديد قائم على أصول المحبة وحسن النوايا. على الرغم من الاعمال الطيبة التي قام بها النبي في سبيل دفن عار الاصل الوضيع ,  فإن الطبع غلب على التطبع فتجد أصحاب الاصل الوضيع ورغما عن حسن النوايا عانوا من عقد النقص وظلوا يناصبون العداء لاشرف الناس وهم النبي واله الطيبين. لقد بين  النبي (ص) دور رداءة الاصل ووضاعة المولد في بغضه وبغض آله الطيبين في أكثر من موضع , ومنها ما يلي:
( عن  زيد بن يثيع قال :سمعت أبابكر(الخليفة الاول) قال: رأيت رسول الله (ص) خيّم خيمة,  وهو  يتكئ على قوس عربية, وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام, فقال: معشر المسلمين , أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة, وحرب لمن حاربهم, وليّمن والاهم, لايحبهم إلا سعيد الجد طيّب المولد, ولايبغضهم إلا شقيّ الجد ردئ الولادة.) (مقتل الحسين للخوارزمي, باب فضل النبي وآله)


تبريرات المتآمرين  في روايات التاريخ:
اختلقت أيادي المحرفين للتاريخ صيغا وتأويلات جعلت منها مقياساً للتمييز بين أعداء النبي . فعندهم أن الذين حاربوا النبي في جاهليتهم وأسلموا سيغفر لهم الله كل خطيئة, وهو قول يحمل شيئا من الصحة ولكن تعميم هذا التأويل على الجميع يجعل التأويل هذا مجانباً للصواب.  فليس كل الذين دخلوا الدين غيروا من عاداتهم وسلوكهم, وتحدث التاريخ عن الصحابة الذين عاقروا الخمر في جاهليتهم وبعد أسلامهم, فهل كان الاسلام لهم وقاء من خطيئة شرب الخمر ؟ ليس كذلك أبداً. سيتبين من سير أعداء النبي  أن بعض تلك الشخصيات كانت من أشد الناس كرها له (ص) , لكنهم دخلوا الدين الجديد بعد فتح مكة خوفاً من العقوبة وطمعاً في غنائم ومناصب,  ومنهم أبوسفيان وزوجته هند وعمرو بن العاص وغيرهم ! ليس من العدل أن يوضع هؤلاء المنافقين المظهرين الاسلام في خانة الذين حملوا راية الدين ووقفوا مع النبي في كل نازلة. إن التحري في أنساب  الذين أسلموا وبقوا على بغضائهم للنبي يبين خبث نواياهم وقبح أعمالهم ويعرفنا على أصلهم الوضيع ,وسيتبين فيما يلي دور الاصل الوضيع لهؤلاء الذين نالوا عصمة فارغة بتظاهرهم بالاسلام. لنبدأ بالذين ماتوا وهم وكفار ثم نمر على الذين أسلموا .

الذين ناصبوا العداء للنبي ولاله في بداية الدعوة
الاسود بن عبد المطلب بن أسد
 من المستهزئين بالنبي (ص) , وكذلك كان ولداه عقيل بن الاسود وزمعة بن الاسود وحفيده وهو الحارث بن زمعة بن الاسود وقد قتلوا جميعا  يوم بدر بأيدي المسلمين. قال ابن الاثير  (ومنهم الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي وكان من المستهزئين ويكنى أبا زمعة وكان وأصحابه يتغامزون بالنبي وأصحابه ويقولون قد جاءكم ملوك الأرض ومن يغلب على كنوز كسرى وقيصر ويصفرون به ويصفقون فدعا عليه رسول الله أن يعمى ويثكل ولده فجلس في ظل شجرة فجعل جبريل يضرب وجهه وعينيه بورقة من ورقها وبشوكها حتى عمي وقيل أومأ إلى عينيه فعمي فشغله عن رسول الله وقتل ابنه معه ببدر كافرا قتله أبو دجانة وقتل ابن ابنه عتيب قتله حمزة وعلي اشتركا في قتله وقتل ابن ابنه الحارث بن زمعة بن الأسود قتله علي ) ( الكامل لابن الاثير ج2 ص 141).
للاسود بن عبد المطلب هذا ولد اسمه هبار بن الاسود كان شاعراً يهجو النبي (ص) ,وهو الذي طارد زينب بنت النبي (ص) عندما خرجت مهاجرة  أيام هجرة المسلمين الى يثرب ( المدينة المنورة), وروعها برمح في يده لمنعها من الالتحاق بالمسلمين في المدينة ,وكانت آنذاك حُبلى فطرحت ما في بطنها خوفاُ من هبار المجرم, وتروي بعض الروايات أنها ماتت من جراء ذلك . كان بعض من سفهاء قريش مع هبار في مطاردته لزينب, ولما سمع النبي بذلك أهدر دم هبار ومن معه, وقال حرقوه ثم عدل عن ذلك وقال (ص) اقتلوه لاينبغي أن يعذب بالنار سوى رب النار. أسلم المجرم هبار بن الاسود بعد فتح مكة فعفا عنه النبي الكريم كما عفا عن غيره وقال (ص) لقبيلة قريش التي حاربته وناصبته العداء قولته المشهورة : ( أذهبوا فأنتم الطلقاء !). وبتلك السماحة  نجا هبار وغيره من عقاب الموت. .( بتصرف عن أسد الغابة لابن الاثير ج5 ص 384 , وعن جمهرة أنساب العرب لابن حزم .) كان لزمعة بن الاسود ولد اسمه عبد الله بن زمعة دخل الاسلام وبعد وفاة النبي, وفي عهد عثمان بن عفان يقوم عبد الله بن زمعة بكسر ضلع الصحابي عبد الله بن مسعود بأمر من الخليفة الثالث عثمان ( راجع فصل عثمان). فيالها من عائلة حاربت النبي في حياته وحاربت المخلصين للنبي من بعده . 
كانت أم الاسود بن عبد المطلب من عاهرات مكة واسمها دوحة بنت عفر الاعور ,ولدوحة هذه راية  كانت تنصبها على بابها بمكة في منطقة تدعى الثنية وبرايتها تلك كانت دوحة العاهرة تدعو الرجال للبغاء حالها حال عاهرات مكة من صاحبات الرايات. يقول الشاعر في دوحة العاهرة:
لاتأمرن بفراق دوحة أنه   رزء علي فراق أم الاعور
إن لاتكن نشب فإن مجلة ونخير زانية إذا قلت أنخري( مثالب العرب للكلبي, هامش الكتاب للعلامة الطائي, جمهرة أنساب العرب لابن حزم) إن عائلة الاسود المنحطة كانت محاربة للنبي محمد ومحاربة لانصاره من بعده, وهي مثال يبين دور عامل الاصل الوضيع في نصب العداء للنبي ولاله وانصاره المخلصين.

أبوجهل بن هشام بن المغيرة المخزومي
الاسم الحقيقي لابي جهل هو عمرو بن هشام وكنيته أبو الحكم ,ولشدة عداوته للنبي وللمسلمين سماه المسلمون بأبي جهل. أبو جهل زعيم بني مخزوم  وقد سعىى لقتل النبي أكثر من مرة, ومنها خطة قتل النبي كما يرويها ابن الاثير (.. فقال أبو جهل : أرى أنْ نأخذ من كل قبيلة فتى نسيباً ونعطي كل فتى منهم سيفاً، ثم يضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه ، فإذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل )(الكامل لابن الاثير , باب هجرة النبي). وأبو جهل هذا هو الذي كان على يديه مقتل أول المسلمين , فهو قاتل سمية بنت خياط أم عمار بن ياسر بطعنها بحربة اثناء تعذيبها فكانت اول شهيدة في الاسلام.
التأمل في سيرة أبو جهل بن هشام يرينا رجلاً منحطاً شاذاَ لايتورع عن فعل القبائح . يقول حسان بن ثابت شاعر الرسول , في ابو جهل بن هشام وفي أبيه هشام بن المغيرة أبياتاً من الشعر يصرح بها بلواط أبوجهل وشذوذه وشذوذ أبيه أيضا , وقد قال النبي لحسان يوماً : قُل فأنك مؤيدٌ بروح القُدس , وقال له أيضا : (أهجهم وجبريل معك )( حديث النبي ورد في كتاب صحيح البخاري برواية البراء بن عازب) ولن يبارك النبي كلام مفتر أو كاذب, وهو دليل على صدق شعر حسان وخلوه من الكذب :
يقول حسان في أبي جهل وفي أبيه هشام بن المغيرة المخزومي :
قد آن قول قصيدة مشهورة شنعاء أرصدها لقوم وضع
يصلى بها صدري وأحسن حوكها وأخالها سـتقال إن لم تـقطع
ذهبت قريش بالعلاء وأنتم تمشون  مشي المومسات الجندع  
فضعوا التجافي واسبقوا استاهكم وامشوا على رحب الطريق المهيع
أنتم بقية قوم لوط فاعلـموا وإلـى خناثكـم يشـار بإصـبع
وإذا قـريــش خلطـت أنســابها فبآل أشجع فافخروا بالمجمع( مثالب العرب للكلبي ص 21)
تأمل قوله ( بقية قوم لوط ), وكذلك قوله (تمشون مشي المومسات) .ويذكر كذلك ( أستاهكم) ويعني بها المؤخرة ثم يكمل قائلا : والى خناثكم يشار بأصبع , وهو دليل على شذوذهما وتخنثهما. ومن دلائل شذوذ أبا جهل :
(قال الهيثم بن عدي عن ابن عباس والكلبي وحماد الرواية : المشهورن بالابنة من قريش أبوجهل بن هشام وكان يخضب دبره بالحناء , ومن حديث بين عتبة بن ربيعة  وبين ابي جهل يوم بدر حيث يقول أبوجهل لعتبة: أنتفخ سحرك! فقال عتبة : سيعلم مصفراُ أسته من انتفخ سحره! )( المناقب والمثالب للقاضي النعمان , شرح النهج ج5 باب غزوة بدر , تاريخ الطبري ج1) . الابنة تعني الشذوذ عند الرجال ,و يعني بمصفر استه أن أبا جهل كان يخضب دبره بالحناء والزعفران تجملا وتحبباً الى اللواطين!
 لم تكن زوجة أبي جهل وهي أم المغيرة بمنأى عن السقوط الاخلاقي, فهي الاخرى كانت معروفة بعلاقتها المشبوهة مع رجل قبطي أسمه حراث بن قيسون , وقد خلد هذه العائلة الوضيعة الشاعر عثمان بن الحويرث عندما هجا المغيرة بن ابي جهل بن هشام بن المغيرة بقصيدة يُعرض فيها بأمه أم المغيرة  زوجة المأبون أبو جهل فيقول :
لا بارك الله رب الناس في رجل أمسى يشارك حرّاث بن قيسون
هل كنـت إلا لحـراث ومومـسـة حتى ترقيـت منّـا في العـرانيـن
ولد المغيرة إلا صنو  مومسة لا حسـب يـرتجى منه ولا ديـن
عيّرتني إن طلبت الدين مجتهدا حتى صفا الدين في رهط ابن ذي النون
لا يســـرقون إذا مـا جـنّ ليـلهم ولا هـم لـبنـات النـاس يـزنـون (  عن مثالب العرب)
وهكذا كانت عائلة أبي جهل , الزوج أبوجهل مأبون شاذ, و زوجته  تضاجع من تشاء, وسيأتي فيما يلي أن أباجهل دعيُّ أيضا وابن زنا, فليس عجباً أن يكون من ألد أعداء النبي (ص) ؟




الوليد بن المغيرة المخزومي
وهو أخو هشام بن المغيرة وبذلك يكون عم ابو جهل المذكور أعلاه ,وهو أيضا أبو خالد بن الوليد!
قال حسان بن ثابت يهجو المغيرة جد خالد بن الوليد ويُعرض فيها بأمه العاهرة فيقول:
نالــت قريــش ذرى العلـيا بـنو المغيـرة عـن مجـد اللهـاميـم
وافتخروا بأمور أهلها لعن أحسابهم من قصير في الغلاصيم
 بندوة من قريش كان وارثها وبـالـواتـي ســحاب القمـاقـيـم 
من جوهر في قريش فالتمس بدلاً منهم معانيق في الهيجا مقاديم
واتـرك مآثر قوم في بيـوتهم وافخر بمكرمة في بيت مخزوم
أو في بني أشجع إن كنت ذا نسبٍ زاكٍ من القوم منسـوب ومعلـوم
هلاّ منعتم مـن المخـزاة أمكـم عند التععه من عمرو بن مخزوم-( الصحيح عمرو بن يحموم) لكن الطبعة كانت كذلك!-
أسلمتموها فباتت غير طاهرة ماء الرجال علـى الفخذيـن كالمـوم
بنـو المغيرة فحـش في نديتـهم توارثـوا الفحـش بعد الكفر واللـوم.
وعمرو بن يحموم الذي ذكره رجل من خزاعة ، وكان يقال: إنه كان يأتي أمهم وهو فيما تزعم قريش أنه  أبو أبي جهل والحرث ابني هشام.( مثالب العرب , ص22) فيكون بذلك أبوجهل بن هشام المخزومي دعي  ابن زنا أيضاً, وفي ذلك يقول حسان بن ثابت
لقد لعن الرحمن جمعا يقودهم
دعيُّ بني شجعٍ لحرب محمدِ
ويطلق العرب أسم الدعيّ  على  مجهول الاب. أما الوليد بن المغيرة عم أبا جهل وأبو خالد بن الوليد, فهو الزنيم بنص الاية ( عتلٌ بعد ذلك زنيم) (سورة نون),  والزنيم في اللغة هو مجهول الأب اللصيق في القوم وليس منهم. وقد ذكر بعض المفسرين أن المدعو بالاية هو الوليد بن عتبة المخزومي, بينما رجحت تفاسير أخرى رجالا اخرين غيره, ونقول أن للسياسة شئ في اسدال الستارعن فضائح الوليد و يُعزى ذلك الى ارتفاع مقام ابنه  خالد بن الوليد في عهد الخليفة الاول ابوبكر , فلم يقبل كتبة التاريخ القول أن القائد العسكري  خالد بن الوليد مطعون النسب ! ان الانظمة  طمست كل ذلك وأدعت أن النبي (ص) سمى خالدا سيف الله المسلول, والحقائق تبين أن ذلك لقب  سرقه المحرفون من الامام علي بن أبي طالب وألبسوه لخالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي (راجع فصل الامام علي , باب سرقة الالقاب) . قال صاحب تفسير الجلالين في آية ( عتل بعد ذلك زنيم) , مايلي : (دعيٌّ في قريش ، وهو الوليد بن المغيرة ، ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة) , ومثله ذكر القرطبي في تفسيره.




عقبة بن أبي معيط بن ذكوان بن أمية بن عبد شمس
أمية بن عبد شمس جد الامويين الاكبر وأولاده العاص وأبو العاص والعيص وأبو العيص وكانت قريش تسميهم ( الأعايص). أمهم واحدة وهي ( آمنة بنت أبان بن كليب بن ربيعة) ويقال لها نابغة بني جعدة, ولأمية أيضا ( العنابس) وهم عنبسة وسفيان وأبي سفيان وحرب وأمهم أمة بنت أبي همهمة من ولد الحارث بن فهر , وحرب الاخير هو والد صخر المدعو أبوسفيان بن حرب عدو النبي الاكبر في قريش ووالد معاوية بن أبي سفيان. كان لأمية ولد آخر يدعى ذكوان, يقول النسابة أن ذكوان هذا ولقبه عمرو من أمرأة يهودية من الشام من بلدة صفورية ويُقال أنه ليس أبنا لأمية بل تبناه أمية وأتى به الى مكة وأدعاه إبنا له . بعد وفاة أمية بن عبد شمس يتزوج إبنه ذكوان زوجة أبيه أمية وهي آمنة بنت أبان بن كليب بن ربيعة, وكانت العرب تفعل ذلك قبل الاسلام وتسمي زواج الابن من زوجة أبه بنكاح المقت , فلما جاء الاسلام حرم ذلك الزواج بنص الاية ( ولاتنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ماقد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلاً)( النساء22). ولد أبو معيط وأسمه أبان من زواج ولد لذكوان وآمنة زوجة أبيه ولد سماه أبا معيط, فصار بنو أمية (الأعايص ) و( والعنابس) أخوة أبي معيط وأعمامه كذلك ! ( بتصرف عن أنساب الاشراف ج5 نسب بني عبد شمس ,  مثالب العرب للكلبي, الأغاني لابي الفرج الاصفهاني). ما يعنينا الان هو أن ذكوان تزوج زوجة أبيه فولدت له بن أبي معيط وهو والد عقبة . وقد ذكره الكلبي تحت باب الادعياء ( اولاد الزنا) فقال:
(من الأدعياء أبو عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وهو أبو أبي معيط، وكان عبداً لأمية، وكان اسمه ذكوان فنكح امراة أُميّة بن عبد شمس بعده، وهي أم الأعياص: العاص وأبو العاص وأبو العيص، فجاءت بابان بن أبي عمرو بن أمية، وهو أبو معيط، وهم أعمامه وأخواته لأمه ، والعاص أبو آل سعيد بن العاص أبي أحيحة، وأبو العاص أبو آل عفان وآل مروان، وأبو عيص أبو آل خالد بن أسيد بن أبي العاص.) ( مثالب العرب للكلبي ص 54)




مواقف عقبة بن أبي معيط بن ذكوان من النبي (ص)
روى الطبري وغيره:( أقبل عقبة بن أبي معيط ورسول الله (ص) عند الكعبة، فلوى ثوبه في عنقه، وخنقه خنقا شديدا ) (تاريخ الطبري ج1 ص 103)
(عقبة بن أبي معيط واسم أبي معيط أبان بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس ويكنى أبا الوليد وكان من أشد الناس أذى لرسول الله وعداوة له وللمسلمين عمد إلى مكتل فجعل فيه عذرة وجعله على باب رسول الله ) ( الكامل لابن الاثير  ج2 ص140) ,ونكررلايعادي النبي ودعوته سوى أصحاب الاصل الوضيع وعقبة هذا منهم ! أن سماحة النبي الكريم الواسعة لم تشمل عقبة الوضيع فكان جزاءه القتل في بدر : (ثم خرج رسول الله ، حتى إذا كان بعرق الظبية، قتل عقبة بن أبي معيط، فقال حين أمر به رسول الله أن يقتل: فمن للصبية يا محمد ! قال: النار ) ( تاريخ الطبري  ج1 ص 172) , ولهذا سمي أولاد عقبة بن ابي معيط بصبية النار ( الاغاني للاصفهاني, ج1 , مقتل عقبة بن أبي معيط, شرح نهج البلاغة)
وفي رواية يقول النبي لعقبة قبل مقتله : (ما أنت والرحم أن أنت  الا يهودي من أهل صفورية) (  السيرة الحلبية, غزوة بدر). وقوله : أنت يهودي من أهل صفورية, يعود إلى الى جد الامويين (أمية بن عبدشمس بن عبد مناف)  فقد التقى أمية في الشام بيهودية من أهل صفورية في الشام وحملت سفاحا منه بذكوان , ثم يتزوج ذكوان بزوجة أبيه أمية واسمها ( الصهباء)  فتحمل له بوالد عقبة , فجدة عقبة بن أبي معيط هي يهودية من صفورية وهذا تفسير قوله (ص) : أنت يهودي من أهل صفورية! أي أنت ليس لك رحم في قريش. وقد يقول قائل أن أمية من قريش , وهو قول فيه نظر سيأتينا  في ترجمة معاوية .


الذين دخلوا الاسلام وناصبوا العداء للنبي ولآله في جاهليتهم وفي اسلامهم!
الوليد بن عقبة بن أبي معيط
الوليد بن عقبة بن أبي معيط وهو ابن المذكور أعلاه عقبة. أمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس أم عثمان بن عفان , فالوليد أخو عثمان بن عفان لأمه ‏( بتصرف عن كتاب اسد الغابة في معرفة الصحابة لأبن الاثير) . فسقه القران باجماع المفسرين  حيث فيه نزلت الاية ( اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة) (الحجرات 6) , وهو من الطلقاء الذين اسلموا بعد فتح مكة ولتبييض صفحته ادعوا أنه كان صبيا عند الفتح ولكن يرد ذلك رواية ابن الاثير حيث أن الوليد خرج في أثر أخته ام كلثوم عندما ارادت الهجرة وردها إلى مكة ومن يرد أخته بالقوة عن الهجرة لايمكن أن يكون الا بالغا وقويا . أبوه عقبة بن أبي معيط كان من أسارى بدر كما مر بنا, ومر بنا نعت النبي (ص) له بقوله : إنما أنت يهودي من أهل صفورية, وكذلك قال عقيل بن أبي طالب لابن عقبة بعد أعوام عندما أوتي به لجلده : (إنك لتتكلم يا ابن أبي معيط كأنك لا تدري من أنت، وأنت علج من أهل صفورية).( مروج الذهب، المسعودي ج1 ص 336), وفي عهد حكم  معاوية, قال الحسن بن علي بن أبي طالب  للوليد : (إنما أنت يهودي من صفوريا) وهي نفس مقالة جده  الرسول  كما تقدم. لقرابة الوليد بن عقبة من عثمان( أخوه لأمه) ولاه عثمان بن عفان الكوفة في زمن خلافته  وعزل سعد بن أبي وقاص حتى قال  سعد بن أبي وقاص لعثمان بن عفان : أراكم ستجعلوها ملكا ! (الكامل لابن الاثير ج3 ص 185)
كان الوليد مدمنا للخمرة لايستطيع عنها فكاكا , ودخل الاسلام بعد فتح مكة فهو من طلقاء قريش , وكان يُسمى بالفاسق كما في الاية الكريمة, ومع كل ذلك ولاه عمر بن الخطاب أمارة عرب الجزيرة في عهد خلافته !( تاريخ الطبري ج 3 ص 311) ! لقد ترك عمر عشرات الصحابة  ووقع اختياره على الوليد الفاسق ! في عهد الخليفة الثالث تولى الوليد بن عقبة امارة الكوفة , وظل معاقرا للخمر طوال حياته, ورواية صلاته للفجر في الكوفة وهو ثمل من الخمرة مشهورة ذكرها الطبري وابن شبة وابن عبد البر في الاستيعاب وكررها ابن الاثير في اسد الغابة ج5 ص 452. قال السيوطي:  (صلى الوليد بأهل الكوفة أربع ركعات، وصار يقول في ركوعه وسجوده: اشرب واسقني )( تاريخ الخلفاء للسيوطي صفحة  104 ), ومثله أورد الأصفهاني في كتاب الاغاني  ذكر الوليد حول أغنية اشرب واسقني (  الأغاني، أبو الفرج الأصفهاني  المجلد الرابع). لقد تغلغل الوليد وأمثاله في دولة الخلفاء الثلاثة الاوائل  وتسدوا مناصبا رفيعة وفقا لمخطط المتآمرين والمحرفين؟ لم يجد عثمان بعد حادثة سكره سوى عزله ليعين قريبه الاخر سعيد بن العاص. في عهد خلافة الامام علي بن أبي طالب , هرب الوليد بن عقبة من الدولة , والتحق بجيش معاوية في حربه للأمام علي  في صفين, فأسفر عن وضاعة أصله بحربه لأمير المؤمنين.

صفوان بن أمية بن خلف الجمحي
صفوان بن أمية وأبوه أمية بن خلف من المشهورين في نصبهم العداء للنبي , روى الطبري أن صفوان بن أمية أرسل ابن عمه عمير بن وهب الجمحي لاغتيال النبي في المدينة وضمن له أن يسدد ديونه ويعيل عائلته اذا لم يستطع الهرب بعد اغتيال النبي. ويخبر الوحي النبي (ص) بذلك فيفاجأ النبي عميرا بن وهب بما كان قد خطط له مع صفوان فيندهش عمير ويدخل الاسلام ( بتصرف عن تاريخ الطبري ج2, ص 167). صفوان بن أمية هذا يكفيه عارا أن تكون أمه التي ولدته من صاحبات الرايات الداعيات الى البغاء , ويدرجها المؤرخ الاقدم  الكلبي في باب ذات الرايات  من بغايا مكة, فتأمل. وفي صفية  أم صفوان وأم كلدة وزوجة أمية بن خلف يقول حسان بن ثابت :
رأيت سواداً من بعيد فراعني أبو حنبل ينزو على أم حنبل
 كأن الذي ينزو به فوق ( بظرها) -(في طبعة اخرى ظهرها)- ذراع قلوص من نتاج  بن ( خزعل)-( طبعة اخرى أعزل)-
فألقت به بعد التمام مجددا تبين فيه اللؤم إذ هو أقبل
وعازمها لولا تتم رضاعة فجائت بشبه القرد عريان يرفل
فيا لأم ما أدت وأنى لها العلى ولابن هشام ثم لابنه ديكل
وقال حسان كذلك في صفية:
من مبلغ صفوان أن عجوزه أمة لخادم معمر بن حبيب
سائل مليلا إن اردت بيانها ماذا اردت بوهبها المثقوب( الابيات عن مثالب العرب ص69).
بعد فتح مكة يهرب صفوان بن أمية من المسلمين خوفاً من العقوبة وفيه يقول الشاعر حسان البكري: ( أنك لو شهدت يوم الخندمة..... اذ فر صفوان وفر عكرمة)
لكن النبي الكريم يصفح عنه كما صفح عن غيره من كفار قريش, ثم  يهب النبي الامان لصفوان أربعة أشهر حتى يحكم عقله في الدين الجديد ,ولكن صفوان يبقى على غيه. وفي غزوة حنين بعد فتح مكة يخرج صفوان وغيره من طلقاء قريش مثل أبو سفيان وغيره مع المسلمين ولكن قلوبهم لما تزل مع أعداء النبي (ص).
قال ابن إسحاق : فلما انهزم الناس ( انهزم المسلمون في معركة حنين) ، ورأى من كان مع رسول الله  من جفاة أهل مكة الهزيمة ، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن ، فقال أبو سفيان بن حرب : لا تنتهي هزيمتهم دون البحر وإن الأزلام لمعه في كنانته ( أبو سفيان مع المسلمين في غزوة حنين لكنه يتمنى خسارة المسلمين ولهذا يتشفى بقول : لاتنتهي هزيمتهم دون البحر! والازلام المحرمة في الاسلام كان يحملها معه في كنانته, فتأمل !). وصرخ كلدة بن الحنبل وهو مع أخيه صفوان بن أمية مشرك في المدة التي جعل له رسول الله  : ألا بطل السحر اليوم فقال له صفوان : اسكت فض الله فاك ، فوالله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن( السيرة النبوية لابن هشام ) .
أن صفوان أخذته عزة الجاهلية فهو لايرضى أن يربه رجل من هوازن ويفضل أن يكون الرجل من قريش وهي خصلة جاهلية تبين التعصب الاعمى للعشيرة وتظهر نفاق الرجل ونفاق أخيه كلدة. لم يجد صفوان مهرباً  من جيش المسلمين سوى اعلان أسلامه بعد أن أنقضت مدة العفو التي وهبها أياه النبي (ص) , أي أنه لم يسلم في فتح مكة كباقي الناس وانتظر حتى غزوة حنين , روى ابن سعد في الطبقات أن النبي أعطاه خسمين بعيراً كي يدخل الاسلام, ويقول صفوان عن الحادثة : (لقد اعطاني رسول الله يوم حنين وانه لمن ابغض الناس الي فما زال يعطيني حتى انه لمن احب الناس الي) فتأمل طمعه فهو لم يدخل الدين الا طمعا  وليأمن العقوبة.  كان صفوان من المحرضين على حرب علي ابن أبي طالب في موقعة الجمل التي تقدم ذكرها (راجع طبقات بن سعد), ولا يحارب الشريف سوى صاحب الاصل الوضيع.

عبد الله بن أبي سرح
عبد الله بن أبي سرح كان من كتاب الوحي في مكة , وكان يُغير في الاية حسبما يشاء, فعندما كان النبي يقول (رحيم كريم) كان عبد الله يكتب (عزيز غفور) وكان يقول : وما يدري محمد ماذا أكتب؟ يهدر النبي دم هذا الوضيع فيهرب عبد الله بن أبي سرح الى قريش ويرتد عن الاسلام . وعند فتح مكة كان عبد الله من المطلوبين لانزال حكم القتل فيه فيأتي أخو عبد الله بن أبي سرح لأمه وهو عثمان بن عفان متوسلاً بالنبي ليعفو عنه ويذكر القصة سعد بن أبي وقاص فيقول:
( لما كان يوم فتح مكة اختبأ  عبد الله بن سعد بن أبي سرح  عند  عثمان بن عفان ، فجاء به حتى أوقفه على النبي  فقال: يا رسول الله، بايع  عبد الله ، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل النبي على أصحابه فقال:  (أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟)  فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك؟، قال:  (إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين) ( الحديث رواه  أبو داود و البيهقي). وبذلك استطاع عثمان بالحيلة انقاذ حياة أخيه المرتد عبد الله بن أبي سرح.
قال حسان بن ثابت لسعد أبو عبد الله بن أبي سرح :
والله ماأدري وإني لسائلٌ مُهانةُ ذاتُ الخيف ألأمُ أمْ سَعدُ
وكان أبو سرح عقيما فلم يكن له ولد حتى دُعيت له من بعدُ
عبدٌ هجين أحمر اللون فاقع موَتَّرُ عِلباء القفا قطط جعدُ(ديوان حسان, شرح البرقوقي) , وفي هذا تعريض بولادته , فوالده (أبو سرح) كان عقيما لايقدرعلى الانجاب فمن أين أتى ابنه عبد الله ؟ هذا الدعي عبد الله بن ابي سرح ينصبه أخوه الخليفة الثالث عثمان بن عفان والياً على مصر في عهده( راجع فصل الخليفة الثالث عثمان), فتأمل

عمرو بن النابغة, المعروف بعمرو بن العاص!
النابغة في اللغة هي المرأة التي تشتهر بين النساء بعهرها , وكانت النابغة واسمها ليلى العنزية  اقل البغايا أجرة من بين صاحبات الرايات في مكة . حملت ليلى  العاهرة بولد سمته (عمرو) ولم تعرف أبيه فاختصم عليه خمسة رجال, وفي بعض الروايات ستة رجال, كل يدعيه لنفسه , وهم : أبو لهب بن عبد المطلب وأمية بن خلف الجمحي وهشام بن المغيرة المخزومي وأبو سفيان بن حرب والعاص بن وائل السهمي! (العقد الفريد لابن عبد ربه ج1 ص164,  مروج الذهب للمسعودي ، السيرة الحلبية لابن دحلان) .قال عالم أنساب قريش عقيل بن أبي طالب في عمرو : (هذا الذي اختصم فيه  ستة نفر، فغلب عليه جزّار قريش)( شرح النهج لابن أبي الحديد ج2 ص125)  وقوله جزار قريش لان العاص بن وائل كان يمتهن الجزارة .
قال الكلبي في ( ام عمرو بن العاص) وهي ليلى النابغة : (فقدمت مكة ومعها بنات لها، فوقع عليها العاص بن وائل في الجاهلية في عدة من قريش منهم أبو لهب وهشام بن المغيرة وأبو سفيان بن حرب في طهر واحد فولدت عمراً .فاختصم القوم جميعا فيه كل يزعم أنه ابنه ثم إنه أضرب عنه ثلاثة وأكب عليه اثنان العاص بن وائل وأبو سفيان بن حرب. فقال أبو سفيان: أنا والله وضعته في رحم أمه، فقال العاص: ليس هو كما تقول هو ابني فحكّما أمه فيه. فقالت: للعاص، فقيل لها بعد ذلك ما حملك على ما صنعت وأبو سفيان أشرف من العاص؟
فقالت : إن العاص كان ينفق على بناتي ولو ألحقته بأبي سفيان لم ينفق عليّ العاص شيئا وخفت الضيعة.)( مثالب العرب لهشام الكلبي, ص24 , ومثله في ربيع الابرار للزمخشري)
قالت أروى بنت الحارث بن عبد المطلب في مجلس الملك الاموي معاوية رداً على عمروبن العاص بن النابغة عندما انتهرها في المجلس :
(يا بن اللخناء النابغة تتكلم وأمك كانت أشهر امرأة بمكة وآخذهن لأجرة، إربع على ظلعك  واعن بشأن نفسك فوالله ما أنت من قريش في اللباب من حسبها ولا كريم منصبها، ولقد إدعاك ستة  نفر من قريش كله يزعم أنه أبوك فسألت أمك عنهم فقالت : كلهم أتاني فانظروا أشبههم به فألحقوه به، فغلب عليك شبه العاص بن وائل فلحقت به، ولقد رأيت أمك أيام منى بمكة مع كل عبد عاهر، فأتم بهم فإنك بهم أشبه)( عن هامش كتاب مثالب العرب بقلم الدكتور نجاح الطائي ونقله عن بلاغات النساء ص 27، العقد الفريد 1 ص 164، روض المناظر 8 ص 4، ثمرات الأوراق 1 ص 132، دائرة المعارف لفريد وجدي 1 ص 215، جمهرة الخطب 2 ص 363.)
وقال الامام الحسن لعمرو بن العاص يوما ( أما أنت فقد اختلف فيك رجلان رجل من قريش ورجل من أهل المدينة فادَّعياك فلا أدري أيهما أبوك !) ( جواهر التاريخ للعلامة الكوراني ج3 سيرة الحسن, ونقله عن تاريخ الاسلام للذهبي ج4 ص 39 , تاريخ دمشق لابن عساكر ج46 ص 59, الوافي بالوفيات للصفدي ج12 ص 69)



لقب ابن النابغة
اشتهر عمرو بن العاص بلقب ( ابن النابغة) , والنابغة كما تقدم هي العاهرة المشهورة بعهرها. لنقرأ أقوال معاصريه فيه
 الخليفة الثالث عثمان يسميه بابن النابغة: (..فلما قدم عمرو بن العاص المدينة جعل يطعن على عثمان، فأرسل إليه يوما عثمان خاليا به فقال: يا ابن النابغة ما أسرع ما قمل به جربان جبتك؟ إنما عهدك بالعمل عاما أول، أتطعن علي، وتأتيني بوجه، وتذهب عني بآخر؟ والله لولا أكلة ما فعلت ذلك) ( الغدير للعلامة الاميني ج2 ص 134 , باب عثمان , ونقله عن تاريخ الطبري ج5 ص 108, انساب الاشراف للبلاذري ج5 ص 74, الامامة والسياسة للدينوري ج1 ص 42, شرح ابن ابي الحديد ج1 ص 63)
الامام الحسين سيد الشهداء  يسميه بابن النابغة  : قال الحسين عليه السلام  لمعاوية (يا معاوية قد بلغني ذكرك وذكر ابن النابغة بني هاشم بالعيوب، فارجع إلى نفسك وسلط الحق عليها، فإنك تجد أعظم عيوبها أصغر عيب فيك، لقد تناولتنا بالعداوة وأطعت فينا عمراً، فوالله ما قدم إيمانه ولا حدث نفاقه، والله ما ينظر لك ولا يبقي عليك، فانظر لنفسك أو دع)( انساب الاشراف للبلاذري ج2 ص 110) 
 الامام علي بن أبي طالب يسميه بابن النابغة: ( عجبا لابن النابغة, يزعم لأهل الشام أن في دعابة وأني امرء تلعابة أعانس وأمارس لقد قال باطلا ونطق آثما، أما وشر القول الكذب، إنه يقول فيكذب ويعد فيخلف ويسأل فيحلف، ويسأل فينجل ويخون العهد، ويقطع الإل فإذا كان عند الحرب فأي زاجر وآمر هو ما لم تأخذ السيوف ما أخذها، فإذا كان ذلك كان أكبر مكيدته أن يمنح القوم أسته ) ( نهج البلاغة , شرح محمد عبدة , باب رسائل الامام علي).



مواقف عمرو بن النابغة من النبي (ص)
كان عمرو بن العاص  من أشد المعادين للنبي (ص) , فعندما هاجر المسلمون هجرتهم الاولى الى الحبشة بأمارة جعفر بن أبي طالب وطلبوا العيش في حماية النجاشي ملك الحبشة , أرسلت قبيلة قريش وفداً الى النجاشي  كي يطردهم  من مملكته , واختارت قريش عمرو بن العاص فجعلته أميراُ على مشركي قريش في رحلته للحبشة . هجا عمرو بن العاص النبي بأبيات شعر كثيرة حتى دعا النبي (ص) عليه , وقام حسان بن ثابت يرد هجاء عمرو بن العاص ويبين أنه مجهول الاب قد يُعزى لابي سفيان وقد يُعزى للعاص بن وائل  فقال فيه :
أبوك أبوسفيان لاشك قد بدت لنا فيك منه بينات الدلائل
ففاخر به إما فخرت ولاتكن تفاخر بالعاص الهجين بن وائل
وإن التي في ذاك ياعمرو حكمت فقالت رجاء عند ذاك لنائل
من العاص عمرو تخبر الناس كلما تجمعت الاقوام عند المحامل(شرح ابن أبي الحديد ,ج2, ص102 )
وقال كذلك :
زعم ابن نابغة اللئيم بأننا لانجعل الاحساب دون محمدِ
أموالنا ونفوسنا من دونه من يصطنع خيرا يثب ويحمدِ
فتيان صدق كالليوث مساعر من يلقهم يوم الهياج يُعردِ( ديوان حسان بن ثابت , شرح البرقوقي)
الام عاهرة والوالد أبتر!
عند وفاة القاسم بن النبي (ص) , مر العاص بن وائل ( أبو عمرو) ومعه ابنه المدعيه عمرو بالنبي  فقال للنبي : أني أشنأك! ويعني بذلك أنه يبغض النبي, ثم أكمل قائلا ان النبي أبتر منقطع لاعقب له ,فنزل الوحي بسورة الكوثر( إنا أعطيناك الكوثر , فصل لربك وانحر, أن شانئك هو الابتر) . اتفق المفسرون على أن المعني بالاية هو العاص بن وائل . قال القرطبي في تفسيره  (إن شانئك هو الأبتر أي مبغضك، وهو العاص بن وائل). ( راجع  تفسير القرطبي, تفسير الجلالين, , أسباب النزول للواحدي, تفسير الرازي).
روى هشام الكلبي أن العيص بن وائل السهمي عم عمرو بن العاص  كان من المخنثين الشاذين( مثالب العرب , ص20). فيالها من سمعة وضيعة لرجل أمه بغية  صاحبة راية, وأبوه (مدعيه) خلد ذكره القران مع الكافرين وعمه مخنث مأبون, فليس عجباً أن يكون وضيع كهذا عدوا للنبي وعدوا لال بيته.يدخل عمرو بن العاص الاسلام بعد أن عرف أن يد المسلمين ستكون هي العليا, ولكنه أضمر بغضه للنبي ولال بيته, وانتهز الفرص طمعاً في أمارة وسلطة يغطي بها على أصله الوضيع. فنال بمكره أمارة مصر في عهد عمر وعثمان وأعاده معاوية لولاية مصر في عهده كذلك . وخرج عمرو مع معاوية لحرب وصي النبي الامام علي  في وقعة صفين ,ولما حمي وطيس الحرب نزع الوضيع عمرو لباسه واظهر عورته فتولى عنه الامام علي ولم يقتله حتى قال معاوية لعمرو متفكهاً : (احمد الله واحمد إستك)( موسوعة الامام علي لمحمد الريشهري ,وعن البداية والنهاية لابن كثير ج7 ص264,مروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 397 ). وخلد التاريخ الحادثة وقد تقدم ذكرها في فصل ( الامام علي).

الوضيع ابن النابغة يفخر على الخليفة الثالث عثمان!
على الرغم من اشتهار عمرو بن العاص بوضاعة أصله  فأنه كان يفخر على الخليفة الثالث عثمان, فقال له يوما :
 (قد رأيت العاص بن وائل ورأيت أباك عفان فوالله للعاصي كان أشرف من أبيك , فانكسر عثمان وقال: ما لنا ولذكر الجاهلية، وخرج عمرو ودخل مروان فقال: يا أمير المؤمنين ! وقد بلغت مبلغا يذكر عمرو بن العاص أباك، فقال عثمان: دع هذا عنك، من ذكر آباء الرجال ذكروا أباه . ) ( الغدير للعلامة الاميني ج 9 ص 137, ونقله عن تاريخ الطبري ج5 ص 108, أنساب الاشراف للبلاذري ج5 ص 74, الإمامة والسياسة للدينوري ج 1 ص 42, الاستيعاب لابن عبد البر ترجمة عبد الله بن سعد بن أبي سرح، شرح النهج   ج1 ص 63) . ونقول أن كان العاص بن وائل الوضيع الابتر أرفع قدرا من عفان أبو الخليفة الثالث فكيف كانت وضاعة عفان ؟ عُرف عفان بلواطه, وسيأتي ذكر ذلك!

شر خلف لشر سلف ,عبدالله بن عمرو بن العاص!
 ورث عبد الله بن عمرو بن النابغة رداءة الاصل كأبيه عمرو فصار عدوا للأمام علي بن أبي طالب حتى خرج مع أبيه عمرو في جيش معاوية لحرب الامام  في صفين .. روى ابن الاثير أن عبد الله بن عمرو كان على ميمنة جيش معاوية  في  صفين , وله شعر في ذلك :
لو شهدت جمل مقامي ومشهدي  بصفين يوما شاب منها الذوائب
عشية جاء أهل العراق كأنهم  سحاب ربيع زعزعته الجنائب
إذا قلت قد ولوا سراعا بدت  لنا كتائب منهم وارجحنت كتائب
فدارت رحانا واستدارت رحاهم  سراة النار ما تولي المناكب
فقالوا لنا إنا نرى أن تبايعوا  عليا فقلنا : بل نرى ان نضارب ( أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الاثير, ترجمة عبد الله بن عمرو), هذا الوضيع يفخر بأنه لايبايع لعلي ويختار الحرب على ذلك! قال النبي (ص) لعلي : (
أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة ، من أحبك فقد أحبني ، وحبيبك حبيب الله ، وعدوك عدوي ، وعدوي عدو الله ، الويل لمن أبغضك بعدي)( فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل , ج2 ص 642). لايزال المسلمون الى عهدنا هذا يلحقون عبارة (رضي الله عنه) بعمرو بن العاص بن النابغة وبأبنه من بعده , فتأمل!





هند بنت عتبة
هي هند بنت عتبة زوجة أبوسفيان وأم معاوية . كانت قبل ابي سفيان زوجة الفاكه بن المغيرة المخزومي ثم طلقها الفاكه لشكه بخيانتها (أن الفاكه دخل عليها يوما ورأى رجلا عندها فقال : من هذا الذي خرج من عندك ؟ ! قالت: ما رأيت أحداً ولا انتبهت حتى أنبهتني . فقال لها: إرجعي إلى أمك . وتكلم الناس فيها)( الاغاني للاصفهاني ج9 ص 62), وزعموا أن أباها أخذها الى كاهن باليمن فحكم ببراءتها!( العقد الفريد لابن عبد ربه ج6 ,ص 68. الاغاني ج9 ص62. المنمق في أخبار قريش للبغدادي ص 110) . ثم تزوجها أبوسفيان بعد فراقها من الفاكه فولدت له معاوية! ( المنمق في أخبار قريش , ص 110). ويرجح هذا أن ابنها  معاوية من الفاكه وليس من أبي سفيان , وسيأتي تفصيله في ترجمة معاوية.
اشتهرت هند بعلاقاتها السفاحية ,ومن عشاقها الصباح وهو أسمر من اليمن كان مغنيا لعمارة بن الوليد, (كان أبو سفيان دميماً قصيراً وكان الصباح عسيفاً(أجيراً) لأبي سفيان شاباً وسيماً ، فدعته هند إلى نفسها)  (ربيع الأبرار للزمخشري ج1 ص 752)
  ضاجع الصباح هنداً فحملت منه فلما أتاها الطلق ذهبت لتضع ولدها في جبال أجياد ,وهي عادة زانيات مكة عندما يرمون أولادهم من السفاح تخلصاً من العار. ظنت هند أن وليدها  سيحمل سمرة عاشقها الصباح ,لكن اللون الابيض غلب عليه فأبقته ولم تنبذه ونسبته لزوجها أبوسفيان وسمته عتبة !وفي ذلك يقول الشاعر حسان بن ثابت :
لمن الصبي بجانب البطحاء في الترب ملقى غير ذي مهد
نَجَلَت به بيضاء آنسةٌ  من عبد شمسٍ صلتَة الخد(   مثالب العرب للكلبي, شرح النهج للمعتزلي ج1 ص 336)  , وقوله,بيضاء آنسة من عبد شمس يعني بها هند بنت عتبة.
وقال كذلك  :
لمن سواقط صبيان منبذة باتت تُفحَّص في بطحاء أجياد
باتت تمخض ماكانت قوابلها إلا الوحوش وإلا حنة الوادي
فيهم صبي له أم لها نسب في ذروة من ذرى الاحساب أياد
تقول وهناً وقد جدَّ المخاضُ بها يا ليتني كنتُ أرعى الشول للغادي( ديوان حسان , شرح البرقوقي).
حنقاً على الصباح عشيق هند بنت عتبة, يقوم عشيقها الاخر عمارة بن الوليد بقتل الصباح  ( فلما فشا خبر الصباح ووقوعه بهند ، غاربَه(من الغربة)عمارة بن الوليد بن المغيرة ، وكان يأتيها ، فخرج بالصباح إلى سفر وأمر به فطبخ له قدراً فأتاه به في يوم حار فقال: طعام حار في يوم حار ! وأمر به فشُدَّ في شجرة ورماه بالنبل حتى قتله ، لما نقمه عليه من أمر هند) (  المناقب والمثالب  للقاضي النعمان ص 246 4). مثل عتبة بن هند المجهول الاب , كان أبنها الاخر معاوية  كذلك:
(كان معاوية يعزى إلى أربعة : إلى مسافر بن أبي عمرو وإلى عمارة بن الوليد بن المغيرة وإلى العباس بن عبد المطلب وإلى الصبّاح مغنّ كان لعمارة بن الوليد . قال: وقد كان أبو سفيان دميماً قصيراً ، وكان الصبّاح  عسيفاً ( أجيراً) لأبي سفيان شاباً وسيماً ، فدعته هند إلى نفسها فغشيها) ( شرح نهج البلاغة ج1 ص 336, عن ربيع الابرار للزمخشري, المناقب والمثالب ص 243 للقاضي النعمان) . ولما كانت هند تحت أبي سفيان فإنه أدعى أن معاوية من صلبه وستر بذلك على عار سفاح زوجته هند , قال المعتزلي :( كانت هند تذكر في مكة بفجور وعهر)(شرح النهج ج1 ,ص336)
لم تدع هند بنت عتبة فرصة الا وانتهزتها في حرب النبي (ص) . فخسائرها  كانت كبيرة في حرب المسلمين, منها مقتل ابن زوجها حنظلة بن أبي سفيان وأخيها وعمها شيبة  فزاد ذلك من غيظها فخرجت يوم معركة أحد مع نسوة من قريش تحرض المشركين راجزة:
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
أن تقبلوا نعانق وان تدبروا نفارق
فيجيبها حسان بن ثابت  معرضا بها وبعائلتها فيقول:
لعن الإله وزوجها معها هند الهنود طويلة البظر
خرجتِ مُرقصة إلى أحد بأبيك وابنك يوم ذي بدر
وبعمك المستوه يعطي دبره شبان مكة غير ذي ستر ( الابيات في مثالب العرب للكلبي , تاريخ الطبري ج2 ص 205 , سيرة ابن هشام , باب أحد).
يعني بأبنها حنظلة بن أبي سفيان وإنما هو ابن زوجها فنسبه إليها وأمه ريحانة بنت أبي العاص , وبقوله (عمك المستوه ) فأنه عنى به عمها شيبة بن ربيعة وكان من المشهورين بالأبنة ( الشذوذ) في  قريش , ولذلك يقول ( يعطي دبره شبان مكة) وهو تصريح بلواط الرجل, ووصفه لهيئتها في البيت الاول كناية عن اشتهارها بالزنا , ثم يصرح حسان فيقول
ونسيت فاحشةً أتيتِ بها   يا هند ويحك سبّة الدهرِ
زعم الولائد أنّها ولدت   ولداً صغيراً كان من عُهرِ.

رثت هند أبيها عتبة وعمها شيبة وبقية أفراد أسرتها  الذين قتلوا ببدر ,وتشفت بأنكسار المسلمين في أحد فقالت:
نحن جزيناكم بيوم بدر  والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبر  ولا أخي وعمه وبكري 
شفيت نفسي وقضيت نذري  شفيت وحشي غليل صدري
فشكر وحشي علي عمري  حتى ترم أعظمي في قبري ( الابيات في سيرة ابن هشام , باب أحد)
هند الحانقة في معركة أحد كانت تقص آذان شهداء المسلمين وتجعلها قلائد لتشفي غلها , ووعدت عبدها  وحشي بالحرية إن استطاع قتل النبي(ص) أو علي أو حمزة عم النبي كما يقول أصحاب السير,  إن هند المعروفة بعهرها لاتتورع عن فعل أي شئ ضد الدين الجديد فليس بعيدا أنها وهبت نفسها لعبدها وحشي في سبيل تحقيق ما سعت إليه لكن أصحاب السير لم يصرحوا بذلك .تمكن وحشي من قتل حمزة عم النبي فاشتفت هند , ثم مثلت بجثث القتلى وبقرت بطن حمزة ولاكت كبده
 (ووقعت هند وصواحباتها على القتلى يمثلن بهم واتخذت هند من آذان الرجال وآنافهم خدما وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وحشيا وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها ) ( الكامل لابن الاثير ج1 ص 186 باب معركة احد). هذا الحقد المريض في عائلة هند وزوجها سرى في نسلها, فورث معاوية ابنها ذلك الشر كما تقدم ذكر سيرته وكذلك حفيدها يزيد الذي أكمل مسيرة جدته هند فكانت كربلاء وموقعة الحرة في عهده.
ظلت هند  لاتقبل دعوة النبي (ص) حتى يوم فتح مكة, فعند مجيئ زوجها أبوسفيان بخبر قدوم جيش المسلمين الى مكة لاقته هند بوقاحتها  وكما يلي:
قال النبي (ص) لابي سفيان :  (و يحك يا أبا سفيان ! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟  قال ابوسفيان : بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ! أما هذه والله فإن في النفس حتى الآن منها شيئا ! فقال له العباس : ويحك أسلم قبل أن تضرب عنقك . فشهد ، وأسلم ثم سأل له العباس رسول الله  : أن يؤمن من دخل داره ، وقال : إنه رجل يحب الفخر والذكر ، فأسعفه رسول الله في ذلك وقال : نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق بابه على نفسه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن . ثم خلى العباس سبيله ، فذهب حتى دخل المسجد وصرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش ! هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت : اقتلوا هذا الحميت الدسم الاحمس (شبهت هند أبا سفيان بزق السمن لسمنه) ، قبح من طليعة قوم . قال : ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم مالا قبل لكم به) ( الاستيعاب لابن عبد البر ص689) .
ظل لقب العاهرة لهند متعارفا عليه حتى بعد اسلامها, فهذه عائشة ابنة الخليفة الاول تصرح بذلك بعد مقتل أخيها محمد بن أبي بكر على يد جلاوزة بني أمية, فعندما جاء عائشة خبر مقتل أخيها - وكان الجلاوزة قد أدخلوه رحمه الله في جيفة حمار ثم أحرقوه كما تقدم في فصل أمية – حزنت عائشة حزنا عظيما , وبلغ الخبر أم حبيبة وهي أخت معاوية وأبنة هند فشوت كبشاً وبعثت به إلى عائشة تشفيا بمقتل محمد بن أبي بكر , فقالت عائشة : (قاتل الله ابنة العاهرة , والله لا أكلت شواء ابدا) (النص عن أحاديث عائشة للعلامة العسكري ج1 ص 350, نقلا عن تذكرة خواص الامة لسبط ابن الجوزي ص 107 باب الخوارج, وذكر المالقي الاندلسي في كتابه التمهيد والبيان في مقتل عثمان في ص 209 إن عائشة امتنعت عن أكل الشواء حتى مماتها بسبب هذه الحادثة ).  ليس عجيباً أن تقوم ابنة هند  بفعل كهذا تشفيا بمقتل محمد بن أبي بكر , فما فعلته أمها هند بنت عتبة كان أقبح ,فقد مثلت هند بحمزة عم النبي وناصره , والفرع يعود لأصله, وما فعله حفيد هند في كربلاء أفدح وأشنع, فيا له من منبت خسيس ومجمع رذائل ورث الابناء والاحفاد شره.




أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن هاشم
يلتقي نسب أبو سفيان مع النبي محمد (ص) في جدهما الاكبر هاشم, وهناك روايات تقول أن أمية جد أبو سفيان لم يكن في الحقيقة ابن عبد شمس وأنما هو عبد رومي أستلحقه عبد شمس كعادة العرب انذاك حيث كان أحدهم يتخذ عبداً ثم يستلحقه بعائلته ويعطيه اسمه فيصبح أبناً له, وكانت العرب تسمي الذي ينتسب لرجل وهو ليس بإبنه باللصيق ,
وعندما كانت المرأة في الجاهلية تلد ويشك زوجها بأن الوليد من رجل آخر وليس منه فأنه يأخذه الى  الصنم (هُبل ) ,وكان الصنم هبل في جوف الكعبة قُدامه سبعة أقداح مكتوب في أولها (صريح) وفي ثانيها (مُلصق) ,  فيهدي الرجل هدية للصنم ثم يضرب بالقداح فأن خرج حظه في القدح الأول وهو (صريح ) فأنه يلحق مولوده بعشيرته , وإن خرج حظه في القدح الثاني وهو (مُلصق) فأنه يعرف أن ولده ليس منه. ( بتصرف عن كتاب الاصنام للكلبي تحقيق أحمد زكي باشا  ص 28 , ومثله في السيرة الحلبية ج1 ص6 ) . ولهذا تجد في رسائل الامام علي بن أبي طالب  لمعاوية بن هند تذكيرا بهذه النعرة في بني أمية . فقد كتب معاوية الى علي مرة محاولا اضفاء شرعية على رغبته في التفرد بالحكم فسعى  بأن جعل نفسه من نفس الشجرة العائلية للنبي ,فذكر أن بني عبد شمس وبني هاشم جدهم واحد وهو عبد مناف فقال في رسالته: ( إنا وأنتم من بني عبد مناف  ) فأجابه الامام علي  : (ليس أمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق ، ولا المحق كالمبطل ، ولا المؤمن كالمدغل ، ولبئس الخلف خلفاً يتبع سلفاً هوى في نار جهنم). (شرح ابن أبي الحديد ج1 ص219).
يقول  شُراح معاني خطبة الامام أن قول الامام لمعاوية ( ولا الصريح كاللصيق) هو تنويه لمعاوية بأن جده الاكبر أمية لم يكن إلا لصيقاً بعبد شمس وليس من صلبه .
وفي ذلك يقول أبوطالب عم النبي (ص) في بني عبد شمس وبني نوفل عندما وقف القوم ضد دعوة الدين الجديد:
توالى علينا موليانا كلاهما   إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر
بلى لهما أمر ولكن تراجماً   كما ارتجمت من رأس ذي القلع الصخر
أخص خصوصاً عبد شمس ونوفلاً     هما نبذانا مثل ما نبذ الخمر
قديماً أبوهم كان عبداً لجدنا  بني أمية شهلاء جاش بها البحر. (  شرح ابن ابي الحديد ج14 ص 234, ومثله في سيرة ابن اسحاق ج1 ص 56)

البيت الاخير يبين أن بني أمية جاش بهم البحر ويعني ذلك أن الجد الاكبر أمية كان عبدا لعبد شمس جاء الى مكة عن طريق البحر ضمن تجارة الرقيق. ثم يذكر البيت كلمة (شهلاء) وهي لون العين ,والاشهل هو الذي في عينه شهل كعيون الروم وليس كعيون العرب سوداء أوبنية. أختلف بعض المؤرخين في حقيقة البيت الأموي وتوقفوا بين كون  أمية عبداً رومياً لعبد شمس وبين أنه ولده ومن صلبه ؟ وذلك الاختلاف يدل على صحة الشك في نسب أمية, فلو لم يكن هناك أختلاف لاتفق الجميع على سلامة النسب!
 يكفي أبوسفيان وضاعة ً أن تكون زوجته هند بنت عتبة وقد مر ذكرها , ويكفيه أن تكون جدته و اسمها حمامة بغية من ذات الرايات كانت لها راية في منطقة الابطح بمكة ! روى الكلبي :( أم أبي سفيان بن حرب صفية بنت حزن بن بجير الهلالي  ، وأمها نملة بنت عجرة السلمي، وأمها حمامة  وكانت لها راية بالأبطح  أمَة سوداء تنسب إلى غفار)( المثالب للكلبي  ص44, ومثله في شرح النهج للمعتزلي). أما والدة أبيه حرب بن أمية بن عبدشمس فهي بنت هممة بن عبد العزى وأم همهمة اسمها رعاية كانت لهلال بن معيط الكناني من سفاح ( بتصرف عن مثالب العرب ص44, وكتاب أنساب العرب, نسب حرب بن أمية للمؤرخ الكلبي) فيكون نسب أباسفيان من أمه ومن أبيه دنس , في الاول المومس حمامة صاحبة الراية وفي الثاني رعاية أمة هلال الكناني.



الوضيع عدو الشريف 
كان ابو سفيان صخر بن حرب من أشد المعادين للنبي فهو قائد جيش قريش في معركة بدر وفي أحد وفي الخندق,  وفي حربه للنبي (ص) تحالف أبو سفيان مع اليهود: (خرج كعب بن الأشرف في سبعين راكباً من اليهود إلى مكة بعد وقعة أحد ، ليحالفوا قريشاً على غدر رسول الله(ص)وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه، فنزل كعب على أبي سفيان ونزلت اليهود في دور قريش.... ثم قال كعب لأهل مكة: ليجئ منكم ثلاثون ومنا ثلاثون ، فنلزق أكبادنا بالكعبة ، فنعاهد رب البيت لنجهدن على قتال محمد ففعلوا ذلك) ( اسباب النزول للواحدي ص 103) لقد وصلت وضاعة أبو سفيان الى محاولته نبش قبر أم النبي  كي يساوم على رفاتها , فقبيل معركة بدر يمر كفار قريش  بمنطقة الابواء, وفي الابواء قبر السيدة آمنة بنت وهب أم النبي محمد (ص), فيقول أبو سفيان حينئذ :
(فإن يصب محمد من نسائكم أحداً قلتم: هذه رمة أمك, فإن كان باراً ـ كما يزعم ـ فلعمري ليفادينكم برمة أمه. وإن لم يظفر بإحدى نسائكم فلعمري فليفدين أمه بمال كثير. فاستشار أبو سفيان أهل الرأي من قريش في ذلك. فقالوا: لا تذكر من هذا شيئاً )(المغازي للواقدي, ص 158 ـ160) وقد مرت الرواية في فصل (الملك معاوية),. لم يسلم أبو سفيان الا بعد أن رأى من قوة جيش النبي وبعد أن هدده العباس بضرب عنقه فأسلم خوفاً كما تقدم  في ترجمة زوجته هند . 
أبو سفيان العاهر
اشتهر أمية بأنه كان من زناة العرب وبمثله اشتهر حفيده صخر بن حرب وهو ابوسفيان كذلك فقد كان من زناة قريش ( بتصرف عن كتاب مثالب العرب للكلبي, الصفحة 18), وكذلك كانت زوجته هند كما تقدم. فقد أدعى أبوسفيان أنه والد زياد بن أبيه الذي سيأتي ذكره لاحقا, وكذلك ضاجع أبو سفيان الحضرمية ليخاصم عبيد الله في أبنها طلحة كما سيأتي كذلك , وتقدم موقف أبو سفيان من عمرو بن النابغة  بإدعاءه أنه أب لعمرو  ولكن ليلى النابغة اختارت عليه العاص بن وائل لكرمه فصار عمرو بن العاص بدلاً من عمرو بن أبوسفيان!

 معاوية بن هند الملك الاول في سلالة بني أمية
معاوية أسلم بعد فتح مكة فهو من الطلقاء الذين عفا عنهم النبي . كان معاوية يأمل في انتصار أبيه المدعيه أبي سفيان في حربه ضدالنبي محمد (ص), وحين يئس أبو سفيان وقرر الرضوخ والسير في ركب المسلمين  ,كتب معاوية الى أبيه يحثه على عدم الاستسلام,  ويذكره بالاهل والاخوة الذين ماتوا في حروبهم لمحمد :
يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا بعد الذين ببدر اصبحوا مزقا
 خالى وعمى وعم الام ثالثهم وحنظل الخير قد اهدى لنا الارقا
لا تركنن الى امر يكلفنا والراقصات به فى مكه الخرقا
فالموت اهون من قول العداه لقد حاد ابن‏حرب ‏عن ‏العزى ‏اذا فرقا(شرح ابن أبي الحديد ج6 ص288 )
على خطى أبيه وأمه سار معاوية في طريق حرب النبي واله, ولما سنحت له فرصة المُلك  حارب الامام علي وكاد له المكائد  (راجع فصل أمية). كان معاوية يعاني من عقدة العار فهو لايعلم والده ! دون الزمشخري: (كان معاوية يعزى إلى أربعة إلى أبي عمرو بن مسافر, وإلى عمارة بن الوليد, وإلى العباس بن عبد المطلب. وإلى الصباح مغنى أسود كان لعمارة) ( كتاب ربيع الابرار للزمخشري, باب القرابات والأنساب), هؤلاء الرجال الاربعة  ضاجعوا  هند بنت عتبة أم معاوية , فلم يعلم معاوية الى أي نطفة صار أنتماءه, وأدعاه أبوسفيان فصار أبنه, تماما كما حصل في جيل سبقه حينما أدعى أمية ابنه ذكوان ( كما في ترجمة عقبة بن أبي معيط في فصلنا هذا), وكما حدث قبل ذلك في جيل اسبق حينما ادعى عبد شمس أمية, وكأن عقدة المجهولية وعار النسب يتوارثها بنو أمية خلفا عن سلف! وتستمر لعنة المجهولية وعار النسب فيقوم معاوية في عهده باستلحاق  زياد بن أبيه , فجعله يحمل اسم أباسفيان فصار زياد بن أبي سفيان , ولم يبال معاوية بأحكام الاسلام الذي حرم الاستلحاق وحرم اختلاط الانساب, وسيأتي ذكر ذلك في ترجمة زياد بن أبيه . ثم تتكرر اللعنة أيضا في يزيد بن معاوية, حيث تجد أن يزيدا  ليس من صلب معاوية بل دعيُّ هو الاخر! ان عقدة المجهولية لاحقت معاوية دائما وصارت قدراً لامناص منه في تاريخ الامويين, وكأن حتمية الاقدار هذه تفضح وضاعة الامويين وسفالة أصلهم ليفتح الناس أعينهم وبصائرهم ويعرفوا أن الوضيع هو العدو الاول لكل شريف سام.  ذكر الكلبي رواية في بلاط معاوية وكما يلي:
(وقع بين يزيد بن معاوية وبين اسحق بن طلحة بن عبد الله كلام عند معاوية وهو خليفة، فقال يزيد : إن خيراً لك أن تدخل بنو حرب كلهم الجنة
فقال اسحق: وأنت والله خيراً لك أن تدخل بنو العباس كلهم الجنة، فانكسر يزيد ولم يدرِ ما عنى ، ولم يكن سمع ذلك.
فلما قام اسحق قال معاوية : يا يزيد أتدري ما أراد إسحاق؟ قال : لا والله، قال : فكيف تشاتم الرجال قبل أن تعلم ما يقال فيك، قال يزيد: وما أراد إسحاق يا أمير المؤمنين ؟ قال : يزعم الناس أن أبي العباس بن عبد المطلب.)( مثالب العرب  لهشام الكلبي, ص36) معاوية في هذه الرواية يرى أن بعض الناس يرونه ابناً للعباس وليس لأبي سفيان وهذه الرواية مصداق لقول الزمخشري الذي قال أن معاوية كان يعزى إلى أربعة, فيالحيرة الرجل في أصله!
بدت وضاعة معاوية في مواقف كثيرة تقدم ذكر بعضها في حربه للأمام علي وصي النبي وابن عمه (راجع فصل الامام علي) , ويكفيه وضاعة أنه كان يكني النبي محمد (ص) بلقب جاهلي أخترعه أبوه وغيره من زعماء مشركي قريش , قال معاوية بن هند:
(أنَّ ابن أبي كبشة ليصاح به كلّ يوم خمس مرّات, أشهد أنَّ محمّداً رسول الله , فأي عمل يبقى؟ وأيَّ ذكر يدوم بعد هذا لا أباً لك! لا والله ألا دفناً دفنأ. )( عن الغدير للعلامة الاميني ,باب معاوية وعن صحيح مسلم بشرح النوويّ ج1 ص 81, المسترشد للطبري ج174 1, راجع فصل الملك معاوية في هذا الكتاب). ليس عجباً أن يتفوه  معاوية على سيد الخلائق محمد بن عبدالله الهاشمي ويكنيه بلقب أخترعه زعماء قريش ويتمنى زوال مجده فيقول ( الا دفناً دفناً) ! وكتب لنا البلاذري قصة حدثت في بلاط معاوية حينما عيره الشيخ الضرير عقيل بن أبي طالب بأصله الوضيع فلم يجد معاوية رداً! يقول البلاذري ( (حدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه قال : دخل عقيل على معاوية فقال له : يا أبا يزيد أي جداتكم في الجاهلية شر ؟ قال : حمامة!.  فوجم معاوية .قال هشام : وحمامة جدة أبي سفيان وهي من ذوات الرايات في الجاهلية )( أنساب الأشراف للبلاذري  ج2 ,ص72). أن عقيل يذَّكر معاوية بجدة أبيه المدعيه أباسفيان, واسمها حمامة وكانت من ذات الرايات في الجاهلية !

الخليفة الاموي الثاني يزيد بن ميسون سفاح وقعة كربلاء
تقدم ذكر جدته هند بنت عتبة وذكر جده أبوسفيان صخر بن حرب. أما أبيه فهو معاوية كما يقال وتقدم كيف ولد معاوية متحيرا في أصل نطفته, وحمل يزيد تلك الحيرى أيضا فيروى أن  معاوية شك  بزوجته ميسون فطلقها وهي حبلى بيزيد كما سيأتي! لنقرأ روايات التاريخ في ميسون أم يزيد , فمن هي أم يزيد؟
ميسون بنت بحدل امرأة  نصرانية من بني كلب في الشام وقد تقدم أثبات ذلك في فصل ( أمية , باب يزيد ) , كانت ميسون قبل زواجها من معاوية متزوجة من ابن عمها واسمه زامل بن عبد الاعلى ثم مات زامل مقتولا بيد أخيه الذي كان طامعا بالزواج من ميسون!  روى البلاذري  (وقال المدائني: طلق معاوية ميسون وهي حامل، وكان زوجها الذي قُتل عنها زامل بن عبد الأعلى فرماه بعض الأعراب؛ ولم يقل شيئاً، والصحيح أن الذي قتله أخوه.) (أنساب الاشراف للبلاذري ج 2 ص 129 ,مكتبة الوراق على النت ) وقوله : (أن الذي قتله أخوه) يعني به أن قاتل زوج ميسون هو أخوه الذي كان طامعاً بالزواج منها أيضا فلما تزوجها زامل قتله  حسداً , ثم تزوجها معاوية بعد ذلك .
لم يدم زواج معاوية من ميسون , فما أن حملت بيزيد حتى طلقها معاوية وهي في حملها! قال ابن كثير (  طلق معاوية ميسون الكلبية وهي حامل فولدت يزيداً وأبوها بحدل أو بجدل )( البداية والنهاية  ج8, ص 155). وقال كذلك في يزيد : (وكان أبوه قد طلق أمه وهي حامل به , وكان يزيد في حداثته صاحب شراب...) ( البداية والنهاية  ج8 ص 248).
إن الملك الذي ينتظر ولادة وريثه الشرعي الوحيد يبتهج فرحاً إذا علم بحبل زوجته , لكن معاوية طلق ميسون بعد حملها وهذا يرجح وجود شك في أصل النطفة .
 ولدت ميسون المطلقة ولدها في قومها في قرية حوارين ,فنشأ يزيد عند أخواله النصارى من  بني كلب ,  راجع فصل ( أمية ,باب يزيد).
بعد زواجها من معاوية , حنت ميسون الى بيئتها البدوية ولها أشعار في ذلك تضمنت  تصريحا  بعشقها لابن عمها متمنية أياه على زوجها الخليفة معاوية! تقول ميسون
(وخرق من بني عمي نحيف أحب إلي من علج عليف) (تاريخ دمشق لابن عساكر ج70 ص134) وقولها علج عليف تعني به معاوية كثير الاكل ,فوصفته بوصف الحيوان الذي لايفتأ عن علف الطعام, ويروي ابن عساكر أن معاوية لما سمع أشعار ميسون قال : (جعلتني علجاً ! فطلقها وألحقها بأهلها)( تاريخ دمشق ج70 ص134)
وقال معاوية كذلك (طالق ثلاثاً، روها فلتأخذ جميع ما في القصر فهو لها ثم سيَّرها إلى أهلها) ( حياة الحيوان للدميري ص 994). ويروى أن ميسون كان لها أبناء غير يزيد , قال الطبري : (من نسائه ميسون بنت بحدل بن أنيف بن ولجة بن قنافة بن عدي ابن زهير بن حارثة بن جناب الكلبي، ولدت له يزيد بن معاوية. قال علي: ولدت ميسون لمعاوية مع يزيد أمة فماتت صغيرة، ولم يذكرها هشام في أولاد معاوية.) ( تاريخ الطبري ج3 ص 223) . ونقول إذا كانت ميسون هي مطلقة معاوية وهي في حملها فأبنائها أو بناتها ليسوا من معاوية لأنها مطلقته ولم يذكر التاريخ أن معاوية أعادها , بل هو طلقها ثلاثا كما مر بنا . فقد يكون لها أبناء آخرين بعد طلاقها من معاوية , ويروى أنها كان لها بنت أسمها رملة وللشاعر عبد الرحمن بن حسان بن ثابت أشعار يتغزل برملة هذه وهذا خارج بحثنا, ولكنه يدل على أن ميسون كان لها أبناء بعد طلاقها من معاوية .
ما لاشك فيه أن ميسون بن بحدل كانت رائعة الجمال بحيث تقاتل أولاد عمها من أجلها, وقُتل زوجها الاول زامل لذلك كما تقدم أعلاه, وطمع فيها معاوية الذي كان ملكا متوجا قادرا على الزواج من أجمل النساء ,لكن فتنة ميسون  طغت عليه فتزوجها .إن اول صفات الجمال عند العرب بل في أغلب الامم هي البياض, فمن المحتم أن ميسون كانت بيضاء جميلة كما وصفها الشاعر :
(قال عمرو الزهري من كلب يهجو حسان بن مالك بن بحدل:
إذا ما انتمى حسان يوماً فقل له ... بميسون نلت المجد لا بابن بحدل
بخمصانةٍ ريا العظام كأنها ... من الوحش مكحول المدامع عيطل)
( أنساب الاشراف للبلاذري ج2 ص 129)
, وكان معاوية أبيضا جميلا كما قيل فقد أخذ جمال الطلعة والبياض عن عاشق أمه عمارة بن الوليد , وتقدم أن معاوية كان يعزى الى اربع رجال أحدهم عمارة بن الوليد وكان عمارة مشهورا بوسامته وجماله , فورث معاوية البياض عن عمارة بن الوليد عاشق أمه هند بنت عتبة, أما والده الرسمي أبو سفيان فكان  دميماً,(كان أبو سفيان دميماً ) (ربيع الأبرار للزمخشري ج1 ص 752). إذن بياض معاوية وبياض زوجته ميسون بنت بحدل يحتم بياض ولدهما! لكن يزيد لم يرث البياض عن ابيه ولا عن أمه فقد كان أسمرا شديد السمرة , قال الذهبي  في سيرة يزيد
(وكان ضخماً كثير الشعر شديد الأدمة بوجهه أثر جدري فقال الناس: هذا الأعرابي الذي ولي أمر الأمة) ( سير أعلام النبلاء للذهبي ج4 ص35 سيرة يزيد , التنبيه والإشراف للمسعودي ص264), وقوله شديد الادمة أي أنه داكن اللون شديد السمرة أقرب للسواد. فمن أين أتت هذه السمرة الداكنة لطفل أبواه من البيض؟ لابد أن واضع النطفة في رحم أمه أسود اللون من عبيد كلب ولهذا أشار البحراني فدون
(قد رووا  أن أمّه ميسون  بنت بحدل الكلبية ، أمكنت عبد أبيها من نفسها فحملت بيزيد ، والى هذا المعنى  أشار النسابة البكري فقال
فـان يكـن الزمـان أتى علينا بقتل  الترك والمـوت الوحيـيّ
فقد قـتل الدّعـيّ وعبد كلب بأرض الطــف أولاد النّــبي
أراد بالدعي عبيد الله بن زياد .. ومراده بعبد كلب يزيد بن معاوية لآنه من عبد بحدل الكلبي) ( الزام الناصب لابن راشد البحراني ص 170), فالنسابة على لسان البحراني يقول أن يزيد هو مولود لعبد أسود من عبيد قبيلة كلب , وليس من معاوية ولهذا سماه ب (عبد كلب).
إن هذا يبين سبب طلاق معاوية لميسون وهي حامل , فمن المحتم أنه شك في زناها مع رجل آخر وإلا كيف يطلق الملك زوجته وهي حامل وهو ينتظر ولادة ولي عهده!
إن النشأة المنحلة التي نشأ فيها يزيد وشعوره بالنقص لاصله الوضيع ,وحيرته في معرفة أبيه لابد أن كانت لها وقع على نفسه حتى أنغمس في تعاطي الخمور وليالي المجون.
ويالحكمة الاقدار التي حيرت يزيد في معرفة أبيه كما حيرت أباه معاوية وكما حيرت جده الاكبر أمية الذي أدعاه عبد شمس وألحقه به. إن السقوط الاخلاقي ليزيد يصل به الى  أحط المنكرات ,فقد ذكر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في خطبة له يزيداً ,ونوه للناس بشذوذ يزيد ولواطه فيا لها من شهادة من البيت الأموي نفسه .قال الذهبي واللفظ له ( عن ابن جريج، عن أبيه قال: خطبنا عبد الملك بن مروان بمكة، ثم قال: أما بعد، فإنه كان من قبلي من الخلفاء يأكلون من هذا المال ويؤكلون، وإني والله لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف، ولست بالخليفة المستضعف يعني عثمان ولا الخليفة المداهن يعني معاوية ولا الخليفة المأبون يعني يزيد)( تاريخ الاسلام للذهبي ج 5 ص 325, ومثله في المناقب والمثالب للقاضي النعماني ص 326, النزاع والتخاصم للمقريزي ص42, شرح النهج للمعتزلي ج6, البداية والنهاية لابن كثير ج9ص78)
 قال الشراح أن قوله ولست بالخليفة المستضعف عنى به الخليفة عثمان, ومر بنا ضعف عثمان في حكمه وتقريبه لعشيرته حتى ذبحه الناس وقوله :ولا الخليفة المداهن  فقد عنى به معاوية ,وكان معاوية يداهن ويسايس الناس, فهو القائل أن بينه وبين الناس علاقة لاتنقطع قد تكون أحيانا أدق من الشعرة ولكنه يسعى لأبقاء تلك العلاقة بسياسته ومداهنته, حتى أطلق المؤرخون على حكمته في مداراة الناس مصطلح ( شعرة معاوية),  أما قوله :ولا الخليفة المأبون , فقد عنى به يزيد بن معاوية, والمأبون في اللغة هو الشاذ الذي يلوط ويلاط به. قال الزبيدي  ( المأبون الذي تفعل به الفاحشة )( تاج العروس للزبيدي ج18ص5). لقد جمع يزيد الرذائل فوق وضاعة أصله ففاق الجميع في بغضه للنبي وآله (ص) , ووقعة كربلاء شاهد على ذلك.

الحكم بن العاص بن أمية وابنه مروان بن الحكم
 الحكم من ألد اعداء النبي (ص), دخل الاسلام بعد فتح مكة حاله حال طلقاء قريش . لشدة خبثه طرده النبي ونفاه الى الطائف مع ولده مروان, و مروان حينها صغيراً. كان الحكم خبيثاً يتسمع ما يسره النبي  إلى  أصحابه  ويسترق السمع والنبي في بيته مع أهله ثم يفشي ذلك للناس ، وكان يقلد النبي (ص) في مشيته سخرية ، فالتفت النبي (ص) يوما فرآه يحاكيه في مشيته ويختلج سخرية فقال النبي: ( فكذلك فلتكن ). فصار الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ، فعيره الشاعر عبد الرحمن بن الشاعر حسان بن ثابت: فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه ويذكره بأبيه الحكم:
إن اللعين أبوك فارم عظامه  إن ترم ترم مخلجا مجنونا
يمسي خميص البطن من عمل التقى ويظل من عمل الخبيث بطينا
( بتصرف عن الغدير للعلامة الاميني  ج8 ص 344, وعن أسد الغابة ج2 , ص 38)
وفي روايات أخرى يقال أنه ظل شهراً مريضا من دعاء النبي عليه, وظل يرتعش ويختلج الى أواخر عمره كالوزغ . وقول الشاعر ( يمسي خميص البطن من عمل التقى  ويظل من عمل الخبيث بطيناً) فيها تعريض خفي بشذوذ الحكم, فالشاعر يوحي للسامع بأن كبر بطن الحكم أنما هي من عمل الخبائث واللواط.
ذكر الاميني : (قال ابن حجر في الصواعق ص 108, قال ابن ظفر: وكان الحكم هذا يرمى بالداء العضال وكذلك أبو جهل كذا ذكر ذلك كله  الدميري في حياة الحيوان) (الغدير ج8 ص 250).  . وفي طبعة مكتبة المصطفى على النت لكتاب الصواعق المحرقة لابن حجر ذُكرت العبارة أعلاه في الصفحة 253.  ونقول هذا تصريح بشذوذ الحكم مثله مثل أبو جهل , فالداء العضال في لغة العرب كناية عن الفاحشة بين الذكور وهو فعل قوم لوط.
روى الدميري في الحكم مايلي: (ثم روى الحاكم عن عمرو بن مرة الجهني  وكانت له صحبة، قال: أن الحكم بن أبي العاص استأذن على رسول الله (ص)، فعرف صوته فقال (ص) :ائذنوا له لعنة الله عليه وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم، وقليل ما هم يشرفون في الدنيا، ويضيعون في الآخرة ذوو مكر وخديعة يعطون في الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق, قال ابن ظفر: وكان الحكم بن أبي العاص يرمى بالداء العضال وكذلك أبو جهل.) ( حياة الحيوان للدميري ص 1076) تأمل أن ابن ظفر قرن الحكم مع أبي جهل في خصلة الشذوذ وقد تقدم ذكر شذوذ أبي جهل . يقول ابن حجر  لدفع تهمة اللواط عن الحكم فيقول : ( ومانقله( الدميري) عن أبي ظفر في أبي  جهل لا تأويل عليه فيه بخلافه في الحكم , فأنه صحابي وقبيح أي قبيح أن يرمى صحابي بذلك فليحمل على أنه إن صح ذلك كان يرمى به قبل الاسلام) ( الصواعق المحرقة لابن حجر ج2 ص 527) . تأمل الرد المتهافت لابن حجر بقوله: (إذا كان شذوذ الحكم حقيقة مسلم بها فإنما كان كذلك كان قبل الاسلام) , وزد عجباً! ان الذي يتجسس على النبي في بيته, ويقلد مشيته سخرية ,ويحاكي حركاته وسكناته يُذكر كل صاحب عقل أن هكذا سلوك لا يخرج إلا من متخنث شاذ خبيث,  فأصحاب الشذوذ  يتفوقون على باقي الناس في فن التقليد والمحاكاة والتفكه والسخافات, وتلك فنون أتقنها الحكم الشاذ فأظهر مواهبه الخسيسة في تقليد خير الخلق.




خبيث يلد خبيثاً, مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية (ابن المذكور أعلاه)
أخرج الحاكم في المستدرك  من طريق عبد الرحمن ابن عوف وصححه أنه قال: كان لا يولد لأحد بالمدينة ولد إلا أتي به إلى النبي (ص) فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحكم عند ولادته فقال النبي فيه : (هو الوزغ ابن الوزغ، الملعون ابن الملعون) ( عن قراءة في المسار الأموي لمروان خليفات , الغدير للعلامة الاميني ج8, الحاكم في المستدرك على الصحيحين ج5 ص526) . هذه الرواية تبين معجزة من معجزات النبي (ص) , فليس للطفل الوليد ذنباً حتى يستحق تلك اللعنة , فلم يكن النبي يوما ظالماً لأحد فكيف يسمي النبي وليد الحكم بالوزغة الملعون ؟ لقد أثبتت الوقائع أن مروان كان أخبث الناس كأبيه في حربه للنبي ولال بيته ,وتلك معجزة نبوية برهنت أن النبي لم يقل كلمة الا في صواب. لقد لعن النبي مروان وأبيه الحكم في أكثر من موضع وهذه عائشة أرملة النبي محمد ترد على مروان عندما عاب على أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر فتقول عائشة لمروان في حديث طويل و منه قولها: ( ....ولكن رسول الله لعن أباك وأنت في صلبه فأنت فضض من لعنة الله)( ذُكرت هذه الرواية في أكثر من عشرين مصدر منها:(الجامع لأحكام القرآن للقرطبي  ج 16 ص131 ,  الكشاف للزمخشري ج4 ص304 , شرح النهج لمعتزلي ج6 ,ص 150, تفسير ابن كثير ج4  ص 159).  ومن المفيد ذكر أن البخاري في كتابه صحيح البخاري وكعادته في تجميل بنو أمية أنفرد عن غيره فحورَّ الرواية وأهمل ذكر لعن النبي للحكم ولأبنه مروان. لم تكتف عائشة بذلك بل قالت لمروان يوماً: (سمعت رسول الله يقول لأبيك وجدك - أبي العاص بن أمية -أنكم الشجرة الملعونة في القرآن) ( تفسيرالقرطبي ج 10 ص 158, تفسير روح المعاني للالوسي ج15 ص 107). 
كانت أعمال مروان وألاعيبه من اسباب مقتل الخليفة الثالث عثمان . يقول ابن كثير (ومروان كان أكبر الأسباب في حصار عثمان لأنه زور على لسانه كتابا إلى مصر بقتل أولئك الوفد، ولما كان متوليا على المدينة لمعاوية كان يسب عليا كل جمعة على المنبر)( البداية والنهاية لابن كثير ج8, راجع فصل الخليفة عثمان), ولايسب علي بن أبي طالب سوى صاحب الاصل الوضيع .
  للعصبية القبلية والحسد دور كبير في حرب النبي وآله كما تقدم , لكن ما يعنينا هو أصل النسب لمروان ولأبيه, فماذا كان منبت مروان وماهي نشأته؟
 أبوه الحكم , وقد مر ذكر شواهد لواط أبيه الحكم وشذوذه ويكفيه هذا وضاعة. أما جده لأمه فهو صفوان بن أمية بن محرث الكناني , فأم مروان هي آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن محرث الكناني ( وهو غير صفوان بن أميه الجمحي الذي تقدمت ترجمته ). يقول عالم الانساب  الكلبي في صفوان والد أم مروان , بأنه كان خليعاً يكنى بأبي الفواحش( مثالب العرب للكلبي). إن الذي يكنى بأبي الفواحش في مجتمع قريش آنذاك, لابد أن يكون قد بلغ من الفاحشة مبلغاً لم يطيقه  الناس, لأن انتشار  الزنا واللواط وزواج المحارم وتواجد صاحبات الرايات في ذلك المجتمع كان مقبولاً, فكيف يُسمى صفوان بأبي الفواحش ؟ لابد أنه قد حاز كل رذيلة و فاق الاخرين في أنحطاطه الاخلاقي  حتى كناه الناس بأبي الفواحش . ويذكر الكلبي أيضا أن آمنة أم مروان اشتهرت بسرقة غزال من الكعبة فعوقبت بقطع يدها في الجاهلية ,وكان قطع اليد ساريا للسارق قبل الاسلام. فقال حسان بن ثابت  في مروان  وفي أمه وأبيه:
وماطلعت شمس النهار وما بدت عليك بمجد يابن مقطوعة اليد( البيت  عن كتاب مثالب العرب )
وفي ديوان حسان بن ثابت عند تقصي قصيدة حسان تجد أن بيتها الثاني يقول:
أبوك لقيط الأم الناس موضعاً   تبنى عليك اللؤم في كل مشهد( ديوان حسان بن ثابت)
وهذا يعني أن البيت في مروان حتماً لأن حسان يقول في أبي مروان وهو الحكم بن أبي العاص بأنه لئيم وكان الحكم معروفاً بلؤمه وخبثه , وتأمل تسمية الشاعر  له باللقيط!
يستدرك هذا المعنى للأبيات  المدعو البرقوقي شارح ديوان حسان بن ثابت المطبوع في مصر عام 1929 ميلادية. وكأي مدافع عن أنظمة السلطة  يشرح البرقوقي أبيات الشعر أعلاه ويقول أنها في أبي البختري الأسدي . هذا التأويل في شرح الابيات مثال على التزوير الذي يسعى به وعاظ السلاطين  لتقديم صورة محسنة للطغاة وأولاد البغايا الذين حكموا المسلمين مثلما قال ابن حجر فيما سبق ذكره مدافعا عن الحكم الشاذ  (وقبيح أي قبيح أن يرمى صحابي بذلك فليحمل على أنه إن صح ذلك كان يرمى به قبل الاسلام) ( الصواعق المحرقة لابن حجر ج2 ص 527) , إن الاجيال المتعاقبة لهذه الامة تشعبت بالذلة ولاتقدر على قبول المثالب في حكامها وسادتها, فالذلة يرضعها  العربي  وينشأ عليها مستكينا للحكام الظلمة فيتقن الفقيه أو الاديب أو الشاعر مدح الحكام ,فعنده أن ذلك من التقوى ! الكلبي صاحب مثالب العرب الذي توفي سنة 204 هجرية هو أعلم في أشعار حسان بن ثابت وأقرب عهداً لذلك التاريخ من البرقوقي المتوفى في العهود المتأخرة, فما ندري كيف أهمل البرقوقي ذكر مروان وأمه السارقة ووضع بدلا من ذلك أسماً لرجل آخر؟ إن العارف بحيل التحريف وطمس الحقائق, يدرك أن وعاظ السلاطين الذين دونوا تاريخ الخلفاء وأعمالهم , درَّسوا فن تذلل الناس للطغاة, فنشأت أجيال تحكي ذلك الذل وتدافع عن حكام ظلمة وأولاد بغايا, وحاضرنا يشهد بذلك ويشهد المتكسبون وشعراء البلاط والمدونون بأعمالهم وبأدبياتهم  في تمجيد طغاة العرب المعاصرين. وكذلك هم مع الطغاة في أجيال أندثرت , فما أن ترى رواية تحكي أنحطاط خليفة أوسلطان ألا وينبري لها متكسب بقلمه فيجملها ويزخرفها ويؤولها لصالح الحاكم الظالم.
إن الذي يأتي من أب شاذ منحرف, ومن رحم أم سارقة, ومن جد يكنى بأبي الفواحش في بيئة العرب تلك يظل يحمل عقدة وضاعة المنبت والاصل , وفوق هذا كله كانت جدة أم مروان بغية من صاحبات الرايات في الجاهلية. واسمها مارية بنت موهب الكندي وكانت تسمى بالزرقاء لشدة سوادها
 (آمنة بنت علقمة الكنانية، وهي أم مروان، وأمها صفية بنت أبي طلحة من بني عبد الدار، وأمها مارية بنت موهب الكندي وهي الزرقاء التي يعيرون بها) ( أنساب الاشراف للبلاذري , ج2 ص 325 باب أولاد الحكم, ومثله في مثالب العرب للكلبي)
كان المسلون يعيرون مروان بن الحكم بجدة أمه الزرقاء , فكانوا اذا ذكروه قالوا ابن الزرقاء , وفي مايلي نتفٌ من تلك الشتائم:
شتم عمرو بن العاص مرة مروان بن الحكم فقال له : (يا ابن الزرقاء)( أنساب الاشراف للبلاذري , ج 5, ص 126 ). ويذكر ابن ابي الحديد قول عبد الله بن الزبير لمروان : (ما أنت وذاك يا بن الزرقاء) ( شرح ابن ابي الحديد) .
وقال عبد الرحمن بن أبي بكر لمروان يوما معيراُ أياه بأصله الوضيع :( يا ابن الزرقاء )( العقد الفريد لابن عبد ربه ج4 ص 371). وقال الحسين بن علي (ع) عندما هدده مروان بن الحكم : ( يا ابن الزرقاء  أنت تقتلني أم هو ؟) ( أنساب الاشراف للبلاذري ج 5 ص 126 )
ودخل مروان بن الحكم على معاوية بن يزيد فقال له:  (لقد أعطيت من نفسك ما يعطي الذليل المهين ثم رفع صوته فقال: من أراد أن ينظر في خالفة آل حرب بن أمية فلينظر إلى هذا ! فقال له معاوية: يا ابن الزرقاء ! أخرج عني لا قَبِلَ الله لك عذراً يوم تلقاه ).( جواهر التاريخ للكوراني ج3 ونقله عن أنساب الاشراف للبلاذري)
وقال سيد الشهداء الحسين بن علي لمروان : (يا ابن الزرقاء الداعية إلى نفسها بسوق ذي المجاز صاحبة الراية بسوق عكاظ ، ويا ابن طريد رسول الله ولعينه ! إعرف من أنت ومن أمك ومن أبوك؟) ( جواهر التاريخ للكوراني العاملي ج3, وعن هامش بحار الانوار )
قام المحرفون ووعاظ السلاطين بأسدال مايستطيعون على عار مروان بن الزرقاء ومجدوه ومجدوا أولاده ملوك بني أمية, وكيف لا والتاريخ يكتبه الغالب والحاكم , فمما قالوه في رد تهمة المومس الزرقاء زعمهم أنها زرقاء العينين ! ( وكانت تسمى الزرقاء من حسن عينيها)( جواهر التاريخ للكوراني ج3 نقلا عن كتاب الاحاد والمثاني ص 394). ونقول فات صاحب الاحاد والمثاني إن الذين كانوا يشتمون مروان لم يكونوا يمتدحوه بل هم ذكروا معايبه فإذا كانت زرقة العين من المحاسن فلماذا يذكرونها في شتمهم لمروان؟ لقد عنوا بشتائمهم جدته المومس فعيروه بها تذكيراً له بأصله الوضيع. ويغنينا ابن الاثير في تاريخه فيقول(وكان يقال له - أي لمروان ولولده بنو الزرقاء يقول ذلك من يريد ذمهم وعيبهم وهى الزرقاء بنت موهب جدة مروان بن الحكم لابيه وكانت من ذوات الرايات التى تستدل على بيوت البغاء )( الكامل لابن الاثير ج4 ص160)
لم يترك مروان بن الحكم بن الزرقاء المومس فرصة ألا وانتهزها في حرب النبي محمد وآله, فبعد استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب في موقعة كربلاء يبعث الخليفة يزيد بن ميسون برأس الحسين الى المدينة  , فقال مروان بن الحكم متشفياً : (يا حبذا بردك في اليدين ولونك الاحمر في الخدين.) ( انساب الاشراف للبلاذري ص 217, تاريخ الا سلام للذهبي ج2 و ص351) , فتأمل.
 ولما رأى  نساء آل أبي طالب رأس الحسين صرخن حزنا ,فقال مروان بن الحكم تشفياً
 عجت نساء بني زبيد عجة  كعجيج نسوتنا غداة الارنب
وقال مروان بن الزرقاء كذلك فرحاً بمقتل الحسين:
ضربت دوسر فيهم ضربة  اثبتت اركان ملك فاستقر.( انساب الاشراف ص 218 ) , ولا يشتفي بموت أشرف الناس وخيرهم سوى صاحب الاصل الوضيع!
 
طلحة بن عبيد الله ( ابن الحضرمية)
طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم, تيمي من قريش حسب ادعاء أبيه طلحة . رفعه مراجع الجمهور الى مستوى العصمة والتقديس, وقالوا أن هناك عشرة من صحابة النبي لايضرهم مافعلوا لأن النبي كان قد بشرهم بالجنة , واطلقوا على هؤلاء العشرة اسم العشرة المبشرة بالجنة , وطلحة أحد أولئك العشرة. اشتهر طلحة بنزول آية قرانية في حقه يطوي مؤيدوه كشحاً عنها ويتغافلون عن تفسيرها والاية هي: ( .. وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إن ذلك كان عند الله عظيماً ) (الاحزاب 53)
وسبب نزول الاية هو قول طلحة متوعداً : (لان مات محمد لأنكحن عائشة ) ,وعائشة هي زوجة النبي آنذاك! ومن العجيب أنه قال ذلك بعد إسلامه . ان من الوضاعة أن يتوعد الرجل أحد أصحابه ويقول له سأتزوج زوجتك بعد موتك! فذلك قول شنيع يدل على وضاعة المتكلم, فكيف إذا كان المعني بذلك خاتم الانبياء والرسل, بالطبع سيكون وقع الكلمة أفدح. ولذلك حاول مجملوا التاريخ تجاوز هذه الخطيئة التي تنم عن مرض نفسي يحمله القائل. فيما يلي تفسير الآية 53 من سورة الاحزاب في كتب المفسرين :
- تفسير الكشاف للزمخشري(إنّ رسول الله (ص) كان يطعم ومعه بعض أصحابه، فأصابت يد رجل منهم يد عائشة، فكره النبي ذلك، فنزلت آية الحجاب. وذكر أنّ بعضهم قال: أننهى أن نكلم بنات عمنا إلاّ من وراء حجاب، لئن مات محمد لأتزوّجن فلانة!).  عائشة من قبيلة تيم, وكذلك طلحة فهي ابنة عمه في عرف العشائر . فقول الرجل : (أننهى أن نكلم بنات عمنا ) يدل على أن القائل طلحة , أما كلمة فلانة فيفسرها السطر الذي سبقه وهو قول الزمخشري:( فأصابت يد رجل منهم عائشة) . وهكذا يتبين أن القائل هو طلحة والمعنية بذلك عائشة ولكن المفسر لم يصرح باسم طلحة وضع بدل ذلك كلمة قال رجل ,وكلمة فلانة .
-تفسير مفاتيح الغيب للفخر الرازي (قيل سبب نزوله أن بعض الناس قيل هو طلحة بن عبيد الله، قال لئن عشت بعد محمد لأنكحن عائشة!)
-تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة أن رجلاً قال: لو قُبض رسول الله (ص) تزوجتُ عائشة؛ فأنزل الله تعالى:  وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ  ). هنا المفسر يذكر صراحة من هي المرأة, ولكنه يتغافل عن ذكر الرجل  القائل .
-تفسير فتح القدير للشوكاني (وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال: قال طلحة بن عبيد الله: لو قبض النبيّ  لتزوّجت عائشة.). وهذا  تفسير واضح وصريح. 
  من التفاسير أعلاه وأن كان بعضها يحجم عن ذكر الرجل المعني بالاية ,ويستعيض عن اسمه بكلمة (فلان) , لكن جمع المصادر ومقارنتها يدل على أن فلاناَ هو طلحة بن عبيد الله والمرأة التي عناها هي عائشة ابنة أبي بكر التيمي وزوجة النبي محمد (ص).
لنبحث عن أصل طلحة ومنشأه. يقول عالم الانساب الكلبي ( أبو طلحة هو عبيد الله كان راعياً بالبلقاء , فلحق مكة , فأدعاه عثمان بن عمرو بن كعب التيمي .) وكما تقدم شرحه كان الادعاء سائداً في الجاهلية ,فكم من عبد استلحقه سيده بقومه ووهبه أسم عشيرته. وبذلك صار عبيد الله تيمياً بالانتساب. وفي ذلك يقول حسان بن ثابت في طلحة بن عبيد الله :
ألم تر أن طلحة في قريش به من الغطارفة العظام
وكان أبوه بالبلقاء عبداً في يده الشوك في جنح الظلام
هو العبد الذي جلب ابن سعد وعمان من آل بلد الشام ( الابيات عن هامش كتاب مثالب العرب بتعليق الدكتور نجاح الطائي, وهي عن كتاب تقريب المعارف لابو الصالح تقي بن نجم الحلبي ص358, ومثله في البحار للمجلسي ج32 ص 218). ويروي الكلبي في عبيد الله أبو طلحة  : (كان ممن يلعب به ويتخنث عبد الله أبو طلحة بن عبد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب) (مثالب هشام بن الكلبي ص17, ومثله في نهج الحق للعلامة الحلي), ويعني بقوله  أن والد طلحة كان من المأبونين الشاذين. أما أم طلحة, فهي صفية وكانت بغية من ذوات الرايات في الجاهلية, وأبو صفية اسمه ذرمهر الفارسي من منطقة حضرموت, ولذلك كانت قريش تسمي صفية ببنت الحضرمي.

أم طلحة ,الصعبة بنت الحضرمي
قال الكلبي في نسب أم طلحة  :(وكانت قصة ذرمهر: أن كلثوم الدئلي  كان شريفاً خرج إلى حضرموت فوجد الحضرمي ( الحضرمي هو والد صفية أم طلحة ) هناك وهو ذرمهر فاشتراه، وكان فارسياً فقدِم به مكة عبداً فأعتقه ورغب فيما رأى من جلده، وكان الحضرمي تاجراً يتّجر في أسواق العرب، فأصاب مالاً فدخل مكة ، فتزوج عاتكة بنت وهب، وتزوج حيث شاء وحل في بني أمية، وانقطع إليهم وحالفهم، ويقال إنه حالفهم لحلف كان بين بني نفاثة بن عدي من بني الدئل وحرب بن أمية. )( مثالب العرب , ص 44)
أما ولادة طلحة فهي كما يلي:
 أم طلحة صفية  بنت الحضرمي  كانت لها راية حالها حال بغايا مكة , استبضعت بأبي سفيان فوقع عليها  ،  وتزوجها عبد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، فجاءت بطلحة بن عبد الله لستة أشهر( باختصار عن مثالب العرب  ص26 , ص27) ,فاختصم أبو سفيان وعبد الله في طلحة فجعلوا أمره إلى صفية فألحقته بعبد الله، فقيل لها: تركتِ أبا سفيان؟ فقالت: يد عبد الله طلقة  ويد أبي سفيان نكرة ! فقال حسان بن ثابت  فيها:
فيا عجباً من عبد شمس وتركها
أخاها ذنابى  بعد ريش القوادم ( باختصار عن مثالب العرب للكلبي)
 و قولها يد أبي سفيان نكرة, كانت كناية عن البخل الذي أشتهر به أبو سفيان صخر بن حرب, وهو عين قول المومس النابغة حينما فضلت العاص بن وائل على أبي سفيان في إستلحاق ابنها عمرو , فقد قالت ايضا أن أبو سفيان شحيح بخيل وهي خصلة دنيئة أخرى من خصال أبوسفيان, وقد مرت الرواية.
يستأنف الكلبي فيقول : وكان أبو سفيان يعشقها (صفية بنت الحضرمي وهي أم طلحة) بعد ذلك، وقال فيها:
وإني وصفية فيما نرى بعيدان والودود قريب
فإن لم يكن نسب ثاقب فعند الفتاة بهاء وطيب
فمن لا مني اليوم في حبها يحاول رمساً  عليه الجنوب

قال الزمخشري :(ابن الصعبة : طلحة بن عبيد الله أضافه إلى أمه وهي الصعبة بنت الحضرمي وكانت قبل عبيدالله تحت أبي سفيان بن حرب فلما طلقها تبعتها نفسه قفال : فإني وصعبة فيما ترى  بعيدان والود ود قريب فأن لايكن نسب ثاقب  فعند الفتاة جمال وطيب وإنمأ أضافة إليها غضا منه لأنها لم تكن في ثقابة نسب)( الفائق في غريب الحديث للزمخشري)وقال ابن عبد البر :(الصعبة بنت الحضرمى كانت تحت أبى سفيان بن حرب فطلقها فخلف عليها عبيد الله بن عثمان التيمى فولدت له طلحة بن عبيد الله )( الاستيعاب لابن عبد البر ج3 ص 1086, ترجمة العلاء بن جارية الثقفي والعلاء الحضرمي طبعة النت) تأمل كيف أن صاحب الاستيعاب يلطف في نسب طلحة ويغير ماقاله الكلبي فيقر ان الصعبة كانت تحت أبي سفيان ولكنه يقول أنه طلقها, ومثله كتب الزمخشري كما تقدم ! فهل هناك طلاق للمومسات ؟ لإن الكلبي الذي نقلا عنه يقول تصريحا (أم طلحة صفية  بنت الحضرمي التي كانت لها راية حالها حال بغايا مكة  استبضعت بأبي سفيان)(مثالب العرب للكلبي) !
وعن هشام الكلبي عن أبيه قال:( افترى طلحة بن عبيد الله على الوليد بن عقبة ، فغضب عثمان له، وأراد ضرب طلحة، فغضب أبو سفيان وقال: هذا ثوب بن تلدة فسله إن كنت لا تعلم، فسكت عثمان. قال هشام: وإنما غضب أبو سفيان لأن أم طلحة كانت عند أبي سفيان، وكان بعض الناس ينسبه إليه) ( مثالب العرب ص57)
وهذه الرواية تبين سر ميل أبوسفيان لطلحة , فهو المدعي أنه هو الذي وضع نطفته في رحم أمه صفية ! أما ثوب بن تلدة في الرواية فهو من المعمرين العارفين بالانساب وقول أبوسفيان لعثمان : هذا ثوب بن تلدة , أنما عنى به أن ثوب بن تلدة عالم بالانساب وهو شاهد على أن والد طلحة الحقيقي هو أبوسفيان , ولذلك غضب له أبوسفيان وذَكَّر عثمان بأن يأخذ جانب طلحة ضد الوليد , لأن أبا سفيان هو الذي وضع نطفته في رحم صفية, فتأمل.
أما أخو طلحة واسمه ذر بن عبيد الله فأمه اسمها كريمة وهي أيضا صاحبة راية في مكة على قول الكلبي في المثالب, ويروى أن حسان بن ثابت عيَّر ذر بن عبيد الله ( أخو طلحة) فقال  في طلحة يذكر أخاه وكان بمكة : (بني ذر لا أباً لأبيكم *** تنقون في النادي بفتق الضفادع) وأبوهم هو أبوذرمهر الفارسي كما تقدم. بعد أسلامه تزوج طلحة  من بنت أبي سفيان بن حرب، فقال أهل المدينة : إن الحرام لا يحلله الحلال. ( ويعني ذلك أن طلحة تزوج من أخته لأن أبا سفيان كان يدعي أنه هو والد طلحة كما تقدم), وبذلك يكون طلحة قد تزوج بأخته من الزنا, فتأمل.
وقال عمرو التيمي لبني طلحة:
أنتـم جــوهرة لـولا الــذي نالكم من لطخ بنت الحضرمي
مسكة ومعجونة في جيفة غلب النتن على المسك الذكي
فاصـدقونا قومنا أنسـابكم وأقيــمونا على الأمـر الجلـي
لعبيــد الله أنتم معشـــر أم أبي ســــفيان ذاك الأموي
قلتم إنا كرام ســـــــادة قـلت فالكاذب منّا قصــمي ( بأختصار عن كتاب مثالب العرب).( بنت الحضرمي هي صفية صاحبة الراية وهو أم طلحة كما تقدم )
 الابيات أعلاه تبين أستقذار عمرو التيمي لانتماء  طلحة وأخيه الى عشيرته( بني تيم) , لأنهما أولاد  مومس صاحبة راية! فطلحة ولدته صفية ابنة ذرمهر الفارسي وأخوه ذر ولدته كريمة صاحبة الراية , وأبيات الشعر تبين أن بنو طلحة جواهر لكن نالهم لطخ وعار من بنت الحضرمي, ويعيرهم الشاعر كذلك بأنهم لايعرفون هل هم أبناء عبيد الله التيمي أم أبناء أبو سفيان صخر بن حرب الأموي زاني قريش الشهير.
وفي الجيل الثاني بعد عصر الرسالة وفي بلاط الملك معاوية يقع كلام بين يزيد بن معاوية وبين أسحاق بن طلحة بن عبيد الله  فيقول يزيد: (إن خيراً لك أن تدخل بنو حرب كلهم الجنة
فقال اسحق: وأنت والله خيراً لك أن تدخل بنو العباس كلهم الجنة، فانكسر يزيد ولم يدرِ ما عنى ، ولم يكن سمع ذلك. فلما قام اسحق قال معاوية : يا يزيد أتدري ما أراد إسحاق؟ قال : لا والله، قال : فكيف تشاتم الرجال قبل أن تعلم ما يقال فيك، قال يزيد: وما أراد إسحاق يا أمير المؤمنين ؟ قال : يزعم الناس أن أبي العباس بن عبد المطلب.)( بتصرف عن مثالب العرب , ص36) أن قول أسحاق أنما كان تعييراُ ليزيد بن معاوية ,فأسحاق يريد القول أن أبا يزيد وهو معاوية لم يكن ألا ابن زنا من العباس وليس من أبي سفيان , وقوله هذا أنما دفاعاً عن نفسه لأن يزيد كان يعني بقوله : ( إن خيرا لك أن تدخل بنو حرب كلهم الجنة ), أنما كان يعني به انه من مصلحتك يا اسحاق أن يدخل بنو حرب الجنة, لأنك يا أسحاق لست من جدك  عبيد الله التيمي كما تظن, وأنما أبو سفيان بن حرب هو الذي نكح جدتك صفية بنت الحضرمي فحملت بأبيك طلحة وليس لعبيد الله في ذلك صلة, فتأمل.

قد يقول قائل أن هذه الحقائق روايات آحاد رواها المؤرخ الكلبي ولم يذكرها غيره , ومن السهولة لمعارض هذه الحقائق أن يسقط المؤرخ الكلبي ليتخلص من ثقل هذه الحقائق الفاضحة , ولكن عند اكمال الصورة من من مصادر أخرى يظهر فراغ وخلل لايسده سوى الكلبي ورواياته , ويعني هذا احجام مؤرخي الجمهور عن هذه الحقائق والتعتيم عليها تجميلا لصورة طلحة المبشر بالجنة على زعمهم! فيما يلي روايات روتها كتب الجمهور تكمل الصورة وتبين صدق ما دونه الكلبي اقدم المؤرخين, لنقرأ مايلي:
ظل لقب ابن الحضرمية يلاحق طلحة طوال حياته, ففي أثناء حصار الخليفة عثمان ,وفي ذلك الحصار كان طلحة بن عبيد الله من أشد المناوئين للخليفة وفي في تأليب الناس على عثمان  حتى قتلوه, (راجع فصل عثمان). سمَّى عثمان أكثر من مرة طلحة بأبن الحضرمية إنقاصاً له وتذكيراً له بأمه . فيروي ابن أبي الحديد عن عثمان أنه قال : (ويلي على ابن الحضرمية (يعني طلحة) ، أعطيته كذا وكذا بهاراً ذهباً ، وهويروم دمي يحرض على نفسي ! اللهم لا تمتعه به ولقه عواقب بغيه) ( شرح النهج لابن أبي الحديد ج9,ص35). وللفائدة نذكر أن بهار الذهب هو مايحتويه جلد ثور من الذهب, فقد اعطى عثمان لطلحة كذا وكذا بهاراً ذهباً لطلحة بن الحضرمية ولكن ذلك لم يمنع طلحة من حرب عثمان. وفي أثناء الحصار على عثمان يأتي علي بن أبي طالب بقِرب الماء ويرسلها لعثمان بن عفان المحصور في البيت, فيمنع طلحة الرجال من الوصول الى عثمان كي يموت عطشاُ ويقول : (لا والله لا نعمة عين له ، ولا نتركه يأكل ويشرب ), فقال أمير المؤمنين علي : ( ما كنت أظن أن اكلم أحدا من قريش فيردني ، دع ما كنت فيه يا طلحة ). فقال طلحة : (ما كنت أنت يا علي في ذلك من شيء .) فقام علي بن أبي طالب مغضبا ، وقال : ( ستعلم يابن الحضرمية  أكون في ذلك من شيء أم لا ! ثم انصرف ) (تاريخ الطبري ج4 ص 385 باب مقتل عثمان, كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه ج2 ص 267 ) وقد مرت بنا الحادثة في فصل الخليفة الثالث عثمان .
ان تسمية أمير المؤمنين لطلحة بابن الحضرمية  وكذلك قول عثمان الذي سبق إنما هو انتقاصاً لطلحة  وتذكيرا له بأصله الذي جعله يعاني من عقد النقص في بيئة العرب تلك. بعد مقتل عثمان بن عفان يؤلب طلحة الناس على علي بن ابي طالب بحجة المطالبة بدم عثمان ,والحقيقة أنه كان طامعاً في الخلافة ( راجع فصل الامام).
كره الأمويون طلحة لأنه وقف في وجه الخليفة الثالث عثمان الاموي وكان طلحة من المشاركين في قتله, وفي معركة الجمل يخونه مروان بن الحكم  الذي كان معه في نفس الجيش ويضربه بسهم  فينزف حتى الموت. الغريب أن يرفع المؤرخون طلحة الى درجة التقديس وينصبوا له منصباً خيالياً فيصبح أحد العشرة المبشرين بالجنة , وتعليل ذلك ليس بالصعب على المتأمل في التاريخ, فهناك موقف شهير لطلحة اهله لنيل درجة التقديس عند كتبة التاريخ المتكسبون بخدمة الخلفاء , ذلك الموقف لطلحة هو حربه لعلي بن ابي طالب في معركة الجمل, فذلك الموقف جعل من الامويين الذين قتلوا طلحة يهللون لموقفه ذلك على الرغم من كرههم له ,فرفعه  الى درجة التقديس كان لبغضه عليا بن أبي طالب. أما قوله للنبي بخصوص عائشة و الذي أنزل سبحانه وتعالى فيه  قرآنا  ,فقد تغافل المؤرخون عن ذكره واكتفى بعضهم بتسميته بفلان تغطية له ارضاء لخلفاء بني أمية . لقد  ضخم المؤرخون قصة طلحة في معركة أحد عندما شُلت أصبعه  وكم غيره ممن فقد يداً أو فقأت عينه لم يمجدهم كتبة التاريخ كما مجدوا طلحة بن عبيد الله وسبب ذلك جلي واضح كما تبين. وختاما إن من يجرأ على تحدي النبي الاكرم (ص) ويقول سأتزوج زوجتك بعد مماتك, لابد أن يكون وضيع المنبت, فلا يملك تلك الجسارة ألا من ولدته مومس احتارت في صاحب نطفته.




الزبير بن العوام وابنه عبد الله بن الزبير
الزبير بن العوام رفعه علماء الجمهور الى مصاف التقديس وضموه للقائمة التشريفية وهي قائمة العشرة المبشرة التي أستحدثوها, وزعموا أن النبي قد بشر عشرة رجال بالجنة أحدهم الزبير بن العوام, ووفقاً لذلك أمن الزبير من كل نقد ولوم وتحصن بالقائمة المقدسة! هو ابن صفية بنت عبد المطلب عمة النبي محمد(ص) وقرابته من جانب أمه للنبي هلل لها علماء الجمهور وكتبتهم, وفاتهم أن القرابة لاتغني عن الانسان شيئاً في أحكام الدين. فعبد العزى أبو لهب عم النبي ايضا ولكنه مات كافراً. ومما رفع مقام الزبير في دولة الخليفة الأول ابو بكر هو زواجه من أبنة الخليفة أبوبكر وهي أسماء أخت عائشة . ان منصب العشرة المبشرة الذي ألصقه فقهاء الجمهور بالزبير وطلحة وغيرهم اعتمد على مواقفهم من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب, فلم يدرج الفقهاء أباذر الغفاري أو سلمان الفارسي أو المقداد أو حذيفة أو عمارا في غرفة العشرة المقدسة فهؤلاء من أنصار الامام علي وخاصته, ولكن كل من حارب الامام علي ووقف ضده نال كرسي في حجرة العشرة المبشرة بالجنة! ومن أراد تقصي ذلك فلن يخيب ظنه البحث.
كان الزبير في أول عهده موالياً لعلي بن أبي طالب ومحباً لال النبي وكان من المعارضين لولاية الخليفة الاول أبوبكر كما تقدم في فصل السقيفة, ولكن نشأ ابنه عبد الله على غير ذلك وفي ذلك يقول الامام علي  : (ما زال الزبير رجلا منا أهل البيت حتى نشأ ابنه المشؤوم عبد الله )(تهذيب ابن عساكر ج 7 ص 363 ، الاستيعاب لابن عبد البر  ص 353  ترجمة عبد الله بن الزبير ، شرح النهج للمعتزلي ج 2 ,ص 167 ، وكذلك ج 4 ص 480 . ) . إذن الايمان ليس حصانة دائمية ,فقد يسقط ابن ادم في فخ الشيطان ويغير من سيرته ,ويذكرنا هذا بحديث النبي محمد (ص) في يوم القيامة عندما يرى جمع من أصحابه يدخلون النار فيسأل عن سبب ذلك فيقال له لقد أرتدوا من بعدك وفي نص الحديث ( أنك لاتدري ما أحدثوا بعدك). فليس هناك ضمانا أبديا للصلاح , فالانسان يقضي عمره في كدح ومجالدة مع الباطل ,وفي كل يوم هو في صراع جديد قد يفلح وقد يخسر حتى يتوفاه ملك الموت. ان تأثير أسماء ابنة أبي بكر في ابنها عبد الله بن الزبير وتنشئته على بغض علي لايمكن التغافل عنه , فهي أخت عائشة الباغضة للإمام علي ويكفي عائشة أنها خرجت ضد علي في حرب الجمل ( راجع الجمل في فصل الامام), وهذا يبين سببا من أسباب بغض ابن الزبير لأمير المؤمنين علي ولآله.
تقدم في ذكر موقعة الجمل , خروج الزبير بن العوام وابنه عبدالله لحرب أمير المؤمنين وأنصاره وهذا دليل دامغ على بغض الزبير وابنه للإمام, فالذي يخرج لحرب رجل لايحمل ودا له بل يسعى لقتله ويرجو فناءه , ولهذا يقول الامام قبيل معركة الجمل (اللهم إن الزبير قطع رحمي ونكث بيعتي وظاهر علي عدوي فاكفنيه اليوم بما شئت) ( نهج البلاغة), فكانت نهاية الزبير قتلا بيد ابن جرموز .
كان الزبير بن العوام  من الذين اغتنوا غناء فاحشاً في عهد أبوبكر وعمر وعثمان فلما جاء عهد الامام علي عادت الأمور إلى ماكانت عليه أيام النبي, فساوى  الامام علي بين  المسلمين بعطائهم ونفقاتهم ( راجع فصل الامام علي ) فلم يحتمل الزبير ذلك التغيير.


ولتصور مدى تأثير المال والجاه عليه سنكرر سردا عن أملاكه :
( اكرمه عثمان  بستمائة ألف دينار حتى بنى الزبير احدى عشر دارا في المدينة ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة ، ودارا بمصر)(صحيح البخاري ج5 ص21, ومثله في مروج الذهب للمسعودي.). و خلف الزبير بن العوام  ألف فرس وألف عبد وألف أمة وخططا( مروج الذهب للمسعودي ج1و ص434, راجع فصل عثمان في تفاصيل ثروة الزبير). فلاعجب أن يبغض علياً الذي ساوى في العطاء بين الناس , فخرج لحربه في معركة الجمل ليقتل هناك . ولا عجب أن ينشأ ابنه عبد الله مبغضاً لال النبي .
 على الرغم من غنى الزبير الفاحش فقد كان بخيلاٌ وفيه يقول عمر بن الخطاب: (رجل بخيل ، رأيته يماكس امرأته في كبة من غزل ، فلا أولّي أمور المسلمين بخيلاً) ( شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد). وعلى خطى أبيه نشأ عبد الله بن الزبير بخيلاً طماعا باغضاً لال النبي محمد ومحارباً لهم.
لنذكر موقفاً من مواقف للزبير بن العوام ليطلع القارئ على رجل رفعه وعاظ السلاطين الى مستوى التقديس وليحكم القارئ بنفسه على رجل لاتجد عنه في كتب وعاظ السلاطين سوى التبجيل.  لما دخل الزبير بن العوام وطلحة وانصارهم الى البصرة كتب الزبير وطلحة وعائشة  هدنة مع حاكم البصرة انذاك وهو عثمان بن حنيف وتعاهدوا على السلم حتى يأتي الخليفة علي بن أبي طالب من المدينة الى البصرة, لكن الزبير وصاحبه طلحة بن عبيد الله خانا العهد والميثاق وغافلا الحاكم عثمان بن حنيف وهجما بجيشهم عليه  وهو يصلي بالناس فكتفوه وقتلوا من وقف معه, ومنعهم من قتل عثمان بن حنيف خوفهم من أخيه سهل بن حنيف الذي كان والي المدينة آنذاك فخشوا أن يقوم سهل بن حنيف بالانتقام من أهلهم بالمدينة فحفظوا حياة عثمان بن حنيف الوالي لكنهم عذبوه ونتفوا لحيته وشاربيه وقتلوا أكثر من أربعين رجلاً مسلماَ , وكان الزبير بنفسه يقتل حراس بيت مال المسلمين! ( بتصرف عن الجمل لضامن بن شدقم المدني, تاريخ الطبري, الكامل لابن الاثير ).  هذه الفوضى لو كانت  في عهدنا المعاصر  لحكمت الدولة على  الزبير وطلحة بالاعدام اللذين أهرقا دماء مسلمين أبرياء يعملون في دولة الخلافة. فأي مجد وأي شرف يحمل هذا الرجل حتى يتأهل لأن يكتبه وعاظ السلاطين في الخانة التي أخترعوها وهي خانة العشرة المبشرة بالجنة؟ أنه مبشر بالجنة عند خونة التاريخ ومحرفيه لسبب واحد هو أشهار سيفه ومسيره نحو حرب الامام في البصرة .




الولد سر أبيه , المشؤوم عبد الله بن الزبير يصرح ببغض آل النبي (ص)
بعد موت الخليفة الثاني لدولة بني أمية يزيد , ينجح عبد الله بن الزبير بأقامة مملكة مستقلة له تسيطر على الجزيرة العربية وجنوب العراق , ثم يلغي الصلاة على النبي في صلاة الجمعة في دولته  بغضا وحسداً! روى عمر بن شبة ، وابن الكلبي ، والواقدي ، وغيرهم من رواة السير أنه مكث أيام خلافته أربعين جمعة لا يصلي فيها على النبي ويقول : لا يمنعني ذكره إلا أن تشمخ رجال بآنافها ، وفي رواية بلفظ آخر يقول  : (إن له - الضمير يعود للنبي محمد ص- أهيل سوء ينغضون رؤوسهم عند ذكره)( النص عن كتاب أحاديث السيدة عائشة للعلامة  العسكري, ونقله عن  تاريخ اليعقوبي  ج3 ص 78 ,شرح النهج للمعتزلي ج1 ص 385 , ج4 ص 480 , 490  . مروج الذهب للمسعودي بهامش ابن الأثير ج 5 ص 163). (بقى عبد الله بن الزبير أربعين جمعة لا يصلّى علي النبىّ   فى خطبته حتي التاث عليه الناس ، فقال : إنّ له أهل بيت سوء إذا صلّيت عليه أو ذكرته أتلعوا أعناقهم ، واشرأبّوا لذكره ، وفرحوا بذلك ، فلا اُحبّ أن أقرّ عينهم بذكره) (مقاتل الطالبيّين للاصفهاني ص 397, تاريخ اليعقوبى ج2  ص261 )!
 روى البلاذري أن ابن الزبير قال لابن عباس : (لقد كتمت بغضك وبغض أهل أبيك مذ أربعون سنة ! فقال ابن عباس: ذلك والله أبلغ إلى جاعريتك(يقصد أنه لايشبه خؤولته وجدته صفية بنت عبد المطلب فهو كجعرور التمر) بغضي والله أضرك وأثمك  إذ دعاك إلى ترك الصلاة على النبي’في خطبك ، فإذا عوتبتَ على ذلك قلت إن له أهيل سوء فإذا صليتُ عليه تطاولت أعناقهم وسمت رؤوسهم ! فقال ابن الزبير: أخرج عني فلا تقربني . قال: أنا أزهد فيك من أن أقربك ولأخرجن عنك خروج من يذمك ويقليك . فلحق بالطائف)( جواهر التاريخ للكوراني ج3 وعن أنساب الاشراف للبلاذري ص857 طبعة النت)
أوصى النبي محمد (ص) المسلمين  أن يحفظوه في قرابته بنص الاية:( قل لا أسألكم عليه أجراً الا المودة في القربى)( الشورى 23) . لكن ابن الزبير أبطل الصلاة على النبي في صلاة الجمعة, ولاندري كيف كان يصلي ؟لان من أركان الصلاة  التلفظ بجملة: ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) ,وهي جملة يقولها المصلي أثناء جلوسه في  تشهده للصلاة , فإذا كان عبد الله بن الزبير قد ابطل الصلاة على محمد واستنكف عن ذكره فمن البديهي أنه أبطل التشهد في الصلاة وبَطٌلت بذلك صلاته, ولن تجد جواباً عند مجملي التاريخ ومزخرفيه في هذه المسألة غير السكوت والانكار. ومن الطريف ماذكره بعض المؤرخين في اشتهار عبد الله بن الزبير بالثبات في صلاته وكيف أنه كان لايهتم بما يجري حوله عندما يكون في فريضة الصلاة , فذكروا روايات في ذلك, منها أن ثعباناً أوشك أن يخنق أحد أولاده لكن عبد الله بن الزبير لم يلتفت لذلك لأنه كان في صلاته , فيا للعجب ! ونقول أنها صلاة باطلة أصلاً, فصلاة ليس فيها ذكر محمد والصلاة عليه وعلى آله باطلة بأجماع كل الفرق , فما حصل لعقول الناس حتى غابت عنهم تلك الحقيقة؟
لم يرض عبد الله بن الزبير بأبطال الصلاة على محمد وعلى ال محمد في خطب الجمعة وفي تشهده فقط, بل قرر أن يقتل من بقى من ال محمد ويحرقهم بالنار! وكما فعل زعماء كفار قريش في بداية الدعوة عندما حاصروا بني هاشم في الشعب وقاطعوهم, وفعل كذلك عصبة السقيفة بحملهم النار الى بيت فاطمة ( راجع فصل السقيفة) فعل ابن الزبير عين الشئ وحن لأيام الجاهلية وزاد فوق ذلك التهديد بالموت حرقاً, فجمع ال محمد في مكة وحبسهم وأتى بالحطب وقرر حرقهم , وفيهم محمد بن علي بن أبي طالب الذي يسمى بابن الحنفية.
(جمع( عبد الله بن الزبير) محمد بن الحنفية وعبد الله بن عباس في سبعة عشر رجلا من بني هاشم منهم : الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وحصرهم في شعب بمكة يعرف بشعب عارم وأراد أن يحرقهم بالنار ، فجعل في فم الشعب حطبا كثيرا فأرسل المختار أربعة آلاف ، فجدوا السير حتى انتهوا إلى مكة فباغتوا ابن الزبير وأنقذوا بني هاشم) ( أحاديث عائشة للعلامة العسكري  وعن مروج الذهب للمسعودي ج 5 ص 158 ,شرح النهج ج4 ص 487 ,495 , تهذيب ابن عساكر ج 7 ص 408 ) . و المختار المذكور في النص هو الذي قام بعد استشهاد الحسين بن علي في كربلاء ,وقرر الانتقام من قتلة ال النبي(ص).


نسب الزبير وابنه عبدالله :
هو عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى, هذا مايبدو هو نسب عبد الله وأبيه الزبير ولكن بعض المؤرخين  لهم رأي آخر ,فهم يرجحون أن العوام ليس ابنا لخويلد بل هو مُنسبٌ إليه كعادة عرب الجاهلية عندما يلحقون عبيدهم بهم ويعطونهم أسماءهم. يقول  بعضهم أن العوام هو قبطي الاصل من مصر, تبناه خويلد وألحقه به وأعطاه أسمه . قال النسابة الكلبي : (العوام يقال والله أعلم  هو نبطي من أهل قهقاء  وهي منطقة في مصر,ويزعمون أن أم العوام مازنية مازنة هوازن وفي ذلك يقول الشاعر :
لقد أصبح العوام فينا ونسله يحنّون شوقاً كل يوم إلى القبط
 إذا ذكرت قهقاء حنّوا لذكرها وللرمت المقرون والسمك الرقط
 إذا ما دعوت الكهل منهم لغيبة أتاها وإن يدعى إلى صالح يبط
 يردّ عليهم ما ادعى في أرومهم إلى أسد شكل ينازع للزط
 عيون كأمثال الزجاج وصبغة يحالف كعباً في محاكمة قطِ
ترى ذاك في الولدان أن خويلداً غداة تبناه ليوثق في الشرط
 بأنك إن تجنِ عليَّ عظيمة أُصيّركَ عبداً للهناةِ وللغبط( مثالب العرب ص55 )  
تأمل قوله  : (غداة تبناه ليوثق في الشرط ) فهو متبنى وليس أبنه بالدم.وذكر العلامة المجلسي هذه الحقيقة التي تسترت عليها كتب الجمهور فقال (وأما الزبير فكان أبوه ملاحا بجدة وكان جميلا فادعاه خويلد وزوجه عبد المطلب صفية) .( بحار الانوار ج32 ص 218).  كان السيد العربي يلحق من يختار من عبيده فيعطيهم أسمه ويهبهم أسم عشيرته ويزوجهم  فيصيروا بالعرف الاجتماعي من أولاده, لكن عقدة عدم الانتماء الى العشيرة يظل يعاني منها اللصيق في المجتمع العربي القبلي آنذاك  .
في بلاط الملك معاوية تدور محادثة بين عدي بن حاتم الطائي  وبين عبد الله بن الزبير بن العوام, وكان عدي بن حاتم قد فقد كلتا عينيه في حرب الجمل وهو في صف الامام علي. فقام عبد الله بن الزبير الذي كان ضد علي  يستذكر واقعة الجمل في حضرة معاوية ويستهزأ بعدي بن حاتم فيقول له : يا أبا طريف متى فقيت عينك؟
قال عدي بن حاتم : يوم فر أبوك ( يعني به الزبير بن العوام) , وقُتل شر قتلة, وضربك الأشتر على إستك فوليت هارباً من الزحف. ثم أنشد عدي بن حاتم الطائي شعراً وقال:
أما وأبي يا بن الزبير لو أنني لقيتك يوم الزحف مارمت لي سخطا
وقد كان في طي أبي وأبو أبي صحيحين لم تنزع عروقهم القِبطا
ولو رمت شتمي عند عدل قضاؤه لرمت به يابن الزبير مدى سخطا
 وقوله : (صحيحين لم ينزع عروقهما القبطا )تعريض بابن الزبير بأن أباه وأبا أبيه ليسا بصحيحي النسب وأنهما من القبط ولم يستطع ابن الزبير انكار ذلك في مجلس معاوية. ( بتصرف عن بحار الانوار ج32 ص 218, ومثل ذلك في المثالب للكلبي) .
كان عبد الله بن الزبير من المتزلفين لمعاوية فيروي ابن كثير:
(فلما أفاض معاوية طاف معه ابن الزبير وهو آخذ بيده ثم استدعاه إلى داره ومنازله بقعيقعان، فذهب معه إليها فلما خرجا قال: يا أمير المؤمنين إن الناس يقولون جاء معه أمير المؤمنين إلى دوره ومنازله ففعل معه ماذا، لا والله لا أدعك حتى تعطيني مائة ألف) ( البداية والنهاية لابن كثير , الجزء الثامن). تأمل هذا التزلف من أجل المال!
لتبييض صفحة عبد الله بن الزبير الذي حارب أمير المؤمنين علي  كما حاربه أبوه الزبير ,  ومنع الصلاة على النبي لمدة اربعين جمعة,  وأهرق دماء المسلمين من أجل أقامة مملكة بأسمه.وضع مجملو التاريخ  قصص طريفة في بطولاته الفارغة, دون كتبة البلاط روايات في بطولاته منها مايلي :
القصة الاولى
 (عن عامر بن عبد الله بن الزبير، قال: أقبل عبد الله بن الزبير من العمرة في ركب من قريش، فلما كانوا عند اليناصب أبصروا رجلا عند شجرة، فتقدمهم ابن الزبير، فلما انتهى إليه سلم عليه فلم يعبأ به ورد ردا ضعيفا، ونزل ابن الزبير فلم يتحرك له الرجل فقال له ابن الزبير: تنح عن الظل، فانحاز متكارها, قال ابن الزبير: فجلست وأخذت بيده وقلت: من أنت؟ فقال: رجل من الجن فما عدا أن قالها حتى قامت كل شعرة مني فاجتذبته وقلت: أنت رجل من الجن، وتبدو إلي هكذا؟ وإذا له سفلة وانكسر ونهرته وقلت: إليّ تتبدا وأنت من أهل الأرض، فذهب هاربا وجاء أصحابي فقالوا: أين الرجل الذي كان عندك؟ فقلت: إنه كان من الجن فهرب.
قال: فما منهم رجل إلا سقط إلى الأرض عن راحلته، فأخذت كل رجل منهم فشددته على راحلته حتى أتيت بهم الحج وما يعقلون)( البداية والنهاية لابن كثير , ترجمة عبد الله بن الزبير)
تأمل أن الرواية عن عامر بن عبد الله بن الزبير فالراوي من العائلة وعلى السامع التصديق!
القصة الثانية
(وقال سفيان بن عيينه قال ابن الزبير: دخلت المسجد ذات ليلة فإذا نسوة يطفن في بالبيت فأعجبنني، فلما قضين طوافهن خرجن فخرجت في إثرهن لأعلم أين منزلهن، فخرجن من مكة حتى أتين العقبة ثم انحدرن حتى أتين فجا فدخلن خربة، فدخلت في إثرهن فإذا مشيخة جلوس فقالوا: ما جاء بك يا ابن الزبير؟ فقلت: اشتهي رطبا، وما بمكة يومئذٍ من رطبة، فأتوني برطب فأكلت, ثم قالوا: احمل ما بقي معك، فجئت به المنزل فوضعته في سفط وجعلت السفط في صندوق، ثم وضعت رأسي لأنام، فبينما أنا بين النائم واليقظان إذ سمعت جلبة في البيت فقال بعضهم لبعض: أين وضعه؟ قالوا: في الصندوق، ففتحوه فإذا هو في السفط داخله، فهمّوا بفتحه فقال بعضهم: إنه ذكر اسم الله عليه، فأخذوا السفط بما فيه فذهبوا به قال: فلم آسف على شيء أسفي كيف لم أثب عليهم وهم في البيت !) ( البداية والنهاية لابن كثير , ترجمة عبد الله بن الزبير)(توضيح : الرجال الذين أتوا الى بيته في القصة من الجن ! والنساء اللواتي  طاردهن الى الخربة كذلك ! ثم تأمل كذبه فعندما يدخل مطارداً النساء الى الخربة ويرى شيوخ الجن جالسين لايقل لهم أنه كان يطارد النساء بل يقول أنه يشتهي رطباُ )
في هذه القصص ما يدل على خلق عجيب لرجل يدعي التقوى لكنه يطارد نساء في الحرم لاعجابه بجمالهن, وهي قصص كقصص ألف ليلة وليلة  تلهي عقول العامة عن معضلة الحكم وتحريف الاصول.إن الذي شب على بغض الامام علي  وبغض بنيه وأهله لن تفيده قصص الجن وبطولات الحكايات. لقد طمع عبد الله بن الزبير في ملك, وليس بعيداً في بيئة العرب الجاهلية تلك أنه كان يعاني من عقدة عدم الانتماء كون جده العوام ليس من خويلد وأنما ملحقاً به,  وربما عانى أبوه من نفس العقدة تلك ,وعلى الرغم من سماحة الدين ومساواته بين الناس فلم يفرقهم ألا بأيمانهم وبتقواهم, حَنَّ القوم الى عصبيات الجاهلية وتذكروا ماضيهم, فما أن رحل الرسول محمد(ص) الى عالم آخر حتى أخرجوا أضغانهم . فحاربوا بقية النبي وأهله ونصبوا البغضاء لهم في كل موقف.

عبد الرحمن بن عوف الزهري( من المهاجمين لبيت الزهراء)
مُبَشرٌ آخر من العشرة المبشرة بالجنة , هو عبد الرحمن بن عوف , وينتمي الى بني زهرة.  عبد الرحمن هو أحد الستة الذين رشحهم عمر لمجلس خلافته  ( راجع فصل عمر). من بين ستة رجال وهم رجال الشورى جعل عمر بن الخطاب الأمر بيد عبد الرحمن بن عوف في اختيار الخليفة المرتقب . وكما تقدم فقد كان عمر يعرف  من سيكون الخليفة من بعده  ,لذلك أختار عبد الرحمن بن عوف, فالخليفة الجديد عثمان بن عفان كان صهر عبد الرحمن بن عوف ولن يتخلى عنه فصفق على يده . (عبد الرحمن كان متزوجا من أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهي أخت الخليفة الثالث عثمان لأمه) , وفي ذلك يقول الامام علي  فيما دار في مجلس الشورى : ( ومال الاخر لصهره) ( نهج البلاغة , الخطبة الشقشقية) , ويعني بذلك أن عبد الرحمن مال لصهره عثمان وسلمه الخلافة. وذلك ماكان يتوقعه عمر بن الخطاب  فقد ورثَّ الخلافة لبني أمية وفقاً للمخطط . لقد قام عبد الرحمن بعمل شنيع بحق الامام علي  وخدعه أثناء الشورى ليرفع من حال صاحبه عثمان بن عفان, مع علمه بأن علي هو أحق بالخلافة من غيره , إن فعل ابن عوف ذاك يبين لكل طالب بغض عبدالرحمن لعلي أخو النبي محمد وابن عمه وزوج ابنته ,وهو بغض لايفعله من كان يحب النبي محمد ويرجو رضاه. كان حب الدنيا وزينتها هو العامل الرئيسي كما يبدو في تصرف عبد الرحمن , فهو علم أن علياً سيعيد ألامور الى نصابها كما كانت أيام النبي وعند ذلك سيخسر المليونير عبد الرحمن من ماله الكثير, فقد كان من أغنى الناس في عصره -(راجع ثروة عبدالرحمن في فصل عثمان)- ,وكذلك كان عبدالرحمن يطمح في أن يوصي عثمان له  بالخلافة من بعده ( راجع الشورى في فصل عمر).
وقد يكون نسب عبد الرحمن بن عوف عاملا في تنحية الامام علي  عن منصب الخلافة!
قال الكلبي في عبد عوف ,وهو جد عبد الرحمن :
(
وكان عبد عوف بن عبد الوارث بن زهرة من أهل عين التمر يعزى إلى تغلب، وكان يسمى عرقوباً ، وابتاعه رجل من قريش فقدم به مكة، فاشتراه عبيد بن الحرث  فادّعاه وألحقه به، فقال في ذلك مسافر بن عبد عوف:  سائل قريش وأحلافها ....... من كان عوف لها ينسب! وكان عوف بن عبد عوف عبداً لخزاعة، وكان يسمى  سحيماً، وكان حجاماً ، وكان في أخوة ثلاثة سحمة ودبل ودبيل، وكانوا عبيداً لخزاعة ، وأمهم ممتعة وأمها غزالة وأمها دمامة طرقها غيره فولدت أربعاً كنّ لخزاعة، وكانت ممتعة تسمى فارة الحبك، وكانت بغياً من بغايا الجاهلية ذات راية، فأما سحيم فاشتراه أزهر بن عبد عوف فألحقه بأبيه، وكان أكبر من عبد عوف وسمّاه يوم ألحقه عوفاً.) ( مثالب العرب ص37)
يتبين  أن عبد الرحمن كان من تغلب وليس من بني زهرة فهو ملحق ببني زهرة كعادة عرب الجاهلية باستلحاقهم عبيدهم ,وكان عوف عبداً من عبيد خزاعة وأمه ممتعة مومس من صاحبات الرايات في مكة. ويعني ذلك أن جدة عبد الرحمن بن عوف كانت مومساُ صاحبة راية! وهذه مثلبة لا يستطيع حاملها الفكاك عنها. ليس بعيداً أن الجذر العائلي لعبد الرحمن جعله يشعر بعقدة النقص تجاه ذو الأصل الشريف, وليس بعيداً أن ذلك كان عاملا من العوامل التي جعلت من عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف باغضاُ لعلي الهاشمي صاحب الشرف السامي في قبيلة قريش.




 سعد بن مالك ,وهوسعد بن أبي وقاص ( من المهاجمين لبيت فاطمة على قول بعض المصادر) 
محصن كمن سبقه بشرف كرسيه في جماعة العشرة المبشرة , وسعد كذلك هو أحد الستة الذين عينهم عمر في مجلس الشورى, ومال عن علي ليختار عثمان بن عفان . وفيه يقول الامام علي:( ومال الاخر لضغنه) ( نهج البلاغة , الخطبة الشقشقية), وهذه اشارة  ببغض هذا الرجل لعلي ولعترة النبي ولهذا مال عنه وأختار عثمان بن عفان.  ويعلل المفسرون أن سبب البغض هو قتل علي لأقارب سعد بن أبي وقاص في حروب النبي محمد (ص) لقريش ,فأم سعد هي حمنة بنت سفيان بن أمية وقد قتل الامام الكثير من بني أمية أخوال سعد بن أبي وقاص في معارك بدر وأحد وغيرها, وفي ذلك يقول الشيخ محمد عبدة :
(كان سعد بن أبي وقاص في نفسه شئ من علي من قبل أخواله لأن أمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس ولعلي في قتل صناديدهم ما هو معروف ومشهور.)( شرح نهج البلاغة  لمحمد عبده ج 1 ص 88 .) .ويُروى أن امه حمنة بنت سفيان بن أمية كانت في الحقيقة متبناة أدعاها سفيان لجمالها ,وشرح ذلك سيأتي.
نتيجة ضغنه على الامام علي, نال سعد بن أبي وقاص كما نال غيره كرسي في قائمة العشرة المبشرة بالجنة  . كان سعد من المبايعين لابي بكر , روى ابن قتيبة : (أن بني زهرة اجتمعوا بعد وفاة النبي في المسجد وحين ذلك دخل أبوبكر وأبو عبيدة وعمر فقال لهم عمر : مالي أراكم حلقاً شتى؟ قوموا فبايعوا أبابكر فقد بايعته الانصار, فقام سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بني زهرة فبايعوا)(الامامة والسياسة ج 1 ص 18), فسعد وعبد الرحمن بن عوف سارعا الى بيعة أبي بكر مع علم سعد بأن علياً أولى بها , وسيأتي ذكر أحاديث للنبي (ص) يرويها سعد نفسه , وفي تلك الاحاديث أولوية علي على غيره من المسلمين , لكن سعداً رغماُ عن أحاديث النبي التي رواها في حق علي  بايع أبابكر, فيا للعجب ! ويروي ابن قتيبة كذلك أن عمار بن ياسر المناصر لعلي بن أبي طالب كلم المعارضين لعلي  بعد مقتل عثمان ومنهم عبد الله بن عمر بن الخطاب وسعد بن ابي وقاص ومحمد بن مسلمة في سبيل أستمالتهم لعلي لمبايعته , لكنهم تجاهلوا ذلك ولم يبايعوا علياً! , يقول الدينوري متحدثاً عن عمار بن ياسر: ( ثم أتى سعد بن أبي وقاص فكلمه، فأظهر الكلام القبيح، فانصرف عمار إلى علي، فقال له علي: دع هؤلاء الرهط، أما ابن عمر فضعيف، وأما سعد فحسود، وذنبي إلى محمد بن مسلمة أني قتلت أخاه يوم خيبر: مرحب اليهودي)( الامامة والسياسة لابن قتيبة  ج1 ص47). تأمل قوله : ( فأظهر الكلام القبيح). وهو يدل على حنق على الامام علي , ثم تأمل فراسة الامام بقوله : (وأما سعد فحسود) ,  النص الاخير تم بعد مقتل عثمان بن عفان , فسعد بن أبي وقاص لم يتنازل عن خذلانه وبغضه للأمام علي.
لكن المدقق في التاريخ يرى أن سعد بن أبي وقاص روى أحاديثا عن النبي (ص) , فيها حث  النبي الناس على حب علي بن أبي طالب وعلى أتباع أمره وعلى نشر مناقبه , لقد ذهب سعد بعيداً عن علي وعن أنصاره, إلا أنه  عاد بعد اغتيال الامام في ترديد أحاديث النبي التي ترفع من شأن علي وتجعله أفضل الناس منزلة بعد النبي محمد(ص)! فيا للعجب, أين كانت تلك الاحاديث مخفية في أيام الخلفاء الثلاثة ؟ ولماذا سعد لم ينطق بها أو يعمل بها إلا بعد اغتيال الامام علي ؟ تحير بعض كتبة التاريخ في  مواقف سعد المتباينة في علي ,ومن المتحيرين معاوية نفسه كما سيأتي.
إن تفسير ذلك التخبط في موقف سعد ليس بالعسير على من يتفحص تاريخ الانسانية ويقارن بين حوادث التاريخ. ففي تاريخ الثورات والاديان عندما يموت البطل الذي تحاربه الاكثرية ينتهي وجوده في الدنيا ويصبح في عداد الموتى ,ولن يضره بعد موته نقد اللائمين ,وكذلك لن ينفعه مدح المداحين, لذلك تجد وكثير  في تاريخ الشعوب أن البطل المقتول يُمجَّد من قِبَلِ قاتليه, وترفع صوره في الميادين, فهو لم يعد يشكل خطراً على محاربيه وباغضيه لذلك يُظهر حساده ولاء منقطع النظير بعد موته,  ان ذلك الولاء الكاذب لرجل ميت يُثَّبتْ باغضيه ومحاربيه في مراكزهم, و بمواقفهم تلك يكسبون أصوات أنصاره المخلصين وولائهم ,ويخرج من دائرة الولاء تلك أصحاب البصيرة  الثاقبة التي ترى دجل المتباكين على البطل الراحل. ان ذاكرة الشعوب الضعيفة تنسى  قصة القتل بتعاقب الايام وتبقى في الذاكرة حسنات المداحين الاحياء والمعاصرين, فينالوا رفعة وإن كانوا هم الذين حاربوه وبغضوه. ومثل ذلك حصل للأمام علي بن أبي طالب بعد استشهاده , فحساده ومبغضيه الذين خذلوه  أمثال سعد بن أبي وقاص وغيره أصبحوا يذكرونه بخير ويشهرون مناقبه بعد موته,ولن يفيده ذلك شيئاً فهو في عداد الموتى ,لكن نشر تلك المناقب على لسان حاسديه ومبغضيه رفعهم الى مصاف المجد عند كتبة التاريخ الاسلامي ومحلليه, فتجد أن جل الكتاب يذكرون سعداً بخير لأنه مدح الامام علي  في أحاديث كثيرة ,وتناسى أولئك الكتاب مواقف سعد من علي ومن بيعته قبل ذلك . لقد  روى سعد الأحاديث النبوية التي تُكرم علي بعد رحيله,  لكنه تناساها في فترة حياته , منعه من ذلك الحسد والضغينة وربما عقدة النسب .  ليس هناك أي فخر لسعد في سرده لفضائل أمير المؤمنين بعد رحيله, فهو قال ذلك بعد فوات الاوان وحسدا لمعاوية الذي نصب نفسه ملكا رغما عن أنوف الناس ومنهم سعد .  لقد تخلى سعد بن أبي وقاص  عن علي وصي الامة في أحلك الساعات واعتزله ,بل تكلم بقبح عنه في مراحل خطيرة من مسيرة الامة, ثم عاد بعد موته يمدحه , ولن تفيد الموتى  المدائح ولن يحتاجوا إليها وهم في عالم آخر. ثم أن سعدا بن أبي وقاص لم يذكر علياً بخير في البداية لأنه كان طامعاً في منصب  فهو كان والي الكوفة في عهد عمر ثم أقاله عمر من ولايته على الكوفة وعين محله أبا موسى الاشعري وأمره بالقدوم الى المدينة المنورة (يثرب) ليكون بجانب الخليفة!  يأتي سعدا الى العاصمة وهي المدينة المنورة ليبقى حيناً بجانب الخليفة عمر , وتقدم في ( فصل عمر) عزل عمربن الخطاب  لسعد عن أمارة الكوفة الذي كان عزلاً وقتياً ومن ضمن خطة أعدها عمر  لجلب سعد الى المدينة  لترجيح أصوات مجلس الشورى الصوري حتى يفوز عثمان وينال الخلافة, وهذا ما تم فقد أعطى سعد بن أبي وقاص صوته لعثمان  ولم يقف بجانب الامام علي  بل خذله كما خذله قبلها  يوم السقيفة يوم بايع سعد لأبي بكر ووقف ضد علي بن أبي طالب ,وكان سعد من المهاجمين  لبيت فاطمة ابنة النبي (ص)  كما تقدم ذكره. وعد عمر بن الخطاب سعداً  بأنه سيعطيه أمارة بعد ذلك, ولما قُتل عمر قام الخليفة الثالث عثمان بتنصيب سعد بن أبي وقاص واليا على الكوفة مرة ثانية كرد جميل له على أعطاءه صوته في مجلس الشورى , ثم يعزل عثمان سعدا عن أمارة الكوفة ويعين الفاسق الوليد بن عقبة بن معيط واليا على الكوفة فدامت ولاية سعد بن أبي وقاص على الكوفة في عهد عثمان أقل من سنة ثم بعد عزله صار حاله كحال أي مواطن آخر . ذلك  العزل عن المنصب في عهد عثمان, لابد أن عانى منه سعد في آخريات أيامه ,وعرف أن حلمه في الامارة سوف لن يتحقق في عهد عثمان وانصار عثمان من بني أمية,  فلم يجد بداً سوى إظهار فضائل علي بن أبي طالب إنتقاما من عثمان ومن عشيرته.

قال سعد بن أبي وقاص في علي  : (سمعت رسول الله  يقول في علي خصالا ثلاثا لئن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعته يقول : إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وسمعته يقول : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، وسمعته يقول : أيها الناس من وليكم ؟ قالوا : الله ورسوله ثلاثا فأخد بيد علي فأقامه ثم قال : من كان الله ورسوله وليه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) (خصائص الإمام النسائي ص 18 و ص 35 )
ويقول سعد  سمعت رسول الله يقول لعلي :  (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ة يحبه الله ورسوله قال: فتطاولنا لها فقال : ادعوا عليا .. ولما نزلت هذه الآية فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ( آل عمران : 61 ) دعا رسول الله (ص) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي) (صحيح مسلم ج 7 ص 119 باب فضائل علي بن أبي طالب ) .
سعد روى الحديثين أعلاه وغيرهم في علي , لكنه خذله ولم ينصره , ثم يعترف بعد استشهاد الامام بأحقيته بالخلافة لمكانته ولوصية النبي (ص) فيه فيكتب إلى معاوية كتابا :
 ( أما بعد, فإن أهل الشورى ليس منهم أحق بها من صاحبه, غير أن عليا كان من السابقة, ولم يكن فينا مافيه, فشاركنا في محاسننا , ولم نشاركه في محاسنه, وكان أحقنا كلنا بالخلافة, ولكن مقادير الله تعالى صرفتها عنه , حيث شاء لعلمه وقدره. وقد علمنا أنه أحق بها منا ,ولكن لم يكن بد من الكلام في ذلك التشاجر, فدع ذا, وأما أمرك يامعاوية...).( الامامة والسياسة ج1 ص 91) . تأمل القاء التبعة على المقادير وزد عجباً . إعتراف سعد هذا دليل على خيانته للأمانة ,منعه من ذلك بغض في قلبه وحسد أعمى بصيرته وفشلا في نيل منصب مرموق.

الولد سر أبيه , عمرو بن سعد بن أبي وقاص
شب ابن سعد بن أبي وقاص في عهد معاوية وصار قائداً للجيش الذي حارب الحسين بن علي في كربلاء( راجع كربلاء في فصل أمية). ويالعجائب الاقدار فكما طمَّعَ عمر بن الخطاب سعداَ في الولاية إن هو أعطى صوته لعثمان فخان سعدُ الامام علي  وأعطى صوته لعثمان مع معرفته بمقام أمير المؤمنين وأولويته على الاخرين , وكما طمعه كذلك عثمان ورد جميل ولائه بأن أعاده والياُ على الكوفة, تتكرر الحالة مع ابنه عمرو بن سعد  , فقد طمَّع يزيد بن ميسون عمرو بن سعد بن أبي وقاص بأمارة الري هدية له إن هو حارب الامام الحسين بن علي في كربلاء, فمضى عمر بن سعد بن أبي وقاص  في حربه للأمام الحسين بن علي حفيد النبي (ص) في سبيل أمارة الري فباع آخرته بدنيا زائلة , فيا لفداحة الأمر , ومن  يجسر على حرب أشرف الناس غير صاحب الاصل الوضيع!

هل كان سعد بن أبي وقاص شجاعاً؟
احتار المؤرخون في سعد وفي مواقفه المتباينة في عدم نصرته للامام علي في حياته, ثم عودته لنشر مناقبه بعد وفاته ,وقد تقدم  سر ذلك , ولشخصية  سعد المراوغة الحسودة وفشله في نيل منصب كبير دور في ذلك . اشتهر عند كتبة التاريخ تصويرهم العصبة التي سموها بجماعة العشرة المبشرة بالجنة بالشجاعة وبالاوصاف الادبية كقولهم : كان كريما شجاعا أبيا صبورا حكيما .. الى غيرها من صفات بإمكان طالب  في درس الانشاء العربي أن يذكر مثلها, ولكن هل أن تلك الصفات مبنية على حقيقة تاريخية أم أنها كلمات فقط ؟ أشتهر سعد بمهارته في  أستعمال القوس والنشاب فكان يصوب سهامه من بعد ولايمكن وضع ضارب السهام  في خانة الشجاعة والبطولة مع المبارز في السيف  , فالمبارز بالسيف يضع حياته على كفه وضربة  قد تنهي حياته,  أما المناضل بالسهام فأبمكانه الاختباء والتستر وخطر موته ضئيل ليس كخطر موت المبارز بالسيف. لم يتحفنا المؤرخون برواية واحدة تذكر أن سعدا واجه أحدا في المبارزة, بل كان يتملص من كل ذلك وحتى في حرب القادسية في العراق لم يكن لسعد نصيبا فيها , بل كان جالسا في قصره متحججا بعدم قدرته على ركب الخيل لدمامل ظهرت في فخذيه! ويروى أن زوجته سلمى لما رأت أقبال الفرس على المسلمين صاحت من أعلى القصر الذي كان يختبأ فيه سعد : ( وامُثنياه, ولامثنى للمسلمين اليوم! فلطمها سعد , فقالت أغيرة وجبناً) ( اسد الغابة لابن الاثير ج5 ص60, الاصابة لابن حجر ج8 ص183, فتوح البلدان للبلاذري ج2 ص316, الكامل لابن الاثير ج2 ص473)أما قولها ( وامثنياه) فعنت به زوجها الشهيد المثنى بن حارثة الشيباني وكان سعد قد تزوجها بعده.
وقد فصل العلامة المحقق الكوراني في تحقيق شجاعة سعد بن أبي وقاص في حرب القادسية وغيرها ننقل عنه بتصرف ما دونه في كتابه (قراءة جديدة للفتوحات الاسلامية) وكما يلي:
(وقاتل المسلمون يومئذ وسعد في القصر ينظر إليهم فنُسب إلى الجبن ، فقال رجل من المسلمين:
ألم ترَ أن الله أنزل نصره وسعدٌ بباب القادسية مُعصمُ
فأبنا وقد آمت نساء كثيرة ونسوة سعد ليس فيهن أيِّمُ ( تاريخ الطبري ج3 ص81, معجم البلدان للحموي ج4 ص291)
 وقال جرير بن عبد الله البجلي ( أنا وجرير وكنيتي أبوعمر ..قد فتح الله وسعد في القصر)( البداية والنهاية لابن كثير ج7 ص53). وقد حاول المتعصبون لسعد الى يومنا أن يدافعوا عنه بأنه مريض معذور ، وقد ذموا زوجته لأنها وصفته بالجبن !
  قال ابن كثير في النهاية (فقالت: أغيرةً وجبناً ! يعني أنها تُعَيِّرُهُ بجلوسه في القصر يوم الحرب ! وهذا عناد منها ، فإنها أعلم الناس بعذره ، وما هو فيه من المرض المانع من ذلك.. إن سعداً كان به قروح وعرق النسا فمنعه من شهود القتال، لكنه جالس في رأس القصر ينظر في مصالح الجيش، وكان مع ذلك لا يغلق عليه باب القصر لشجاعته !ولو فرَّ الناس لأخذته الفرس قبضاً باليد لايمتنع منهم) ( البداية والنهاية لابن كثير ج7 ص44 وص52).
   فقد صار ابن كثير من تعصبه طبيباً وفحص سعداً وأعطاه شهادة طبية ، ثم صار جغرافياً فجعل قصر العذيب في القادسية ، مع أن الحموي قال في معجم البلدان ج4 ص92: (بينه وبين القادسية أربعة أميال). وقال الطبري (قادس قرية إلى جانب العذيب، فنزل الناس بها، ونزل سعد في قصر العذيب)( تاريخ الطبري ج3 ص76).
وقال الادريسي (ومن القادسية إلى العذيب وهي أول خط البادية ستة أميال) (الإدريسي ج1 ص 383)
 وقال المسعودي (وكان بين موضع الوقعة مما يلي القادسية وبين حصن العذيب نخلة ، فإذا حمل الجريح وفيه تمييز وعقل ونظر الى تلك النخلة.. قال لحامله: قد قربت من السواد ، فأريحوني تحت ظل هذه النخلة). (مروج الذهب للمسعودي ج2 ص 317).
   ثم جعل ابن كثير سعداً شجاعاً لأنه ترك باب قصره مفتوحاً ! مع أن القصر خلف جيش المسلمين بمسافة ، ولذا أرسل رستم قوة ليقتلوا سعداً ، فاستغاث بالمسلمين ، فأرسلوا قوة لحمايته وعطلوها عن المعركة !
  قال اليعقوبي(وكان سعد يومئذ عليلاً فصار إلى قصر العذيب فنزله وتحصن فيه ، فبلغ رستم فوجه خيلاً فأحدقت بالقصر ، فلما بلغ المسلمين ذلك صاروا إلى القصر)( تاريخ اليعقوبي ج2 ص 144)!  ولا أدري ما هو الموجب لتصديق سعد دون زوجته إلا التعصب ، فكيف يتهمونها بعداوته وقد اختارته بعد وفاة زوجها المثنى ، وفضلته على إخوة المثنى وفرسانه ، وهم أفضل من سعد  وأجمل.! قالت ابنة سعد تصف أبيها (كان سعد قصيراً ، غليظاً  ، أسمر ، أفطس ، أشعر الجسد ، يخضب السواد ،) ( المنتظم لابن الجوزي ج5 ص281)
  ويؤيد رأي سلمى ( زوجة سعد) غياب سعد عن كل المعارك في فتح العراق وإيران ! فهل كانت تخرج بفخذه دمُّلة عند كل معركة ، ولسنوات طويلة ؟!
 وأين كان سعد عندما دهم الخطر المسلمين ، وتجمع الفرس في نهاوند بمئة وخمسين ألف جندي، ثم كانت معركة نهاوند العظيمة التي سماها المسلمون فتح الفتوح ، ولم يكن لسعد فيها دور سوى أنه نفذ ما أمره به عمر من إرسال ثلث قوات الكوفة الى المعركة ، فأرسلها ، ثم ذهب الى المدينة وبدأ ببناء قصره !
 وكيف نشط وشفي من الدمامل وذهب الى المدائن بعد أن فتحها المسلمون وأخذ يجمع الأموال ، وأرسل المرقال في قيادة الجيش الى خانقين أو جلولاء !
 ولما انتصروا في جلولاء أرسلوا اليه ليحضر فلم يحضر حتى غضب المسلمون ، فشفي من الدمامل ووكل سلمان الفارسي بالأموال وذهب كالمجبر ، ثم رجع !
 قال ابن الأعثم في الفتوح ج1 ص216: ( ورحل المسلمون من جلولاء إلى خانقين فنزلوها يومهم ذلك ، ثم رحلوا منها إلى قصر شيرين فنزلوها ، وكتبوا إلى سعد بن أبي وقاص يستأذنونه في التقدم إلى حلوان ، ويحثونه على المصير إليهم ليكون لهم ملجأ وسنداً يلجؤون إليه ويشاورونه في أمورهم ، وقد كان سعد عليلاً فتباطأ عنهم ولم يصر إليهم ، وكتب إليهم يأمرهم بالتقدم إلى حلوان ! قال: فغضب المسلمون لقعود سعد عنهم وإبطائه عن نصرتهم ، ثم أنشأ إبراهيم بن حارثة الشيباني يقول في ذلك:
ما بال سعد خامَ عن نصر جيشه لقد جئت يا سعد ابن زهرة منكرا
وأقسم بالله العلي مكانه لو ان المثنى كان حياً لأصحرا
وقاتل فيها جاهداً غير عاجز وطاعن حتى يحسب الجون أحمرا
كشداته يوم البجيلة معلماً يريد بما يبلي الثواب الموفرا
وضارب بالسيف الحسام مقدماً جموع الأعادي خشية أن يعيرا
ولكن سعدا لم يرد أجر يومه ولم يأتنا في يوم بأس فيعذرا
 قال: فبلغت سعداً هذه الأبيات فكأنه تحرك للمسير على علته ، ثم دعا سلمان الفارسي فاستخلفه على المدائن وأوصاه بحفظ الغنائم ، وصار فيمن معه من أصحابه حتى لحق بالمسلمين ، وهم يومئذ نزول بقصر شيرين فنزل معهم يومهم ذلك . فلما كان من غد نادى في الناس بالرحيل إلى حلوان ، فرحل ورحل الناس معه ، وبلغ ذلك منوشهر بن هرمزدان المقيم بحلوان ، فخرج عن حلوان هارباً حتى لحق بيزدجرد وهو في جمع أصحابه .  وأقبل سعد بن أبي وقاص وعلى مقدمته جرير بن عبد الله البجلي ، حتى دخل (جرير لا سعد) حلوان ، فأنشأ عبد الله بن قيس الأزدي يقول: 
فأبلغ أبا حفص بأن خيولنا بحلوان أضحت بالكماة تجمجم
ونحن دهمناها صباحاً بفيلق جريرٌ علينا في الكتيبة مُعْلم
ونحن أبدنا الفرس في كل موطن بجمع كمثل الليل والليل مظلم
نقاتل حتى أنزل الله نصره وسعد بباب القادسية مُعصم
فأبنا وقد أيمت نساء كثيرة ونسوة سعد ليس فيهن أيِّم
أولئك قومي إن سمعت بمعشري وموضع أيسارى إذا نيل مغنم
 وفي فتوح ابن الأعثم ج1 ص217: (فتقدم إلى سعد رجل من خثعم يقال له بشر بن ربيعة ، وكان من الفرسان المعدودين ، فطلب من سعد زيادة فلم يزده شيئاً فغضب الخثعمي لذلك، ويقال إنه هجا سعد بن أبي وقاص ، فأنشأ يقول:
ينوب عن القوم الكرام بجمعهم وفَضَّل سعد بالعطية خالدا
فإن تكرم العذرى بالقسم واصلاً فأجدر برأي السوء للجور زائدا
أتنهب جهلاً لا أبا لك حقنا لقد ضقت ذرعاً عن مدى الحق حائدا
متى كان ميراث ابن خثعم قل لنا لخالد يا للناس لا كنت جاهدا
لعمري لئن كانت قريش تعطفت عليك أبا وهب فألفيت رافدا
لقد غمرت آباؤك اللؤم دهرها وألفيت في فهر تحل الوصائدا   
   فقارن بالله هذه الحقائق الدامغة ، بما قاله علماء السلطة عن سعد !   
 أقول, بعد كل ما عرفت عن سعد ، فاقرأ الصورة الكاذبة التي قدمها رواة الحكومات وعلماؤها ، كالتي دونها ابن عبد البر (وكان أحد الفرسان الشجعان من قريش ، الذين كانوا يحرسون رسول الله (ص)  في مغازيه ، وهو الذي كوَّف الكوفة ، ولقيَ الأعاجم وتولى قتال فارس ، أمَّره عمر بن الخطاب على ذلك ، ففتح الله على يده أكثر فارس ، وله كان فتح القادسية وغيرها . وكان أميراً على الكوفة فشكاه أهلها ورموه بالباطل فدعا الذي واجهه بالكذب عليه دعوة ظهرت فيه إجابتها والخبر بذلك مشهور)( الاستيعاب لابن عبد البر ج2 ص608).    فادعوا له الشجاعة ، وأنه لقي جيوش الفرس وحاربهم ، مع أنه جبن عن المعارك ، حتى هجاه المسلمون بالشعر ! ونسبوا له تمصير الكوفة ، مع أنهم رووا أن الذي اختار مكانها سلمان الفارسي(رحمه الله) بما  علمه النبي (ص)  وعلي (ع)  وأخيراً فقد ناقضوا أنفسهم ، وشهدوا أن أهل الكوفة شكوا سعداً وأرسل عمر من يتحقق فثبت له صدق شكايتهم ، فاضطر الى عزله !) ( راجع البداية لابن كثير ج7 ص121 في قصة عزل سعد عن الكوفة أيام عمر) ( انتهى الاقتباس بتصرف واختصار عن كتاب قراءة جديدة في الفتوحات الاسلامية ج2 للعلامة المحقق الكوراني العاملي).
ضخم المؤرخون دور سعد بن ابي وقاص في معركة أحد فقالوا أنه ذب عن النبي(ص) فرووا على لسان سعد قوله:
 (لمّا جال الناس عن رسول الله تلك الجولة ( جال الناس يعني انهزموا) تنحّيت ( أي انهزمت مثلهم)، فقلت: أذود عن نفسي، فأمّا أن استشهد وإمّا أن أنجو.. إلى أن قال: فقال رسول  الله: أين كنت اليوم يا سعد؟ فقلت: حيث رأيت ) (المستدرك على الصحيحين  للحاكم النيسابوري ج3 ص 26 ), تأمل عتاب النبي (ص) له : أين كنت اليوم ياسعد ؟ أي أنه لم يره طوال اليوم لأنه كان مع الفارين . ثم يكمل سعد في حديثه فيقول أنه ذب عن النبي بسهامه التي قال عنها الزهري أن سعدا رمى ألف سهم في ذلك اليوم , فياللعجب, ألف سهم فهل قتلت أحدا تلك السهام؟ تضاربت الروايات في أن سعد قتل رجلا واحدا في معركة أحد وهو غلام بني عبد الدار وقتله بسهمه  فهو لايقاتل بالسيف , وهناك روايات قالت أن المقتول لم يكن بسهم سعد بل بغيره ولم نأت بالروايات للاختصار , ولكن لنسلم أنه قتل ذلك الرجل فأين ذهبت ال 999 سهما التي رماها على قول الزهري؟




نسب سعد بن أبي وقاص
أبو وقاص أسمه مالك فيكون الاسم سعد بن مالك. يقال أنه من بني زهرة وهي نفس عشيرة الصحابي المليونير عبد الرحمن بن عوف ! لكن التدقيق  يظهر شيئا آخر! يروى أن امرأة اسمها السلافة بنت مالك العذري قدمت مكة ومعها ابن صغير لها اسمه مالك بن غراب من بني عذرة فنزلوا على وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، فنكح وهب السلافة، فولدت غلاماً سمّاه العذري، فأدّعاه وهب وخاصم فيه العذريين وسماه مالكاً.
ومالك بن غراب هذا  هو أبو سعد  وكنيته أبو وقاص. فيكون سعد وفقاُ لذلك ليس من قريش بل أنتسب اليهم عن طريق الالصاق وهو عادة عرب الجاهلية. ووقع بين  مالك العذري وبين الشاعر عبيدة بن الحويرث شرا فقال عبيدة بن الحويرث في أبي وقاص وهو مالك أبو سعد
أمسى يفاخرنا لئيم ساقط وسط المحافل مالك بن غراب
فافخـر بعذرة إنهم آبـاؤكم واتـرك تنحّل زهرة بن كـِلاب
وإذا ظللت فقل بأنك منهم يا آل عذرة عند كــل خطــاب
إن قلت إنك من قريش كلها نسب تمت ولا أروم نصـــاب ( الابيات عن مثالب العرب للكلبي  ص 46 , ومثلها في شرح ابن ابي الحديد ج6 ص 55 )
تأمل قوله بأنه من بني عذرة , فهو ليس من قريش وليس من بني زهرة كما يدعي.
وقال حسان بن ثابت في  عتبة بن أبي وقاص وهو أخو سعد,وكان عتبة قد أدمى وجه النبي (ص) يوم معركة أحد:
إذا الله حيّى معشـــــــراً بفعالهم ينصرهم الرحمن رب المشــــارق
فأخزاك ربي يا عتيب بن مالك ولقاك قبل الموت إحدى الصواعق
بســـطت يميناً للنبي تعمـــّداً فأدميـــــت فاه قطعت بالبـــــوارق
فيا عجباً من عبد عذرة بعدما هوى في دجـــوجي من الفجر نائق( مثالب العرب ص46,  شرح ابن أبي الحديد ج6 ص 55)
وقوله ( فواعجبا لعبد عذرة ), تصريح بأنه عبد من بني عذرة ولصيق بقريش وليس منهم.
روى الكلبي : ( ترآى الناس الهلال في زمن عثمان أمّا الصوم وأمّا الفطر، فجاء هشام بن عتبة بن أبي وقاص فقال: أشهد لقد رأيته، فقال له عثمان: بأي عينيك الصحيحة أم العوراء؟ فقال: وما تعيّرني بعين ذهبت في سبيل الله ؟ أما والله ما كنتُ مثلك حين فررت يوم الزحف، فغضب عثمان فضربه ضرباً وجيعاً، وقال يا ابن مسلك الذنب أمَ والله إني لأعرف فيك انخزال بني عذرة.) ( مثالب العرب ص67) . وقول عتبة لعثمان : (ماكنت مثلك حين فررت يوم الزحف ) تذكير للخليفة الثالث عثمان بفراره يوم أحد حيث فر من المعركة وعاد بعد ثلاثة أيام وقد تقدم ذكره في (فصل عثمان).
ورى ابن أعثم أن بشرا بن ربيعة هجا سعد بن أبي وقاص لبخله فقال فيه :
ينوب عن القوم الكرام بجمعهم وفَضَّل سعد بالعطية خالدا
فإن تكرم العذري بالقسم واصلاً فأجدر برأي السوء للجور زائدا( الفتوح لابن أعثم ج1 ص217) وهي أبيات تدل على أشتهار سعد بن ابي وقاص بكونه من بني عذرة وليس من قريش.


أما أم سعد بن أبي وقاص فهي حمنة أو حمية ويقال أنها ابنة (أبوسفيان) كما تقدم, ولكن هناك رأي آخر !
قال الكلبي: ( حمنة بنت أبي سفيان من أمية بن عبد شمس أخت طريف بن سفيان، وهي أم سعد وعمير ابنا أبي وقاص ورغيه ادعاها سفيان لجمالها وأمها أمة مولّدة  من سفاح.)
(مثالب العرب ص 43) وإذن فأن أم سعد بن أبي وقاص لم تكن في الحقيقة من بني أمية بل هي متبناة وملصقة النسب بأبي سفيان كعادة عرب الجاهلية بأستلحاق من يشاؤون لعشائرهم. قال الحلبي: (وأم سعد بن مالك أبي وقاص حمية ابنة سفيان بن أمية بن عبد شمس، ملصقة النسب بسفيان.) ( تقريب المعارف ص 360 للحلبي المتوفى 447 هجرية).
في زمن خلافة عثمان بن عفان وقع جدال بين الصحابي عبد الله بن مسعود وبين سعد بن أبي وقاص عيَّر فيه عبد الله بن مسعود سعداً وذكره بأمه حمينة (حمنة) !
(اقترض سعد بن أبي وقاص من عبد الله بن مسعود من بيت المال قرضا فلما تقاضاه ابن مسعود لم يتيسر له قضاؤه فارتفع بينهما الكلام فقال له سعد ما أراك إلا ستلقى شرا هل أنت إلا ابن مسعود عبد من هذيل, فقال أجل والله إني لابن مسعود وإنك لابن حمينة) ( الكامل لابن الاثير ج3 ص 185). وتسمية العرب لرجل باسم أمه في حالة الشتيمة والغضب يعني أنهم يقدحون في سلوكها ,
وهذا يعني أن سعدا بن مالك أو سعدا بن أبي وقاص كما يقال له ,ليس من قريش من جهة الاب فأبوه من بني عذرة , وكذلك هو ليس من قريش من جهة الام , فأمه حمنة أو حمية ملصقة ببني أمية بالتبني .
وعندما نصب معاوية نفسه ملكاً على المسلمين التقى بسعد بن أبي وقاص ودار بينهما مايلي :
  (لما حج معاوية طاف بالبيت ومعه سعد فلما فرغ إنصرف معاوية إلى دار الندوة فأجلسه معه على سريره , ووقع معاوية في علي وشرع في سبه فزحف سعد ثم قال : أجلستني معك على سريرك ثم شرعت في سب علي والله لإن يكون لي خصلة واحدة من خصال كانت لعلي أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس ـ إلى آخر الحديث وفيه من قول سعد : وأيم الله لا دخلت لك دارا ما بقيت. ونهض قال المسعودي بعد رواية حديث الطبري : ووجدت في وجه آخر من الروايات و ذلك في كتاب علي بن محمد بن سليمان النوفلي في (الأخبار) عن ابن عائشة وغيره : إن سعد لما قال هذه المقالة لمعاوية ونهض ليقوم ضرط له معاوية وقال له : اقعد حتى تسمع جواب ما قلت ، ما كنت عندي قط ألأم منك الآن ، فهلا نصرته ؟ ولم قعدت عن بيعته ؟ فإني لو سمعت من النبي  مثل الذي سمعت فيه لكنت خادما لعلي ما عشت ، فقال سعد : والله إني لأحق بموضعك منك. فقال معاوية : يأبى عليك بنو عذرة. وكان سعد فيما يقال لرجل من بني عذرة) ( الغدير للعلامة الاميني ج10 , وعن مروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 15)
ويقول السيد الحميري في سعد من قصيدة طويلة:
أو رهط سعد , وسعد كان قد علموا... عن مستقيم صراط الله صدادا
قوم تداعوا زنيما ثم سادهم ... لولا خمول بني زهر لما سادا ( القصيدة عن مروج الذهب ج2 ص 16) , والزنيم هو الملصق في القوم وليس منهم, وقول معاوية لسعد : ( يأبى عليك بنو عذرة) يعني : ياسعد أنت من بني عذرة ولست من قريش وهذا لن يؤهلك للقيادة والخلافة, فتأمل.
إذن  سعد ليس من قريش,وهي منقصة يعاني منها الملصق لقوم هو ليس منهم وبالذات في ذلك المجتمع المترفع الذي يعطي للنسب قدسية وشرفاً  ! ان عدم البت في أصل الرجل ومنشأ عشيرته يدل على صحة ماتقدم , ووجود الظن يدل على القدح في النسب . وليس بعيداً أن ذلك القدح كان له تأثيرا على سعد بن أبي وقاص  جعله حسوداُ لأشرف الناس أمير المؤمنين الهاشمي الطاهر علي بن ابي طالب , وسرى ذلك النقص لابنه عمر بن سعد فحارب الحسين بن علي في كربلاء ولايحارب الشريف إلا صاحب الاصل الوضيع.





سالم مولى أبي حذيفة ( من المهاجمين لبيت الزهراء)
من الباغضين للأمام علي  والناكرين فضله , يشهد بذلك تحالفه مع أبي بكر وعمر وأبي عبيدة يوم اغتصاب الخلافة من الامام علي . سالم مولى أبي حذيفة من رواد السقيفة ومن أول المبايعين للخليفة الاول ومن المتآمرين على تنحية علي بن أبي طالب. وهو كذلك من العصبة التي هاجمت بيت فاطمة بنت النبي محمد(ص) بعيد رحيل النبي.
صار سالم من الصفوة عند الخلفاء لتقربه من جماعة السقيفة وتحالفه معهم. لكنه لم يدرك مقتل الخليفة الثاني عمر فمات في حرب اليمامة  أيام الخليفة أبوبكر . بعد موته ضل مقامه في عهد عمر عاليا حتى يُروى أن عمر بن الخطاب في يوم وفاته قال : ( لو كان سالم مولى ابوحذيفة حياً لوليته!). تأمل ذلك وفي المسلمين من هو أفضل من سالم لكن عمر يتمنى وجود سالم مولى أبي حذيفه ليوليه الخلافة , والسبب في مقولة عمر هو أن سالما من المتحالفين على تنحية علي بن أبي طالب عن خلافة النبي ومن أول المبايعين لأبي بكر فهو من عصبة السقيفة ( راجع فصل عمر ).
ماهو  نسب هذا الرجل ؟ سالم من رقيق بلاد فارس على قول ابن عبد البر في الاستيعاب , ويفصل ابن الجوزي فيعد سالما من السود في كتابه ( تنوير الغبش في تاريخ السودان والحبش ).وروى العسقلاني في سالم أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة  بن عبد شمس كان قد تبناه, ثم يقول: 
(فكان أبو حذيفة يرى أنه ابنه فأنكحه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة فلما انزل الله ادعوهم لآبائهم رد كل أحد تبنى ابنا من أولئك إلى أبيه ومن لم يعرف أبوه رد إلى مواليه أخرجه مالك في الموطأ عن الزهري). ( الاصابة لابن حجر العسقلاني , ترجمة سالم). وقال البخاري أنه انكحه هند بنت الوليد بن عتبة ( البخاري ج5 ص15) ولما لم يعرف الناس من هو أبوه ,استلحقه أبوحذيفة  وسمي لذلك سالم مولى أبوحذيفة. إن الاسلام تغاضى عن النعرات القبلية وجاء  بمفهوم ( ان أكرمكم عند الله أتقاكم) . لكن سالم لم يستطع كسر طوق العار ذلك فحمله حقده على بغض أشرف الناس بعد النبي الا وهو أخو النبي ووصيه وزوج ابنته. فوقف في صف السقيفة يخون وصية النبي الكريم (ص)  ثم يحاصر أطهر البيوت وأمجدها واعلاها في الشرف والنسب . سالم مولى أبي حذيفة من الذين حملوا النار وأرادوا حرق بيت  الزهراء على من فيه وهم اصحاب الكساء الطاهرين. سالم هذا له دور كبير في قصة رضاعة الكبير التي روتها عائشة وملخصها أنه يمكن للمرأة التي تريد أن ترى رجلا غريبا  أن ترضعه من ثدييها حتى يحل له أن يختلي بها , لانها برضاعته تصبح أمه في الرضاعة! وحديث إرضاع الكبير المتهافت هذا أضحك الامم على المسلمين وكان لسالم مولى أبي حذيفة دورا في ذلك. يروي العسقلاني قصة الرضاع العجيبة تلك عن كتاب صحيح مسلم وبطل القصة سالم والرواي عائشة فيقول : (وقصته في الرضاع مشهورة فعن مسلم من طريق القاسم عن عائشة أن سالما كان مع أبي حذيفة فأتت سهلة بنت سهيل بن عمرو رسول الله  فقالت إن سالما بلغ ما يبلغ الرجال وإنه يدخل علي وأظن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئًا فقال أرضعيه تحرمي عليه) الحديث, فتأمل! فلاندري أيقع اللوم في هذا الحديث على عائشة أم على سالم ؟  ثم  تأمل أن مولاه هو ابن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس أي أنه أخو الوليد بن عتبة الذي شدخه الامام علي قتلا في بداية معركة بدر, فيالثارات الجاهلية عند أصحاب الاصل الوضيع.




زياد بن أبيه!
لمجهولية أبيه سماه الناس بزياد بن أبيه, وكان أحيانا يدعى بإسم أمه سمية ,فيقال زياد بن سمية. صار زياد حاكما للعراق في عهد معاوية , قال ابن الاثير (إن معاوية استعمل زيادا على البصرة وخراسان وسجستان، ثم جمع له الهند والبحرين وعمان، وقدم البصرة في آخر شهر ربيعا الاخر) ( اسد الغابة لابن الاثير  ص 215)
أمه سمية كانت أمة لبعض ملوك كندة وهبها الملك لطبيبه الحارث بن كلدة, فواقعها الطبيب وواقعها كذلك عبد اسود للطبيب اسمه مسروح ,فجاءت بولد أسود ,فاعتزلها الطبيب لشكه فيها وقال : ما أعرف في أبائي سود .ثم زوجها الطبيب عبدا له يقال له عبيد , ثم يهب  العبد وسمية لابنة له, فولدت سمية زيادا على فراش زوجها عبيد , روى صاحب العقد: ( كانت سمية أم زياد قد وهبها أبو الخير بن عمرو الكندي للحارث بن كلدة وكان طبيبا يعالجه فولدت له على فراشه نافعا ثم ولدت أبابكرة فأنكر لونه . وقيل له : إن جاريتك بغي! فانتفى من أبي بكرة ومن نافع وزوجها عُبيدا عبدا لابنته فولدت على فراشه زيادا)( العقد الفريد لابن عبد ربه ج2 باب اليتيمة الثانية في أخبار زياد) , وقال المسعودي:
 ( وكانت سمية من ذوات الرايات بالطائف تؤدي الضريبة الى الحارث بن كلدة, وكانت تنزل بالموضع الذي تنزل فيه البغايا بالطائف خارجا عن الحضر في محلة يقال لها حارة البغايا) ( مروج الذهب ج2 ص 8). روى ابن عبد ربه في سمية أم زياد فيقول (إن أبا سفيان خرج يوما وهو ثمل إلى تلك الرايات فقال لصاحبة الراية: هل عندك من بغي؟ فقالت ما عندي إلا سمية قال: هاتها على نتن إبطيها. فوقع بها فولدت له زيادا على فراش عبيد! )( الغدير للعلامة الاميني ج 10ص 224 ونقله عن العقد الفريد ج3). ويؤكد المقريزي: ( استلحق معاوية زياد بن أبيه من زنية)(النزاع والتخاصم، المقريزي 51, وكذلك في الاغاني للاصفهاني ج17, ص51, تاريخ اليعقوبي ج2, ص195).  وأخرج الطبري عن ابي اسحاق : ( إن زيادا لما قدم الكوفة قال : قد جئتكم في أمر ما طلبته إلا لكم. قالوا : ادعنا إلى ما شئت. قال : تلحقون نسبي بمعاوية. قالوا : أما بشهادة الزور فلا ، فأتى البصرة فشهد له رجل). ( الغدير للعلامة الاميني ج10 ص 224, وعن تاريخ الطبري ج6 ص 123)
وزعم  زياد  أن أمه سمية بنت الأعور من بني عبد شمس ابن زيد مناة بن تميم. فقال ابن مفرغ يرد ذلك عليه :
فأقسم ما زياد من قريش   ولكن نسل عبد من بغي
ولاكانت سمية من تميم عريق الاصل في النسب اللئيم
( الغدير للعلامة الاميني ج 10 ص 224 , الأغاني ج17 ص 51, الاستيعاب لابن عبد البر ج1 ص 196, تاريخ دمشق ج5 ص 406, مروج الذهب للمسعودي ج2 ص 56)
وروى القاضي النعمان عن المغيرة بن شعبة أن ابا سفيان رأى زيادا بن سمية في الكعبة وهو صغير فحلف بأن الولد هو أبنه.
عانى زياد طوال حياته من وضاعة أصله فكان يقول : (ما هُجيت ببيت قطّ أشدَّ عليَّ من قول الشاعر‏:
‏ فكَّر ففي ذاك إن فَكَّرتَ مُعْتَبر هل نِلتَ مَكرُمةً إلا بِتَأْمِير
 عاشتْ سُميَّة ما عاشت وما عَلِمت  أنّ ابنَها من قريش في الجَماهير
 سُبحان مَن مُلْك عباد بقُدرته لا يَدفع الناسُ أسبابَ المقادير )(  العقد الفريد لابن عبد ربه , باب اليتيمة, سيرة زياد)




معاوية يضم زياد لعائلته الوضيعة
لكسبه إلى جانبه قال معاوية  أن زيادا ليس مجهول الاب, إنما هو ولد أبيه أبوسفيان, فصار زياد أخا لمعاوية ! إن فعل معاوية مخالف لقواعد الاسلام الذي حرم الاستلحاق والتبني الجاهلي, ولكن هل يأبه معاوية بالشرع وهو الملك الذي صار مصدر التشريع!
قال الحسن البصري  في معاوية: ( أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة : انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم ، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة  واستخلافه ابنه بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير. وادعائه زيادا وقد قال رسول الله (ص) : الولد للفراش وللعاهر الحجر. وقتله حجرا ، ويلا له من حجر وأصحاب حجر قالها مرتين )( الغدير للعلامة الاميني ج10 ص 231 , وعن تاريخ ابن عساكر ج2 ص381,  تاريخ الطبري ج6 ص157 ,الكامل لابن الأثير ج4 ص209 ، البداية والنهاية لابن كثير ج8ص 130  محاضرات الراغب ج2 ص214, النجوم الزاهرة ج1 ص 141)
كان زياد من السابين لعلي بن أبي طالب وفقا لأوامر سيده معاوية بن هند ,روى المسعودي : ( وكان زياد يأتي بالناس الى باب قصره ثم يحرضهم على سب علي بن أبي طالب فمن أبى عرض عليه السيف) ( مروج الذهب ج2  ص 26), وقد مرت بنا سنة سب الامام علي على منابر بني أمية في فصل ( أمية , معاوية ), وهل يسب الشريف إلا صاحب الاصل الوضيع؟

شر خلف لشر سلف , عبيد الله بن زياد بن أبيه !
اقترن زياد بن أبيه بأمرأة يقال لها مرجانة ولدت ولدا سماه زياد بعبيد الله , وربما تسمية زياد ابنه عبيداً ما هو ألا تذكراً لأحد أباءه المرجحين , فقد تقدم أن سمية أم زياد كانت تحت عبد أسمه عبيد وولدت زياداَ على فراشه. نشأ عبيد الله بن زياد في بلاد الفرس وكانت يلحن في كلامه ويلكن لكنة فارسية ( الطبري في تاريخه). أم عبيد الله (مرجانة)  فارسية باتفاق المؤرخين. ويقال أن عبيد الله ليس من أبيه زياد ! فلعنة المجهولية ورثها الخلف عن السلف, ولذلك تجد أن عبيد الله كان يسمى بالدعي ابن الدعي. والدعي  هو من ولد لأب غير معروف وادعاه رجل آخر فحمل أسمه, مثل زياد الذي أدعاه معاوية وألحقه بأبي سفيان, وصار الحال لعبيد الله بن مرجانة كذلك.
قال ابن عباس في رسالة له لمعاوية متحدثاً عن عبيد الله بن زياد بن أبيه: (فلست أنس الدعي ابن الدعي ابن العاهرة الفاجرة) ( تاريخ اليعقوبي ج2, ص249).
قال الحسين بن علي (ع)  في عبيد الله بن زياد :( أما بعد, فأن الدعي بن الدعي...) ( مقتل الحسين للخوارزمي وغيره) إن قول ابن عباس وقول الحسين (ع) حجة تاريخية  من أفواه صادقة لأناس شرفاء لم يكذبوا طوال حياتهم, فقولهم دعي بن دعي يعني أن زياد بن أبيه دعي , فأمه سمية عاهرة , والدعي الاخر ابنه عبيد الله , ويقال للرجل دعي إذا ولد من سفاح ولم يُعرف والده. أزدحمت كتب التاريخ بتسمية عبيد الله بن زياد بأسم عبيد الله بن مرجانة , وكان يقال له ابن مرجانة ولاتسمي العرب رجلا سخرية باسم  أمه إلا إذا هناك قدح في أمه كزنا أو عهر .

قال الطرماح في كربلاء مرتجزاً:
يا مالك النفع معا والضرّ أيّد حسيناً سيّدي بالنصر
على الطغاة من بقايا الكفر أعني اللعينين سليل صخر
وابن زياد العاهر بن العهر فأنت يا ربّ به ذو البرّ( مقتل الحسين للخوارزمي, دخول الكوفة), وقوله ابن زياد العاهر بن العهر فيعني به عبيد الله بن مرجانة فهو كأبيه زياد بن سمية. لمكانة زياد بن أبيه وابنه الدعي في دولة أمية لم يترك المزيفون للتاريخ قضية عبيد الله  كما هي ,فجملوا مكانة أمه مرجانة وقالوا أنها بنت ملك من ملوك فارس , لكنهم لم يذكروا  أسم أبيها وأي مملكة من ممالك الفرس كان يحكم؟ ان ابنة أي ملك لابد أن يكون لها نسب معروف, لكن كتب التاريخ لم تذكر سوى أسم( مرجانة).
 قال الذهبي ولم يفصل: (كانت أمه مرجانة من بنات ملوك الفرس) ( سير أعلام النبلاء , ترجمة عبيد الله بن زياد) , وكذلك قال أموي الهوى ابن كثير فزعم أن مرجانة من بنات ملوك الفرس! ولم يبين الذهبي وابن كثير من هو أبو مرجانة ومن أي مدينة فارسية كانت ,ولو كانت مرجانة بنت ملك حقاً لعرف الناس اسم ابيها ولكنها كانت تُعرف بأسم (مرجانة) فقط وهي عادة العرب في تسمية البغايا. ,لم يكن تجميل سيرة عبيد الله بن مرجانة وسيرة أبيه المدعيه زياد إلا لأنهم كانوا ولاة الدولة الأموية التي حاربت ال النبي محمد (ص). إن الدعي بن الدعي عبيد الله بن مرجانة شرك مع الدعي الاخر عمرو بن سعد بن أبي وقاص في دم الحسين بن علي بن أبي طالب في كربلاء , فابن مرجانة كان واليا على الكوفة في عهد الطاغية يزيد أيام وقعة كربلاء, ومن يجسر على قتل حفيد خاتم الانبياء إلا صاحب الاصل الضيع.
ولاه معاوية على العراق وكذلك فعل يزيد بن معاوية فكان عبيد الله بن مرجانة وفياً لسادته في دمشق , فصار اليد الضاربة لأنصار الحسين بن علي وحكم العراق بالبطش والقتل, حتى أنه أستعمل سياسة التطهير العرقي فهجر أكثر من خمسين الفاً من عرب الكوفة الموالين للأمام علي الى خراسان في بلاد فارس ( تاريخ الكوفة للبراقي) وهي سياسة تذكرنا بما يفعله الطغاة في عهدنا المعاصر.
قُتل عبيد الله بن زياد شر قتلة بيد جنود المختار الثقفي, دون الذهبي : ( جئ برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه ، فأتيناهم وهم يقولون : قد جاءت قد جاءت ، فإذا حية تخلل الرءوس حتى دخلت في منخر عبيد الله ، فمكثت هنية ، ثم خرجت ، وغابت ، ثم قالوا : قد جاءت ، قد جاءت ، ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثا, و قال يزيد بن أبي زياد : عن أبي الطفيل قال : عزلنا سبعة أرؤس، وغطينا منها رأس حصين بن نمير وعبيد الله بن زياد : فجئت ، فكشفتها فإذا حية في رأس عبيد الله تأكل!)( سير أعلام النبلاء  للذهبي, ومثله في تاريخ ابن كثير) ويذكر الذهبي كذلك أن مقتل عبيد الله بن مرجانة كان في ذكرى استشهاد الحسين عليه السلام  , فقال ( قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء سنة سبع وستين).





مجامع الرذائل من خلفاء بني أمية وبني العباس

استمرت المؤامرة على النبي(ص) وعلى آله من بعده , واشتهر الخلفاء أصحاب الاصل الوضيع  في حرب بقية النبي (ص) بالقتل والحبس والنفي , وفيما يلي نتف من سيرة أولئك الخلفاء وحكام الدولة المغتصبة تتجلى فيها رذائلهم ودناءة أنسابهم :

الخليفة الاموي الوليد بن عبد الملك بن مروان ( حكمه من سنة  86 إلى 96 هجرية)
كان اغتيال الامام علي بن الحسين السجاد في عهد الوليد هذا وقد تقدم ذكره , فمن هو الوليد ؟
الوليد السكير: (تغدي الحجاج يوماً مع الوليد بن عبد الملك، فلما انقضى غداهما ، دعاه الوليد إلى شرب النبيذ فقال: يا أمير المؤمنين الحلال ما حلَّلْتَ ، ولكني أنهى عنه أهل عملي ، وأكره أن أخالف). (تاريخ دمشق ج12 ص 155)
الوليد المتهتك : صحب الوليد في رحلته الى الحج الشاعر المتهتك عمر بن أبي ربيعة (فركب معه يحدثه... والوليد يضحك ، فلما رجع عمر قيل له: ما الذي كنت تُضحك أمير المؤمنين به؟ فقال: ما زلنا في حديث الزنا حتى رجعنا). ( جواهر التاريخ للكوراني ج3 ونقله عن الأغاني ج2 ص 388)
قال الوليد المتجبر على الرعية (أيها الناس: من أبدى لنا ذات نفسه ضربنا الذي فيه عيناه ، ومن سكت مات بدائه !) ( تاريخ الطبري ج5 ص213)
 وروى ابن عساكر فقال (دخل (رجل ) مسجد دمشق وقد تأخرت صلاتهم الجمعة بالعصر فقال: والله ما بعث الله نبياً بعد محمد (ص) أمركم بهذه الصلاة ! قال فأخذ فأدخل الخضراء (قصر الوليد) فقطع رأسه ! وذلك في زمن الوليد بن عبد الملك). ( جواهر التاريخ للكوراني ج3 , وعن تاريخ ابن عساكر ج19 ص 136, تهذيب الكمال للمزي ج9 ص 440, الاصابة لابن حجر ج2 ص 538). هذا الوليد المتهتك  كان من السابين للإمام علي بن ابي طالب على منابر جوامع الدولة وكان يقول في الامام : (لص ابن لص صب عليه شؤبوب من عذاب !) ( شرح النهج للمعتزلي ج4 ص 58, البيان والتبيين للجاحظ ص 268 , وعن جواهر التاريخ للكوراني ج3), وقد تقدم أن سب الامام علي على منابر الدولة كان ساريا منذ عهد معاوية بن هند حتى عهد عمر بن عبد العزيز الذي أبطل تلك السنة الاموية ( راجع فصل الامام علي ), ونقول هل يسب الشريف إلا المتهتك السكير صاحب الاصل الوضيع وقد مرت بنا سيرة جده مروان بن الحكم وعلمنا ذلك المنبت وأصله. لقد كُسي الوليد هذا دمامة تناسقت مع سلوكه , دون ابن عساكر ( كان الوليد أكبر أولاد عبد الملك ، وكان أبو وأمه يُتْرفانه فشَبَّ بلا أدب ! وكان دميماً ، وكان إذا مشى تَوَذَّف يريد تبختر ،وكان سائل الأنف فقيل فيه: فقدتُ الوليدَ وأنفاً لهُ   كنَثْل الفصيل أبى أن يبولا) ( عن جواهر التاريخ ج3 , تاريخ دمشق لابن عساكر ج63 ص167)



الخليفة الاموي هشام بن عبد الملك 105-125 هجرية
هشام بن عبد الملك قاتل الامام محمد الباقر كما تقدم  في سيرة الائمة الاثني عشر, فمن هو هشام؟
هشام سليل مروان والحكم والعاص , قال اليعقوبي في هشام: (وكان بخيلاً حسوداً ، فظاً غليظاً ظلوماً ، شديد القسوة بعيد الرحمة طويل اللسان )( تاريخ اليعقوبي ج2ص238). كان هشام من أشد المبغضين للإمام علي بن الحسين السجاد وكذلك مبغضا لولده الامام محمد الباقر , وقد مرت بنا قصيدة الفرزدق في مدح السجاد وكان فيها هشام حاضرا فتوقد غيظه على الامام السجاد , وفي عهده تمكن من أغتيال الامام الباقر. اشتهر هشام بحوله فكان يسمى بأحول بني أمية مما زاد في عقدته وحنقه على العباد, وقد مر قول الفرزدق فيه : يقلب رأسا لم يكن رأس سيد ... وعينا له حولاء باد عيوبها!  وقالت له أخته يوما :(يا أحول مشؤوماً ، أما تخاف أن تكون الأحول الذي على يديه هلاك قريش؟)( جواهر التاريخ ج3 وعن نسب قريش ص31). وقالت له سكينة بنت الحسين : ( يا أحول لقد أصبحت تتهكم بنا ! ) ( جواهر التاريخ ج3, لسان العرب ج12 ص 617).
في عهده كانت ثورة زيد بن علي بن الحسين ولما تمكن جيشه من القضاء على ثورة زيد الشهيد أمر الخليفة هشام أن يصلب زيد بن علي في الكناسة عرياناُ, فبقي رضوان الله عليه مصلوبا لمدة أربع سنين في عهد هشام الاحول (فكتب إليه هشام أن اصلبه عرياناً ، فصلبه كذلك.. وأقام مصلوباً أربع سنين وقيل خمس سنين فلم تُرَ عورته وقيل إن بطنه الشريف ارتخى على عورته فغطاها) ( السيرة الحلبية ج2 ص 207). وتم في عهد هشام الاحول هذا أغتيال الامام الباقر كما تقدم , إن الذي يجسر على أغتيال الامام محمد الباقر لابد أن يكون وضيع الاصل خسيس النفس ونسب هشام يدلنا على ذلك.

الخليفة الاموي الوليد بن يزيد بن عبدالملك ( حكمه سنة 125 إلى 126 هجرية)
استلم السلطة بعد هلاك هشام بن عبد الملك وكان جبارا غشوما فاسقا  شريبا للخمر, قال الدميري (وكان قد اصطنع بِركة من الخمر، فكان إذا طرب ألقَى نفسه فيها وكان يشرب منها حتَّى يبين النقص في أطرافها)( حياة الحيوان للدميري ج1 ص72) , و دون السيوطي فيه  (وكان فاسقاً شريباً للخمر منتهكاً حرمات الله أراد الحج ليشرب فوق ظهر الكعبة).. وحصره الناس لقتله فقالوا له: ( ما ننقم عليك في أنفسنا لكن ننقم عليك انتهاك ما حرم الله وشرب الخمر ونكاح أمهات أولاد أبيك واستخفافك بأمر الله... ولما قتل وقطع رأسه وجيء به يزيد الناقص نصبه على رمح فنظر إليه أخوه سليمان بن يزيد فقال: بعداً له أشهد أنه كان شروباً للخمر ماجناً فاساقاً ولقد راودني على نفسي.) ( تاريخ الخلفاء للسيوطي ج1 سيرة الوليد) . تأمل أنه كان ينكح زوجات أبيه ويعاقر الخمر ويمارس اللواط بأعتراف أخيه سليمان الذي قال (ولقد رواودني عن نفسي) .  وقال السيوطي مدافعا عن الوليد( لم يصح عن الوليد كفر ولا زندقة بل اشتهر بالخمر والتلوط)( تاريخ الخلفاء ج 1) فأخرجه من تهمة الكفر والزندقة لكنه أعترف بلواطه وسكره! في عهده خرج يحيى بن زيد بن علي , وأمر حينها الوليد أن تحرق جثة زيد ( والد يحيى) , وكان هشام بن عبد الملك قد أمر بصلب زيد كما تقدم أعلاه , فلما تولى الحكم الوليد الفاسق أمر واليه على العراق يوسف بن عمر الثقفي بحرق جثة زيد رضوان الله عليه (أمّا بعد، فإذا أتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فاحرقه وانسفه في اليمّ نسفاً والسلام). (مقاتل الطالبيين للأصفهاني).

العباسي أبوجعفر المنصور سفاح آل محمد وقاتل الامام الصادق (حكم من سنة 136 إلى هلاكه سنة 158 هجرية)
تقدم ذكرنتف من سيرة الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور , وقرأنا سفحه لدماء آل بيت النبي وزجهم في سجونه في فصل ( استمرار المؤامرة على النبي وآله) , فما هو منبت أبوجعفر وماهو نسبه؟
كان أبومسلم الخراساني يعيره بإمه فقال فيه يوما (ويْلي على ابن سلامة!) وسلامة هي أم المنصور , ووصفها أبو مسلم الخرساني بالزانية حيث قال في أبي جعفر ( أفعلها ابن سلامة الفاعلة , لايكني ) ( جواهر التاريخ ج3 للكوراني , وعن أنساب الاشراف للبلاذري ص 296) . وعندما حبس المنصور عبد الله بن الحسن  كناه عبدالله بن الحسن باسم أمه سلامة تعييرا له , وقد تقدم ذكر ذلك في فصل (استمرار المؤامرة) . وفصل الكوراني في جواهر التاريخ ج3 : (عندما حبس المنصور عبد الله بن الحسن قال له: يا ابن اللخناء ! فأجابه :( ليت شعري أي الفواطم لخَّنْتَ يا ابن سلامة؟ أفاطمة بنت الحسين أم فاطمة بنت رسول الله أم جدتي فاطمة بنت أسد بن هاشم جدة أبي...أم فاطمة ابنة عمرو بن عائذ.. جدة جدتي؟قال: ولا واحدة من هؤلاء)! (تاريخ اليعقوبي ج2 ص 270) ودون العلامة الكوراني : ( ..ويظهر أن سلامة كانت معروفة بالسوء ، فقد كان الإمام الصادق إذا ذكر المنصور أمام خاصته (زنَّاه) أي وصفه بابن الزنا ! (تقريب المعارف للحلبي ص248 ، البحارج30 ص384). ومما يدل على أن المنصور لغير رشدة ، ما رواه الصدوق في علل الشرائع ( ج1ص58)، عن الإمام الصادق في قوله تعالى:  وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه.. فقيل له من كان يمنعه؟ قال منعه
 منعه أنه كان لرشده ، لأن الأنبياء والحجج لا يقتلهم الا أولاد زنا) ! (ونحوه كامل الزيارات ص163، ومستطرفات السرائرص 644). وقد قتل المنصور الإمام الصادق ، فدل ذلك على حال أمه !) ( جواهر التاريخ للكوراني ج5 , هوية المنصور)
أبوجعفر المنصور سارق أموال الدولة وخائن للأمانة!
 روى الكوراني عن ابن خلكان قوله: (كان المنصور قبل الخلافة ينوب عن سليمان المذكور في بعض كور فارس فاتهمه بأنه احتجن المال لنفسه ، فضربه بالسياط ضرباً شديداً وأغرمه المال ، فلما ولي الخلافة ضرب عنقه . وكان سليمان قد عزم على هتكه عقيب ضربه فخلصه منه كاتبه أبو أيوب المذكور ، فاعتدها المنصور له واستوزره )(  جواهر التاريخ ج3 للكوراني , وعن وفيات الاعيان لابن خلكان ج2 ص 410, وسير الذهبي ج7 ص23 ، وتاريخ الذهبي ج9 ص675, الوافي بالوفيات للصفدي ج15 ص 231, شرح النهج ج15 ص238) فعندما صار المنصور خليفة قتل سليمان المذكور, ثم قتل أبو أيوب كاتب سليمان بعد ذلك ! ليس بعيدا أن أباجعفر المنصور قتل أخاه السفاح كذلك ليتولى حكم الدولة وهناك روايات تؤكد ذلك . مر بنا في فصل (استمرار المؤامرة) كيف قتل وسجن الخليفة المنصور آل بيت النبي من اولاد الحسن بلا تهمة ولاجريمة ,ولايفعل ذلك ببقية النبي الكريم إلا من سمى الناس أمه بالفاعلة.




المهدي العباسي بن أبي جعفر المنصور (158-168 هجرية)
بعد هلاك المنصور تولى ابنه المهدي مقاليد الامور, ومر ذكر سبب تلقيبه بالمهدي , فقد سعى العباسيون في اختطاف القاب المهدي المنتظر وانتحلوها لأنفسهم فكان اسم الخليفة تصريحا باسم المهدي نفسه. عاش المهدي العباسي حياة ترف القصور ونعيمها وبذخها , ويحكى أنه كان يجامع جواري أبيه المنصور وذلك فعل محرم في الدين ولكن أين الحرمة عند اصحاب الاصل الوضيع , قال في ذلك معاصره الشاعر بشار بن برد:
خليفة يزني بعماته ... يلعب بالدبوق والولجان
ابدلنا الله به غيره ...ودس موسى في حِرِالخيزران  ( الكامل لابن الاثير ج4 , حوادث سنة 169 ومثله في معاهد التنصيص على شواهد التخصيص للعباسي ج1 ص 100 طبعة النت)
ولبذخه ومجونه قيل انه مات في رحلة صيد (وخرج يتصيد فأقام سائر يومه يطرد واتبعت الكلاب ظبياً وأمعن في الطلب واقتحم الظبي باب خربة ومرت الكلاب واقتحم به الفرس في أثره فصدمه باب الخربة وحمل إلى مضاربه فتوفي لثمان بقين من المحرم سنة 169 وهو ابن ثمان وأربعين) ( تاريخ اليعقوبي ج1 ص 270, ومثله في الكامل لابن الاثير) وزاد ابن الاثير فذكر سببا آخر لموته فقال‏:‏ بل بعثت جارية من جواريه إلى ضرة لها بإناء فيه سم فدعا به المهدي فأكل منه فخافت الجارية أن تقول إنه مسموم فمات من ساعته‏.‏ وقيل‏:‏ بل عمدت حسنة جارية له إلى كمثرى فأهدته إلى جارية أخرى كان المهدي يتخطاهأن وسمت منه كمثراة هي أحسن الكمثرى فاجتاز بالمهدي فدعا به وكان يحب الكمثرى فأخذ تلك الكمثرى المسمومة فأكله أن فلما وصلت إلى جوفه صاح‏:‏ جوفي جوفي‏!‏ فسمعت صوته فجاءت تلطم وجهها وتبكي وتقول‏:‏ أردت أن أنفرد بك فقتلتك‏!‏ فمات من يومه )( الكامل لابن الاثير ج4 , حوادث سنة 169)
اشتهرت ابنته علية بنت المهدي بأشعار الغزل والخمرة التي دلت على البيئة الماجنة التي نشأت فيها , تقول علية
(تعالوا ثم نصطبحُ ونَلْهُو ثُمَّ نَقْتَرِحُ
ونجمعُ في لذاذتنا فإِنَّ القَوْمَ قَدْ جَمَحوا
وقولها كذلك :
اشرب وغنّ على صوتِ النواعيرِ ما كنتُ أعرفها لولا ابنُ منصورِ
وقولها
لأشربنَّ بكأسٍ بعدما كأسِ راحاً تدورُ بأخماسٍ وأسداسِ
وأرضعُ الدَّرَّ منها باكراً أبداً حَتَّى أُغَيَّبَ في لحْدٍ وأرْماسِ )( أشعار علية بنت المهدي , من موقع أدب العالمي للشعر), وانبرى الذهبي واعظ السلاطين مدافعا عن علية فاتحفنا بتحفة من تحفه , فقال (علية بنت المهدي وأخت الرشيد الهاشمية العباسية أدبية شاعرة عارفة بالغناء والموسيقى رخيمة الصوت ذات عفة وتقوى ومناقب وأمها أم ولد اسمها مكنونة كانت جميلة بارعة الغناء اشتريت بمئة ألف وكانت علية من ملاح زمانها وأظرف بنات الخلفاء روى إبراهيم بن إسماعيل الكاتب أنها كانت لا تغني إلا زمن حيضها ) ( سير أعلام النبلاء, حرف العين من النساء) ولاندري كيف تكون ذات عفة وتقوى واشعارها في الخمر والغزل الفاحش؟ وأنوك ما قاله فيها أنها لاتغني إلا زمن حيضها, فتأمل تهافت القول  وزد عجبا.

الخليفة العباسي الهادي بن المهدي العباسي, مجرم مذبحة فخ ( حكم أقل من سنة عام 169 هجرية)
ابن المهدي العباسي , حفيد ابي جعفر المنصور , وأخو الخليفة هارون الرشيد. تقدم ذكر مذبحة فخ تلك التي ذبح فيها جيش سلطة الخليفة الهادي العباسي جمع غفير من آل بيت النبي الكريم وأنصارهم بين مكة والمدينة. كان المهدي العباسي لدودا للطالبيين, قال اليعقوبي (وذلك أن موسى ألح في طلب الطالبيين وأخافهم خوفا شديدا وقطع ما كان المهدي يجريه لهم من الأرزاق والأعطيه وكتب إلى الآفاق في طلبهم وحملهم) ( تاريخ اليعقوبي ج1 ص 274) هذا الخليفة الغاشم ماهي سيرته بعد أن عرفنا وضاعة اصله؟  فأم جده المنصور سلامة الفاعلة كما مر بنا , وعائلته نشأت في بيئة القصور الماجنة , لنقرأ التاريخ :( وكان يشرب المسكر, وفيه ظلم وشهامة ولعب )( سير الاعلام للذهبي ج7ص441), وروى الطبري (قال ابن دأب: فدخلت عليه وهو منبطح على فراشه ، وإن عينيه لحمراوان من السهر وشرب الليل ، فقال لي: حدثني بحديث في الشراب! فقلت: نعم يا أمير المؤمنين ...) ( جواهر التاريخ ج3 نقلا عن تاريخ الطبري ج6 ص436)
ويروى أن أمه الخيزران ( زوجة المهدي) كانت تود رئيس شرطة زوجها  واسمه عبد الله بن مالك , فلما هلك زوجها ( الخليفة المهدي)  صارت تقابل رئيس الشرطة عبد الله بن مالك و تقضي حوائجه , ولما علم ابنها الهادي بالامر استشاط غضبا على أمه وحاول قتلها بالسم فلم يفلح ولكنها نجحت في قتله خنقا وقيل بالسم , فتأمل السقوط الاخلاقي في قصور الخلفاء فيالرداءة الاصل وخساسة المنبت ومن يقتل آل النبي (ص) سوى أصحاب الاصل الوضيع . دون التاريخ في هلاك الهادي العباسي :
(وقيل إن وفاته كانت من قبل جوار لأمه الخيزران كانت أمرتهن بقتله، وكان سبب أمرها بذلك أنه لما ولي الخلافة كانت تستبد بالأمور دونه، وتسلك به مسلك المهدي، حتى مضى أربعة أشهر، فانثال الناس إلى بابها وكانت المواكب تغدو وتروح إلى بابها فكلمته -( كلمت ابنها المهدي)- يوماً في أمر لم يجد إلى إجابتها سبيلا فقالت: لا بد من إجابتي إليه، فإنني قد ضمنت هذه الحاجة لعبد الله بن مالك. فغضب الهادي وقال: ويلي على ابن الفاعلة! قد علمت أنه صاحبها والله لا قضيتها لك. قالت: إذاً والله لا أسألك حاجة أبداً؛ قال: لا أبالي والله، وغضبت فقامت مغضبة، فقال: مكانك والله، وإلا أنا نفي من قرابتي من رسول الله ، لئن بلغني أنه وقف ببابك أحد من قوادي وخاصتي لأضربن عنقه، ولأقبضن ماله. ما هذه المواكب التي تغدو وتروح إلى بابك؟ أما لك مغزل يشغلك، أومصحف يذكرك، أوبيت يصونك؟ إياك! وإياك! لا تفتحي بابك لمسلم ولا ذمي. فانصرفت وهي لا تعقل، فلم تنطق عنده بعدها. ثم إنه قال لأصحابه: أيما خير أنا أم أنتم، وأمي أم أمهاتكم؟ قالوا: بل أنت وأمك خير. قال: فأيكم يحب أن يتحدث الرجال بخبر أمه، فيقال: فعلت أم فلان، وصنعت؟ قالوا: لا نحب ذلك. قال: فما بالكم تأتون أمي، فتتحدثون بحديثها؟ فلما سمعوا ذلك انقطعوا عنها. ثم بعث بأرز، وقال: قد استطبتهأن فكلي منها. فقيل لها: أمسكي حتى تنظري! فجاؤوا بكلب، فأطعموه، فسقط لحمه لوقته، فأرسل إليها: كيف رأيت الأرز؟ قالت: طيباً. قال: ما أكلت منها ولوأكلت منها لاسترحت منك، متى أفلح خليفة له أم! وقيل: كان سبب أمرها بذلك أن الهادي لما جد في خلع الرشيد والبيعة لابنه جعفر خافت الخيزران على الرشيد، فوضعت جواريها عليه لما مرض، فقتلنه بالغم والجلوس على وجهه، فمات، فأرسلت إلى يحيى بن خالد تعلمه بموته.) ( الكامل لابن الاثير, هلاك الخليفة الهادي,  تاريخ الخلفاء للسيوطي ج1 , تاريخ الطبري ج6 ص 421).
لم تهمل جريمة مذبحة فخ هذا الطاغية سوى فترة من زمن ليقضي مخنوقاً على يد جواريه وبأمر أمه الخيزران , ويذكرنا هذا بجريمة مذبحة كربلاء التي لم تمهل الطاغية يزيد سوى فسحة زمن قصيرة حتى هلك من أفراطه في الشراب, ويذكرنا بموت مروان بن الحكم الذي مات مخنوقاً بمخدات الجواري .





الخليفة العباسي هارون المتلقب بالرشيد ( 170 - 193 هجرية)
دأب المجملون لتاريخ الاسلام بتبييض سيرة الخلفاء والسلاطين فجعلوا من هارون الرشيد فلتة زمانه وسموا عصره بالعصر الذهبي, ومما دون كتبة البلاط أن هارون كان تقياً يحج عاما ويغزو عاما ويصلي في اليوم مائة ركعة وغيرها ولن نأتي بتلك التدوينات لاشتهارها بين الناس , ولننظر في الجانب الخفي الذي أخفاه المؤرخون بين سطور كتاباتهم لنرى حقيقة هارون الرشيد وسلوكه فهل حقا كان هارون كما روج المدونون؟
هارون الرشيد ينكح زوجات أبيه !
روى  السيوطي : (لما أفضت الخلافة إلى الرشيد وقعت في نفسه جارية من جواري المهدي- المهدي هو أبو هارون- فراودها عن نفسها فقالت: لا أصلح لك إن أباك قد طاف بي- تعني أن أباه قد ضاجعها- فشغف بها فأرسل إلى أبي يوسف فسأله أعندك في هذا شيء فقال يا أمير المؤمنين أو كلما ادعت أمة شيئاً ينبغي أن تصدق لا تصدقها فإنها ليست بمأمونة قال ابن المبارك: لم أدر ممن أعجب من هذا الذي قد وضع يده في دماء المسلمين وأموالهم يتحرج عن حرمة أبيه أو من هذه الأمة التي رغبت بنفسها عن أمير المؤمنين أو من هذا فقيه الأرض وقاضيها قال اهتك حرمة أبيك وقض شهوتك وصيره في رقبتي.)( تاريخ الخلفاء ج1, اخبار الرشيد), وهكذا بفتوى من  أبي يوسف أستحل هارون أن ينكح زوجة أبيه  !
عائلة الخليفة هارون عائلة وضيعة متهتكة!
كان هارون لايصبر عن مفارقة نديمه جعفر البرمكي وكانت اخت هارون عباسة بنت المهدي تحضر منادمات الخمر تلك وتسكر مع اخيها الرشيد وصاحبه جعفر
( كان هارون لايصبر عن جعفر وعن أخته عباسة بنت المهدي وكان يُحضرهما إذا جلس للشرب ، وذلك بعد أن أعلم جعفراً قلة صبره عنه وعنها ، وقال لجعفر أزوجكها ليحل لك النظر إليها إذا أحضرتها مجلسي ، وتقدم إليه ألا يمسها ولا يكون منه شئ مما يكون للرجل إلى زوجته ! فزوجها منه على ذلك فكان يحضرهما مجلسه إذا جلس للشرب ثم يقوم عن مجلسه ويخليهما ، فيثملان من الشراب وهما شابان فيقوم إليها جعفر فيجامعها ، فحملت منه وولدت غلاماً ، فخافت على نفسها من الرشيد إن علم بذلك ، فوجهت بالمولود مع حواضن له من مماليكها إلى مكة ) !  ( تاريخ الطبري ج6 ص 289, سير اعلام النبلاء للذهبي ج9 ص66), تأمل وضاعة العائلة الحاكمة , اخت الخليفة تجامع جعفرا البرمكي بعد أن يسكران مع الخليفة حتى حبلت منه. وقيل أن سبب قتل هارون للبرامكة هو مضاجعة جعفر البرمكي لاخت هارون وحبله منها وهو عذر اقبح من ذنب استحدثه كتبة البلاط للدفاع عن شرف الخليفة الوضيع وفي ذلك يقول الشاعر أبونواس :
إذا ما ناكث سرك أن تعدمه راسه
فلا تقتله بالسيف  وزوجه بعباسه (سير الذهبي ج10, باب البرمكي)
إن كانت علية بنت المهدي قد حبلت من جعفر البرمكي فإن شقيقتها فاختة بنت المهدي وهي أخت الخليفة هارون أيضا كانت قد  ضاجعت جعفرا البرمكي كذلك بدون عقد ولاشرط وكما يلي :
( استأذنته أخته( هارون الرشيد) فاختة بنت المهدي وشقيقته في إتحاف جعفر ( البرمكي) ومهاداته فأذن لها، وكانت قد استعدت له بالجواري الرائعات والقينات الفاتنات ، فتهدي له كل جمعة بكراً يفتضها ! إلى ما تصنع له من ألوان الطعام والشراب والفاكهة ، وأنواع الكسوة والطيب ، كل ذلك بمعرفة أمير المؤمنين ورأيه! فاستمرت بذلك زماناً ومضت به أعواماً ، فلما كانت جمعة من الجمع دخل جعفر القصر الذي استعدت به ، ولم يُرع جعفر إلا بفاختة ابنة المهدي في القصركأنها جارية من الجواري اللاتي كن يهدين له ، فأصاب منها لذته وقضى منها حاجته ولا علم له بذلك ! فلما كان المساء وهمَّ بالإنصراف ، أعلمته بنفسها وعرفته بأمرها ، وأطلعته على شديد هواها وإفراط محبتها له )( النص عن كتاب الكاظم سيد بغداد للعلامة الكوراني ونقله عن الامامة والسياسة ج2 ص172) , ولاعجب في ذلك فأم الخليفة هارون هي الخيزران تلك التي كان تود رئيس الشرطة أيام حكم ابنها المهدي وقد مرت بنا الرواية , فوضاعة الاصل توارثته هذه العائلة .
الخليفة السكير يرقص وينتشي بسكرة الخمر
كان الخمرة تأخذ مأخذها من هارون وندمانه فكان يرقص بعد انتشاءه بالخمر ويستمر بالشراب الى الصباح :
(عن محمد بن جعفر قال شهدت أبي يحدث جدي وأنا صغير قال أخذ بيدي أمير المؤمنين فأقبل يخترق الحجر حتى أنتهينا إلى حجرة ففتحها ودخلنا فأغلقها وقعدنا على باب ونقره فسمعت صوت عود فغنت امرأة فأجادت فطربت والله ثم غنت فرقصنا معا وخرجنا فقال لي أتعرف هذه قلت لا قال علية أختي والله لئن لفظت به لأقتلنك)( سير أعلام النبلاء ج10 ص 187  سيرة البرمكي, ومثله في الاغاني للاصفهاني ج3 ص131, نهاية الارب للنويري ج2 ص980). وكانت اخت الرشيد علية بنت المهدي من المغنيات روى الاصفهاني ( زار الرشيد علية فقال لها :  بالله يا أختي غنيني, فاطرب الرشيد وشرب عليه بقية يومه) ( الاغاني للاصفهاني ج10 ص190).
سعى كتبة البلاط في الذب عن خليفة المسلمين لكنهم لم يصمدوا أمام الحقائق الدامغة , ومن سعيهم قول ابن كثير بأن هارون كان يعاقر الخمرة ولكن في آخريات ايامه , فتأمل حمق المزيفين, أرد ابن كثير أن يبيض صفحة هارون فسودها فزعم أن سكره كان في آخريات أيامه ونقول إذا كان كذلك فالاعمال بخواتيمها فيالها من خاتمة للطاغية هارون , روى ابن كثير فقال (كان جعفر يدخل على الرشيد بغير إذن حتى كان يدخل عليه وهو في الفراش مع حظاياه ، وهذه وجاهة ومنزلة عالية ! وكان عنده من أحظى العشراء على الشراب المسكر ، فإن الرشيد كان يستعمل في أواخر أيام خلافته المسكر . .)( البداية والنهاية ج10 ثم دخلت سنة سبع وثمانين ومائة)
كيف جمع هذا الخليفة بين الرقص في الليل وإقامة مائة ركعة كما زعموا؟ ومتى كان يصلي إذا كان للخمرة نصيب في يومه ؟
لقد أنجب هارون الرشيد ثلاثة خلفاء هم الامين والمأمون والمعتصم, وجو متهتك لهكذا عائلة لاينشأ فيه إلا المتهتكين وسنرى في سيرة أولاده مزيدا من وضاعة العائلة الحاكمة.
تقدم في فصل ( الائمة الاثني عشر), أن الأمام موسى بن جعفر الكاظم توفي مسموما في سجن الطاغية هارون الرشيد , وهذا يعيدنا الى صلب الموضوع , فلايحارب خير الناس إلا أشرارهم ولايقتل الائمة إلا أصحاب الاصل الوضيع وهارون وعائلته منهم.



الخليفة الامين بن الخليفة هارون !(193-198 هجرية)
بعد هلاك هارون الرشيد تولى الخلافة ابنه الامين , والامين الذي كإخوته نشأ في جو الترف والمجون في قصر العائلة واشتهر بلواطه وعشقه للغلمان ! مؤدبه ومؤدب أخوته هو عالم العربية المعروف الكسائي الذي اشتهر بلواطه وسكره أيضا , وقد نجح كتبة التاريخ الى حد ما في التستر على العاهة الاخلاقية للكسائي إلا أن الحقيقة لايمكن أخفاءها الى الابد!
ذكر السيوطي نقلا عن ابن الاعرابي : ( كان الكسائي اعلم الناس, ضابطا عالما بالعربية قارئا صدوقا , إلا أنه كان يديم شرب النبيذ ويأتي الغلمان) ( بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحات للسيوطي ج2 ص 137), ودون الصفدي : ( أنه كان يشرب الشراب ويأتي الغلمان, قيل إنه أقام غلاما ممن عنده في الكتاب يفسق به وجاء بعض الكتاب ليسلم عليه فرآه الكسائي ولم يره الغلام فجلس الكسائي في مكانه وبقي الغلام قائما مبهوتا ,فلما دخل الكاتب قال ما شأن هذا الغلام قائما ؟ قال: وقع الفعل عليه فانتصب ذكر ذلك ياقوت في معجم الأدباء) ( الوافي بالوفيات ج21 ص 49 للصفدي المتوفى سنة 764 هجرية).  وهذا مكمن الداء فإذا كان المؤدب فاسقا فما حال الطالب والمتعلم؟ لم تهم الامين أمور الدولة بقدر الاهتمام بأمور ديوانه الذي كان يعج بالغلمان والخصيان والشاذين! قال السيوطي (لما ملك الأمين ابتاع الخصيان وغالى بهم وصيرهم لخلوته ورفض النساء والجواري) ( تاريخ الخلفاء ج1, سيرة الامين) , وقال ابن الاثير وغيره: (لما ملك الأمين وكاتبه المأمون، وأعطاه بيعته، طلب الخصيان وأباعهم وغالى فيهم، فصيرهم لخلوته ليله ونهاره،وقوام طعامه وشرابه، وأمره ونهيه، وفرض لهم فرضاً سماهم الجرادية، وفرضاً من الحبشان سماهم الغرابية، ورفض النساء الحرائر والإماء حتى رمى بهن , ومما قيل فيه من الشعر
لقد أبقيت للخصيان هقلا يحمل منهم شؤم البسوس
فأما نوفل فالشأن فيه وفي بدر فيالك من جليس
وما للمعصمي شئ لديه إذا ذكروا بذي سهم خسيس
وماحسن الصغير أخس حالا لديه عند مخترق الكؤوس
لهم من عمره شطر وشطريعاقر فيه شرب الخندريس
وما للغانيات له حظ سوى التقطيب والوجه العبوس.
وجه إلى جميع البلدان في طلب الملهين وضمهم إليه وأجرى عليهم الأرزاق واحتجب عن أخويه وأهل بيته واستخف بهم وقواده وقسم ما في بيوت الأموال وما بحضرته من الجواهر في خصيانه وجلسائه ومحدثيه وأمر ببناء مجالس لمنتزهاته وموضع خلواته ولهوه ولعبه وعمل خمس حراقات في دجلة على صورة الأسد والفيل والعقاب والحية والفرس وانفق في عملها مالا عظيما .. الخ) ( بأختصار عن الكامل لابن الاثير ج5 ص 410, ذكر أيام الأمين). لقد وصل شغف الامين بالغلمان والخصيان الى حد لايمكن نكرانه مما جعل أمه زبيدة تأمر الجواري الحسان بلبس ملابس الرجال أملا منها بتغيير الشذوذ في ابنها الامين , وظهرت في عهدها موضة الغلاميات وهن جواري القصر الحسان الذين كانوا يلبسون ملابس الرجال ! ( فلما رأت أم جعفر شدة شغف الامين بالخدم واشتغاله بهم اتخذت الجواري المقدودات الحسان الوجوه ، وعممت رؤوسهن ، وجعلت لهن الطُّرَر والأصداغ والأقفية، وألبستهن الأقبية والقراطق والمناطق ، فماست قدودهن ، وبرزت أردافهن ، وبعثت بهن إليه ، فاختلفن في يديه ، فاستحسنهن واجتذبن قلبه إليهن ، وأبرزهن للناس من الخاصة والعامة ، واتخذ الناس من الخاصة والعامة الجواريَ المطمومات ، وألبسوهن الأقبية والمناطق ، وسموهن الغُلاميات) (مروج الذهب ج4 ص226). ويشير هذا النص من بعيد الى انتشار اللواط والسحاق في قصور الخلفاء.
ذكر السيوطي في الخليفة الامين قول الشاعر:
(أضاع الخلافة غش الوزير وفسق الأمير وجهل المشير
لواط الخليفة أعجوبة  وأعجب منه حلاق الوزير
فهذا يدوس وهذا يداس كذاك لعمري خلاف الأمور)( السيوطي, تاريخ الخلفاء 1 سيرة الامين)
واتخذ الامين عشاقا من الغلمان منهم غلامه كوثر
 (خرج كوثر خادم الأمين ليرى الحرب فأصابته رجمة في وجهه فجعل الأمين يمسح الدم عن وجهه ثم قال: ضربوا قرة عيني  ومن آجلي ضربوه.. أخذ الله لقلبي  من أناس أحرقوه)( تاريخ الخلفاء ج1 , سيرة الامين)


الخليفة المأمون ( 198-218 هجرية)
تمكن المأمون من قتل أخيه الخليفة الامين وصار خليفة للمسلمين , ويرينا هذا سخافة من يقول أن الدولة كانت تسير بنظام حكم أسلامي! تربى المأمون كذلك تحت رعاية المؤدب الكسائي , فإن كان أخوه الأمين قد انفضح ستره وعرف الناس شذوذه فأن المأمون كان أذكى في ذلك , ولم يمنع هذا من فضحه وكشف مثالبه.
المأمون يعشق الخمر كأخيه وأبيه وعماته وخالاته
 (وكان يحجب المأمون على النبيذ فتح الخادم ، وياسر يتولى الخلع ، وحسين يسقي ، وأبو مريم غلام سعيد الجوهري يختلف في الحوائج . فركب طاهر إلى الدار فدخل فتح فقال: طاهر بالباب . فقال: إنه ليس من أوقاته ، إئذن له . فدخل طاهر فسلم عليه فرد وقال: إسقوه رطلاً ، فأخذه في يده اليمنى وقال له: أجلس ، فخرج فشربه ثم عاد وقد شرب المأمون رطلاً آخر ، فقال: إسقوه ثانياً ، ففعل كفعله الأول ، ثم دخل فقال له المأمون: أجلس ، فقال: يا أمير المؤمنين ليس لصاحب الشرطة أن يجلس بين يدي سيده ، فقال له المأمون: ذلك في مجلس العامة ، فأما مجلس الخاصة فطِلْق )( تاريخ الطبري ج7 ص157).
(عن أبي أحمد بن الرشيد قال:كنت يوماً بحضـرة المأمون وهو يشرب ، فدعا بياسر وأدخله فسارَّه بشئ ومضى وعاد . فقام المأمون وقال لي: قم ، فدخل دار الحرم ودخلت معه فسمعت غناء أذهل عقلي ، ولم أقدر أن أتقدم ولا أتأخر . وفطن المأمون لما بي فضحك ثم قال: هذه عمتك عُلَية تطارح عمَّك إبراهيم ) ( الاغاني للأصفهاني ج10 ص314). عُلية هي بنت المهدي وعمة الخليفة المأمون, أما ابراهيم فعمه كذلك. فعلية وابراهيم يغينان ويسكران في حضرة الخليفة!
 (دخل الحسن بن سهل على المأمون وهو يشـرب فقال له: بحياتي وبحقي عليك يا أبا محمد إلَّا شربت معي قدحاً ، وصب له من نبيذه قدحاً ، فأخذه بيده وقال له: من تحبُّ أن يُغَنِّيك ؟ فأومأ إلى إبراهيم بن المهدي فقال له المأمون: غنه يا عم ، فغناه..)( الاغاني ج10 ص 332)


شذوذ الخليفة المأمون!
اشتهر الخليفة الأمين ( أخو المأمون)  بشذوذه ولواطه, ولاعجب فيمن كان مؤدبه الكسائي وهو شاذ كذلك كما تقدم ذكره , وكان الكسائي مؤدبا لجميع اولاد هارون الرشيد وهم الأمين والمأمون والمعتصم والقاسم. سعى الخليفة المأمون في أخفاء شذوذه ,ولكن لاتخفى الحقائق عمن يبحث عنها . فقد اتخذ المأمون من قاضي الدولة آنذاك صديقا حميما , وقاضي دولته هو يحيى بن اكثم واشتهر يحيى بن أكثم بشذوذه وعشقه للغلمان, فتأمل بربك حال الدولة التي قاضيها يلوط ويلاط به . قال ابن كثير الدمشقي يمتدح قاضي القضاة يحيى بن أكثم (يحيى بن أكثم من أئمّة السنّة ، وعلماء الناس ومن المعظمين للفقه.) (البداية والنهاية ج10ص 316) , وقال الذهبي فيه (حدث عنه: الترمذي، وأبو حاتم، والبخاري خارج  صحيحه ، وإسماعيل القاضي، وإبراهيم بن محمد بن متويه، وأبو العباس السراج، وعبد الله بن محمود المروزي، وآخرون. وكان من أئمة الاجتهاد) ( سير أعلام النبلاء , ترجمة ابن أكثم).ولاندري كيف يأخذ الفقهاء والعلماء علومهم الدينية من رجل اشتهر بشذوذه , وعلى الدولة السلام إن كان قاضي قضاتها مثل يحيى بن أكثم, ولكن مايهم ذلك عند اصحاب الاصل الوضيع الذين تسلطوا على رقاب الناس! روى التاريخ في الصداقة الحميمة بين المأمون وقاضيه يحيى بن أكثم فقال : (وغلب ( يحيى بن أكثم) على المأمون حتى لم يتقدمه أحد عنده من الناس جميعاً، وكان المأمون ممن برع في العلوم ، فعرف من حال يحيى بن أكثم وما هو عليه من العلم والعقل ما أخذ بمجامع قلبه ، حتى قلده قضاء القضاء ، وتدبير أهل مملكته ، فكانت الوزراء لا تعمل في تدبير الملك شيئاً ، إلا بعد مطالعة يحيى بن أكثم ، ولا نعلم أحداً غلب على سلطانه في زمانه ، إلا يحيى بن أكثم وابن أبي دؤاد).( الامام الجواد للعلامة الكوراني فصل 7, ونقله عن تاريخ بغداد ج14 ص210, تهذيب الكمال للمزي ج31 ص 216, تهذيب التهذيب لابن حجر ج11ص161)
روى الثعالبي في صداقة يحيى بن أكثم والخليفة المأمون ففصل قائلا: ( أصله من مرو فاتصل بالمأمون ايام مقامه بها فاختص به واستولى على قلبه وصحبه إلى بغداد ومحله منه محل الأقارب أو أقرب ... ولاه المأمون قاضى القضاة وأمر بألا يحجب عنه ليلا ولا نهارا وأفضى إليه بأسراره وشاوره فى مهماته وكان يحيى ألوط من ثفر ومن قوم لوط وكان إذا رأى غلاما يفسده وقعت عليه الرعدة وسال لعابه وبرق بصره, وكان لا يستخدم فى داره إلا المرد الملاح ويقول قد اكرم الله تعالى أهل جنته بأن أطاف عليهم الغلمان فى حال رضاه عنهم لفضلهم على الجوارى فما بالى لا أطلب هذه الزلفى والكرامة فى دار الدنيا معهم.  ويقال إنه هو الذى زين للمأمون اللواط وحبب إليه الولدان وغرس فى قلبه محاسنهم وفضائلهم وخصائصهم, وقال إنهم بالليل عرائس وبالنهار فوارس وهم للفراش والهراش وللسفر والحضر فصدر المأمون عن رأيه وجرى فى طريقه واقتدى به المعتصم حتى اشتهر بهم وملك ثمانية آلاف منهم وما كان بنو العباس يحومون حولهم اللهم إلا ما كان يؤثر عن محمد الأمين من استخدام الخصيان والعبث بهم دون فحول الولدان) ( ثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي ج1 ص156), تأمل قوله ( واقتدى به المعتصم), فالمعتصم أخو الامين والمأمون ,فالثلاثة أولاد هارون الرشيد تربوا على يد الكسائي الشاذ في بيئة القصر الماجنة, وسيأتينا ذكر شذوذ المعتصم وولعه بالولدان كذلك. إما قوله أن يحيى بن أكثم زين للمأمون اللواط ,فنضيف عليه أن المأمون تلقى هذه الخصلة الشاذة من مربيه اللوطي الآخر الكسائي أيضا, ويبدو أن القاضي يحيى بن اكثم كان مولعا بأولاد الخلفاء كما كان الكسائي أيضاً حيث يروي الثعالبي:
(يحكى أن المأمون نظر يوما إلى يحيى بن أكثم فى مجلسه وهو يحد النظر إلى ابن أخيه الواثق وهو إذ ذاك أمرد تأكله العين, فتبسم إليه وقال يا أبا محمد حوالينا ولا علينا فقال يا أمير المؤمنين إن الكلب لا يأكل النار)( ثمار القلوب للثعالبي ج 1 ص 156) والواثق هو ابن المعتصم فيكون المأمون عمه, وحقا كان فقد صار الواثق خليفة بعد ذلك يأتي الغلمان كأبيه وأعمامه, وسيأتي ذكر سيرته.
 
على الرغم من شكاية الناس للخليفة على سوء أخلاق قاضي القضاة يحيى بن اكثم فإن المأمون كان يقف موقف الناصر لصديقه وحبيبه القاضي ! روى المسعودي:
 (فرُفع إلى المأمون أنه أفسد أولادهم بكثرة لواطه ، فقال المأمون: لو طعنوا عليه في أحكامه قُبِل ذلك منهم !  قالوا: يا أمير المؤمنين قد ظهرت منه الفواحش وارتكاب الكبائر ، واستفاض ذلك عنه ، وهو القائل  في صفة الغلمان وطبقاتهم ومراتبهم وفي أوصافهم قوله المشهور !)( مروج الذهب ج3 ص 434) تأمل دفاع الخليفة عن قاضيه اللوطي وزد عجباً فشذوذ يحيى لم يكن مهما عند المأمون فهو عارف به  مسبقا ! وأنشد الشاعر في يحيى بن اكثم فقال:
(لا أفلحت أمةٌ وحق لها بطول نكس وطول إتعاس
ترضى بيحيى يكون سائسها وليس يحيى لها بسوَّاس
قاضٍ يري الحد في الزناء ولايرى على من يلوط من باس
يحكم للأمرد الغرير على مثل جرير ومثل عباس
فالحمد لله كيف قد ذهب ال‍عدلُ وقلَّ الوفاء في الناس
أميرنا يرتشـي وحاكمنا يلوط والرأس شرُّ مَا راس
لو صلح الدين واستقام لقدقام على الناس كل مقياس
لاأحسب الجور ينقضي وعلى الأمة قاض من آل عباس) ( الابيات عن كتاب الجواد للعلامة الكوراني ونقلها عن تاريخ بغداد ج14 ص199)
المأمون قاتل الامام علي بن موسى الرضا!
تقدم  في سيرة الرضا أنه مات مسموماً في عهد الخليفة المأمون وكان المأمون قد ولاه ولاية العهد من بعده , ثم غدر به وسقاه السم , قال اليعقوبي (توفي الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد ، بقرية يقال لها النوقان أول سنة 203، ولم تكن علته غير ثلاثة أيام ، فقيل إن علي بن هشام أطعمه رماناً فيه سم ) ( تاريخ اليعقوبي ج2 ص 453) وقال المحقق الكوراني (وكان علي بن هشام مقرباً عند المأمون ، وولاه ولايات عديدة) ( الجواد للعلامة الكوراني) . ونقول لايقتل الانبياء والاوصياء وأولادهم  إلا أولاد البغايا ومجامع الرذائل من أصحاب الاصل الوضيع , فكان استشهاد الامام الرضا على يد الخليفة العباسي العاهر المتسمي بالمأمون.





الخليفة المعتصم بن هارون الرشيد وأخو الامين والمأمون (218-227 هجرية)
مؤدبه ومؤدب أخوته الكسائي الذي كان يشرب النبيذ ويأتي الغلمان كما ذكر السيوطي في كتابه بغية الوعاة  ج2 ص 137, وقد مرت بنا الرواية , وكذلك نشأ المعتصم بن هارون الرشيد في بيئة التهتك والمجون في قصر العائلة الحاكمة. اشتهرت رواية غزو المعتصم لعمورية وألف الشعراء والادباء ملاحما في ذلك ,وعلى الرغم من الملابسات والتفخيم في رواية غزو عمورية فإنها ليست بمنقبة للمعتصم وهذا خارج بحثنا القصير هذا, ونقول أن هناك عشرات القادة في تاريخ الارض حققوا أنتصارات حربية كبيرة لكنهم كانوا مثلا في الخسة والغدر وسوء الاخلاق. كان للمعتصم ثمانية آلاف غلام , وأتيانه الغلمان كان كدأب أستاذه الكسائي وكدأب الأمين والمأمون ! روى السيوطي فقال (كان للمعتصم غلام يقال له عجيب ، لم ير الناس مثله قط ، وكان مشغوفاً به ، فعمل فيه أبياتاً ثم دعاني وقال: قد علمت أني دون إخوتي في الأدب ، لحب أمير المؤمنين لي وميلي إلى اللعب وأنا حدث ، فلم أنل ما نالوا . وقد عملت في عجيب أبياتاً ، فإن كانت حسنة وإلا فأصدقني حتى أكتمها ، ثم أنشد شعراً:
 لقد رأيت عجيبا يحكى الغزال الربيبا
الوجه منه كبدروالقد يحكى القضيبا
طبيب ما بي من الحب فلا عدمت الطبيبا
إني هويت عجيبا هوى أراه عجيبا
فحلفت له بأيمان البيعة ، أنه شعر مليح من أشعار الخلفاء الذين ليسوا بشعراء ، فطابت نفسه ، وأمر لي بخمسين ألف درهم).)( تاريخ الخلفاء للسيوطي , سيرة المعتصم) تأمل غزله الصريح بغلامه المدعو عجيب, ولا تعجب!
المعتصم قاتل الامام محمد الجواد
تمكن المعتصم وجعفر بن المأمون من اغتيال الامام محمد الجواد بدس السم له في العنب وكانت أم الفضل بنت المأمون وهي أخت جعفر المنفذة لعملية دس السم , وقد تقدم ذكر الرواية في سيرة الامام الجواد . ونكرر القول, لايقتل الانبياء والاوصياء والائمة إلا مجامع الرذائل وأصحاب الاصل الوضيع .

التهتك والمجون صفة أعداء النبي (ص) وأعداء آله.
كان السقوط الاخلاقي سمة من سمات خلفاء بني العباس , ولو تحققنا في سيرة كل خليفة لطال البحث ومل القارئ, فهذا الواثق بن المعتصم كأبيه شاذ يعاقر الخمر وياتي الغلمان ,فكان يقول الشعر متغزلا بغلمانه وربما كانوا غلمان أبيه ايضا , وقد عاصر الواثق وهو حدث صغير يحيى بن أكثم قاضي قضاة دولة عمه المأمون ومر بنا تحذير المأمون لابن أكثم بأن لايقرب الواثق حتى لايفسده , ومن يدري فربما كان ذلك, فتعلم الواثق من يحيى بن أكثم كما تعلم أعمامه الامين والمأمون وكما تعلم أبيه المعتصم! ذكر السيوطي:
(قال الصولي: حدثني عبد الله بن المعتز قال أنشدني بعض أهلنا للواثق وكان يهوى خادمين لهذا يوم يخدمه فيه ولهذا يوم يخدمه فيه:
قلبي قسيم بين نفسين  فمن رأى روحاً بجسمين
يغضب ذا إن جاد ذا بالرضا  فالقلب مشغول بشجوين)(تاريخ الخلفاء , أخبار الواثق)
وروى كذلك (كنا بين يدي الواثق وقد اصطبح فناوله خادمه مهج ورداً ونرجساً فأنشد في ذلك بعد يوم لنفسه:
حياك بالنرجس والورد ... معتدل القامة والقد
فألهبت عيناه نار الهوى ... وزاد في اللوعة والوجد
أملت بالملك له قربه ... فصار ملكي سبب البعد
ورنحته سكرات الهوى ... فمال بالوصل إلى الصد
إن سئل البذل ثنى عطفه ... وأسبل الدمع على الخد)
( تاريخ الخلفاء, اخبار الواثق) وفي الأغاني (كان الواثق يحبُّ خادماً له ، كان أهدي إليه من مصـر فغاضبه يوماً وهجره) ( الاغاني للأصفهاني ج9 ص202)
 وروى الاصفهاني كذلك : (لما خرج المعتصم إلى عَمُّوريَّة ، استخلف الواثق بسرَّ من رأى ، فكانت أموره كلَّها كأمور أبيه . فوجه إلى الجلساء والمغنين أن يبكِّروا إليه يوماً حدَّد لهم، ووجه إلى إسحاق فحضر الجميع.فقال لهم الواثق: إني عزمت على الصبوح (شرب الخمر صباحاً) ولست أجلس على سرير حتى أختلط بكم ونكون كالشئ الواحد ، فاجلسوا معي حلقة وليكن كلُّ جليس إلى جانبه مغنٍّ ، فجلسوا كذلك فقال الواثق: أنا أبدأ ؛ فأخذ عوداً فغنى وشربوا ، وغنى مَن بعده ، وغنى مَن بعده ، حتى انتهى إلى إسحاق فأعطي العود فلم يأخذه ، فقال: دعوه . ثم غنوا دوراً آخر، فلما بلغ الغناء إلى إسحاق لم يغنِّ ، وفعل هذا ثلاث مرات، فوثب الواثق فجلس على سريره وأمر الناس فأدخلوا فما قال لأحد منهم أجلس . ثم قال: عليَّ بإسحاق ! فلما رآه قال: يا خوزيّ يا كلب ! أتَنَزَّلُ لك وأغني وترتفع عني !  أترى لو أني قتلتك كان المعتصم يقيدني بك ! إبطحوه ! فبطح فضرب ثلاثين مقرعة ضرباً خفيفاً ، وحلف ألَّا يغني سائر يومه سواه ، فاعتذر ! وتكلَّمت الجماعة فيه ، فأخذ العود ) ( الجواد للعلامة الكوراني وعن الاغاني للأصفهاني ج9 ص203).

ومثل الواثق كان أخيه المتوكل بن المعتصم  , سكيرا متهتكا كان جل وقته في سماع الغناء والمضاجعة, فكان يملك أربعة آلاف جارية ويقال أنه وطئهن جميعاً وتقدم ذكر ذلك في سيرته, وكذلك كان المعتمد بن المتوكل , قال السيوطي( وانهمك المعتمد في اللهو واللذات واشتغل عن الرعية فكرهه الناس) ( تاريخ الخلفاء ج1) والمعتمد هو قاتل الامام علي الهادي بالسم كما تقدم  ,وهناك روايات تشرك الخليفة المعتز في قتل الامام الهادي ولاتناقض في ذلك فالمعتمد والمعتز أخوة وهما من أولاد المتوكل وبينهما ثلاث سنين . اشتهر المعتمد العباسي بن المتوكل (256-279 هجرية)  بمجونه وخمرياته فكان يسكر ويعربد مع الندماء (سير اعلام النبلاء للذهبي ج12  ص ) , وكان من عشقه للخمرة أن مات سكرانا ! قال الطبري في هلاك المعتمد:( وكان شرب على الشط في الحسني يوم الأحد شراباً كثيراً وتعشى فأكثر ، فمات ليلاً)( الكامل لابن الاثير ج 3 ص 34, هلاك المعتمد)
, وهناك روايات تشرك ابن أخيه  المعتضد( حفيد المتوكل وابن الموفق , اعمامه المنتصر و المعتمد والمعتز) في اغتيال الامام , قال السيوطي في المعتضد  وتهتكه (قال إسماعيل القاضي دخلت على المعتضد وعلى رأسه أحدث صباح الوجوه روم فنظرت إليهم فلما أردت القيام قال لي: أيها القاضي والله ما حللت سراويلي على حرام قط!) وهذه الرواية تدل على لواطه وأتيانه الغلمان , وقال السيوطي في بذخه ومجونه ( وزفت إليه قطر الندى بنت خماروية بن أحمد بن طولون فدخل عليها في ربيع الأول وكان في جهازها أربعة آلاف تكة مجوهرة وعشرة صناديق جوهر! واعتل المعتضد في ربيع الآخر سنة تسع وثمانين علة صعبة وكان مزاجه تغير من كثرة إفراطه في الجماع.... وشكوا في موت المعتضد فتقدم إليه الطبيب وحبس نبضه ففتح عينيه ورفس الطبيب برجله فتدحاه أذرعاً فمات الطبيب ثم مات المعتضد من ساعته ولما احتضر أنشد: تمتع من الدنيا فإنك لا تبقى ... وخذ صفوها ما إن صفت ودع الرنقا) ( تاريخ الخلفاء , سيرة المعتضد), لهؤلاء الخلفاء والسلاطين مذابح كثيرة في آل بني طالب مر بنا بعضها ومنعنا ذكر غيرها الاطالة والاسهاب, فهذه نتف من تاريخ عائلة توارثت المجون والتهتك والبذخ ومارست كل رذيلة , فليس عجيبا أن تعادي آل النبي الطاهرين , وهل يعادي الشريف إلا صاحب الاصل الوضيع.
قال النبي (ص) في آله : ( لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد رديء الولادة) ( مقتل الحسين، الخوارزمي ج2 ص16)



موقف النبي من الانساب
إن سماحة الدين ترفعت عن الانساب , وبين النبي  (ص) في أكثر من موضع أن الناس سواسية أصلهم واحد هو التراب , و أن الانسان بما يعمل وليس بمن أنتسب. لكن العقلية الجاهلية لم تهضم تلك المبادئ السامية وظلت تعاني من عقد نفسية سترتها بحجج أخرى. لقد زوج النبي (ص)  بناته أو ربيباته التي نشأن في بيته الى عثمان بن عفان بن أبي العاص , ولم يكن الاصل الوضيع لعثمان ودناءة أبيه عفان بن أبي العاص مانعاً من الزواج , فقد كان أبو عثمان وهو عفان بن أبي العاص معروفاً بشذوذه !
قال المؤرخ الكلبي:(عفان بن أبي العاص بن أمية كان يُلعب به ويتخنث) ( مثالب العرب لهشام الكلبي .باب المخنثين ص 20)
وفي عفان بن أبي العاص يقول عبد الرحمن بن حنبل معيراُ  عثمان بن عفان :
زعم ابن عفان وليس بهازل إن الغراة وما يحوز المشرق
خرج له من شاء فأعطى فضله ذهبـاً وتـلك مقـالة لا تـصـدق
أنّـى لـعفان ابيك سـبيكة صفراء فالنهر العباب الأزرق
وورثته دفـاً وعود أركة جـزعاً تكـاد له النفـوس تطلـق
وبودنا لو كنت أنثى مثله فتكـون دقـفاً فتـاتكم لا تعتق(مثالب العرب للكلبي , ص22)
وقوله وورثته (دفاً وعود أركة) يعني بها الخليفة الثالث عثمان بن عفان فقد كان عثمان  ممن يضربون بالدف وهي حقيقة تاريخية , ثم يتمنى الشاعر أن يكون عثمان (أنثى) كأبيه ويعني بذلك أنه كان من الافضل أن يكون عثمان شاذا كأبيه حتى يتخلصوا منه. ويروي القاضي النعمان أبيات شعر ينسبها لعفان بن أبي العاص الاموي (أبو الخليفة عثمان) وهي أبيات غزل بالمذكر حيث يتغزل عفان بعاشقه أبي أحيحة سعيد بن العاص وكان يأتيه( يفتعل به):
يا جوار الحي عد نفسيه يا خواتي لاتلمننيه
كيف التذ الحياة وقد نزعوا عني معلليه ( يعني فارقه عاشقه والفاعل به)
كيف يلحوني على رجل لو سقاني سم ساعتيه
لم أقل إني ندمت ولا أنني فاضت مدامعيه
أو أصابته منيته شرقت عيني بعبرتيه (الابيات عن  المناقب والمثالب للقاضي النعمان المغربي)
وفي مجلس معاوية, نعت ابن عباس عثمان بأنه ابن مخنث قريش حيث قال فيه : (غاب عن بدر ولم يشهد بيعة الرضوان، وفر يوم التقى الجمعان، ابن مخنث قريش، الذي لم يسل سيفا ) ( أخبار الدولة العباسية ص 49 تحقيق كل من الدكتور الدوري والمطلبي), فتأمل سماحة النبي الكريم في تلك البيئة, حيث زوج ابنتيه أو ربيبتيه من عثمان سئ السمعة من أجل أقامة مجتمع جديد يدفن الناس فيه مثالب الجاهلية.
وكذلك تزوج النبي حفصة بنت عمر بن الخطاب رغماً عن أصل عمر المعروف في تلك البيئة العربية, فقد كانت حنتمة أم عمر لقيطة تبناها بنو مخزوم فحملت أسمهم , ومر تفصيل ذلك في فصل عمر, وعمل عمر قبل اسلامه عسيفاً يخدم سيده عمارة بن الوليد المخزومي ويطبخ له الطعام , ولو كانت حنتمة من عائلة عمارة بن الوليد المخزومي لما عمل ابنها  خادما لعمارة بن الوليد (راجع فصل عمر) . أما جدة عمر بن الخطاب واسمها صهاك فقد حملت شهرة غير محمودة في المجتمع الجاهلي كذلك, وكانت أمة حبشية تعمل عند بني هاشم , وقد عُير عمر بها في الجاهلية وفي الاسلام, وذكرت وقائع عديدة كان فيها القوم ينادون عمر بن الخطاب  بإبن صهاك الحبشية تعييرا له , وتروي بعض الروايات أن صهاك حملت بحنتمة من الحطاب أبو عمر فتبنى بنو مخزوم الوليدة حنتمة فنشأت عندهم , ثم تزوجها الحطاب عندما كبرت رغما عن كونها ابنته من صهاك فولدت له عمر ! هذه المثالب أختفت من كتب العامة لأنها تمس الخلفاء والامراء ولكن المتصفح للعهد الجاهلي يرى مثل ذلك, فقد كان الابن يتزوج زوجة أبيه بعد موته ومثال على ذلك ماتقدم ذكره في  أمية بن عبد شمس الذي كان متزوجا من  آمنة التي ولدت له العاص وأبا العاص وأبا العيص والعويص وهم الذين كانت تسميهم قريش بالاعايص, فلما مات أمية بن عبد شمس تزوجها ابنه أبو عمر فولدت له أبا معيط فصار الاعايص أولاد أمية أخوة أبي معيط وعمومته أيضاً , ولما جاء الاسلام حرم هذا الزواج بآية ( ولاتنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلاً)( النساء 22) ( في تفصيل زواج آمنة زوجة أمية من أبنه أبا عمرو راجع كتاب الاغاني للاصفهاني , ج1 باب الاعايص والعنابس), وفعل العرب في الجاهلية ماهو أشنع من زواج الاقارب فكانوا يدفنون البنات الصغار أحياء وكانوا يفخرون بما كانوا يصنعون , فتأمل. 
أما عن الخليفة الاول أبوبكر الذي تزوج النبي من ابنته عائشة فقد تقدم في سيرته أن أبيه (أبو قحافة) كان متزوجا من ابنة أخيه , ويعني هذا أن أم أبي بكر تزوجت من عمها وحملت بأبي بكر, فيكون الخليفة الاول ولد من زواج باطل,ولكن سماحة الدين دفنت ذلك الماضي وفتحت صفحة جديدة للناس كي يتخلوا عن مفاهيمهم وعاداتهم الجاهلية.( راجع فصل, أبوبكر ).
 إن مبدأ المساواة وحسن النية هو مبدأ الاديان السماوية كلها, ويعرض القران الكريم مفهوما في ذلك في قصة النبي لوط (ع) عندما أتاه قومه طمعاً في قضاء وطرهم مع ضيوفه الرجال! فقد كان قوم لوط يفعلون الفاحشة ويفعلون بالرجال مايفعل الرجال مع النساء,  لكن النبي  لوط (ص) عرض عليهم بناته بالحلال, فقال لهم:(...هؤلاء بناتي هن أطهر لكم)( هود78) , ولم تمنعه وضاعة القوم ولا شذوذهم الاخلاقي عن تقديم بناته لهن للزواج, فتأمل.   فليس عجيباً أن يزوج النبي الكريم بنات نشأن في بيته -وتروي مصادر أنهن بناته حقاُ- من عثمان رغماً عن كون عفان ( والد عثمان) من المأبونين! ( راجع فصل الخليفة عثمان, باب بنات النبي وعثمان) وليس عجيباً أن يتزوج النبي من بنات أناس ولدن من سفاح ومن علاقات غير شرعية, وربما لذلك لم يكن للنبي ذرية من عائشة ابنة أبي بكر أو من حفصة ابنة عمر لحكمة , فالنبي الكريم صار له ذرية من زوجته خديجة الطاهرة ,وكان له أولاد من مارية القبطية , أما باقي نساءه فكان بعضهن قد أجتزن مرحلة الخصوبة الانثوية فلم يحملن منه , يستثنى من ذلك زوجتيه عائشة وحفصة اللتان كانتا في شبابهما ولكنهما لم يسعدن بحمل من خاتم الانبياء (ص), و ذلك  لحكمة أرادها القدر حتى لاتختلط دماء النبي الطاهر بدماء غير طاهرة .
مثلما عرض النبي لوط (ع) بناته للزواج من فسقة لواطين آملاً في توطيد أصالة الخير في النفس الانسانية, كذلك فعل النبي محمد  (ص) صاحب الخلق العظيم مع قومه, فلا يقول قائل أن النبي لايزوج ربيباته الا لمن كان كفؤا في الشرف والمقام. ولايقول قائل أن النبي كذلك لايتزوج الا من ذوات الحسب والنسب , أنما يقول ذلك من يقحم مفاهيمه الاجتماعية العشائرية على أصول الاديان, والحقيقة هي عكس ذلك فأصالة الدين هي التي يجب أن تُقحم على التراث الاجتماعي للشعوب وتفنده من أجل أقامة مجتمع جديد صالح ! تذكر أيها القارئ أن ربيبات النبي كما يقول المؤرخون أو كما يرجح غيرهم  على أنهن بناته لم يلدن من عثمان وبعض الروايات تقول أنهن حملن من عثمان ثم مات الاطفال في طفولتهم -(راجع فصل عثمان)-, والغاية أن أطفال ربيبتا النبي-أو ابنتاه  لم يكن لهن ذرية تناسلت من عثمان بن عفان, وقد يرجح هذا أن الذرية أقحمها المدلسون لتشريف عثمان بن عفان بأنه ولد له أولاد من بنات النبي أو ربيباته, وغطى المدلسون تدليسهم بأن قالوا إن اولئك الاولاد ماتوا وهم صغار, فدفن المدلسون ادعاءهم بالموت وبقيت الكلمات في سطور الكتب!
استمرت اغتيالات بقية النبي وال بيته طوال الحكم الاموي وكذلك الحال صار في عهد العباسيين, فكل خليفة وسلطان علم أن ال محمد هم أحق بالخلافة, قام بتصفيتهم وسجنهم وتقتيلهم, ومن يدقق في أنساب أولئك الخلفاء وفي أحوالهم سيجد العجب العجاب من الوضاعة والشذوذ والانحلال الخلقي , وقد تقدم سير بعضهم, وبقي غيرهم كثير.
إن من معجزات هذا الدين أن يحذر النبي الناس من مغبة ظلم أهل بيته , فيقول في الذين يبغضون وصيه وابن عمه الامام علي بن أبي طالب:
 (عن ابن عباس قال : بعثني النبي (ص) ، إلى علي بن أبي طالب فقال : أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة ، من أحبك فقد أحبني ، وحبيبك حبيب الله ، وعدوك عدوي ، وعدوي عدو الله ، الويل لمن أبغضك بعدي)( كتاب فضائل الصحابة لابن حنبل ج2, ص624)
ويقول كذلك عن سعيد الخدري : (إنما كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم عليا .)(فضائل الصحابة لابن حنبل ج2 ص579)
ومثله عن جابر بن عبد الله : (ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار ، إلا ببغضهم عليا.)  (فضائل الصحابة لابن حنبل ج2 ص639)
وقد جمع العلامة الاميني في غديره أحاديث نبوية تثبت ذلك أقتبسنا بعضها وكما يلي :
وعن أبي سعيد الخدري قال : (كنا معشر الأنصار نبور أولادنا بحبهم عليا  ، فإذا ولد فينا مولود فلم يحبه عرفنا أنه ليس منا)( اسنى المطالب للحفاظ الجرزي ص8 , شرح ابن أبي الحديد ج1 ص 373) .عن الصحابي عبادة بن الصامت قال :( كنا نبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإذا رأينا أحدهم لا يحب علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا وأنه لغير رشدة)(أسنى المطالب ص 8 ، النهاية في غريب الحديث لابن الاثير ج1 ص 118)  . قال الحافظ الجزري في  أسنى المطالب ص 8 بعد ذكر هذا الحديث : وهذا مشهور من قديم وإلى اليوم أنه ما يبغض عليا رضي الله عنه إلا ولد الزنا!

وقال الصاحب بن عباد في ذلك:
بحب علي تزول الشكوك وتصفو النفوس ويزكو النجار
فمهما رأيت محبا له فثم العلاء وثم الفخار
ومهما رأيت بغيضا له ففي أصله نسب مستعار
فمهد على نصبه عذره فحيطان دار أبيه قصار
( انتهى الاقتباس بتصرف عن الغدير للعلامة الاميني ج4 ص 321)
لقد رأينا في النماذج التي تقدم ذكرها في أعداء النبي أنهم  اجتمعوا بعد وفاته على حرب آل بيته فقتلوا ابنته وحاربوا الامام علي و أعلنوا سبه على منابر الدولة  (راجع فصل أمية). ثم قتلوا اولاد الامام علي وطاردوا احفادهم في البلدان ( راجع فصل استمرار المؤامرة). إن ما تقدم ذكره يلخصه حديث النبي الكريم (ص) وكما يلي:
روى الكاظم عن جده النبي محمد (ص) قوله :  (لا يقتل النبيين وأولاد النبيين إلا أولاد الزنا.)( بحار الانوار ج27 ص 240, وعن كامل الزيارة لابن قولويه ص 78)
وفي استشهاد الحسين في كربلاء قال حفيده الامام الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهو أيضا من الذين قتلوا بالسم بأيدي سلاطين الدولة:
    (إن عاقر ناقة صالح أزرق بن بغي , وإن قاتل علي إبن بغي وكانت مراد تقول ما نعرف له فينا أبا ولا نسبا ( يعني به عبد الرحمن بن ملجم المرادي قاتل الامام علي)، وإن قاتل الحسين إبن بغي وانه لم يقتل الأنبياء إلا أولاد البغايا .)   ( بحار الانوار للمجلسي  ج42 ص 313 عن قصص الأنبياء للراوندي ).



انتهى الفصل

ويليه بتوفيقه تعالى فصل ( مؤامرة المسلمين في تشويه شخصية النبي ص)
http://marwan1433.blogspot.ca/2013/10/13.html


بقلم العبد الفقير لرحمته تعالى  مروان