الجمعة، 28 أكتوبر 2022

البرزخ والحساب والقيامة والسؤال في القبر !

   

 

 


البرزخ والحساب والقيامة


نكران عالم البرزخ والسؤال في القبر وعذابه ونعيمه رأي يقول به بعض المسلمين اليوم , وحجتهم ان الحساب سيكون في الاخرة يوم الحساب فقط واذن (حسب قولهم) لامعنى ان يُحاسب الانسان في القبر ثم يحاسب يوم الحساب في الاخرة , ولذلك يقولون أن الموتى في قبورهم موتى في سبات بلا وعي كالحجارة حتى يوم البعث , وآنذاك في القيامة سيُسألون ويُحاسبون , ولذلك عندما يُسألون يوم القيامة كم لبثتم سيقولون : (لبثنا يوما او بعض يوم ) فهم قد فقدوا قابلية تقدير الزمن لأنهم في قبورهم مجردين من الحياة فلا حساب ولاعذاب في القبر , وكذلك يقولون يوم بعثهم : (قالوا ياويلينا من بعثنا من مرقدنا ) أي ان القيام والعودة للحياة يوم القيامة ستكون مفاجأة لهم , فلو كانوا يمتلكون وعياً في قبورهم لما تعجبوا من بعثهم من مرقدهم , فيقظتهم من سباتهم وعودتهم للحياة كانت مفاجأة , وإذن لاعذاب ولانعيم ولاسؤال في البرزخ !

تُرى هل هذا الزعم صحيح؟ وهل حقا لايوجد سؤال وحساب في البرزخ وان الموتى بلا وعي كالحجارة قد تُركوا بلا سؤال ؟


الرد على الناكرين للبرزخ والسؤال والحساب في القبر سيكون من الكتاب المجيد

1- ( ولو ترى اذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وادبارهم وذوقوا عذاب الحريق ) الانفال 50
الميت الكافر ساعة وفاته يتلقى الضرب وعذاب الحريق بعد وفاته مباشرة وقبل القيامة والحساب كما تبين الاية ,اذن الحساب يبدأ بعد الموت والنفس في عالم البرزخ. ومثله كذلك ( فكيف اذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وادبارهم ) محمد 27. لا انتظار ليوم البعث , العقاب يبدأ فورا , ومثل ذلك لاهل النعيم ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )
النحل 32


2-(.... ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا ايديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تُجزون عذاب الهون بما
كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون) الانعام 93
الظالمون قبيل وفاتهم بين الموت والحياة وانفسهم لم تخرج من ابدانهم بعد والملائكة يقولون لهم ( أخرجوا انفسكم ) من ابدانكم فهذه ساعة موتكم ( اليوم تُجزون عذاب الهون) ! (اليوم ) الآن بعد خروج انفسكم من ابدانكم ستنالون العقاب والدنيا مستمرة في ازمانها وقبل يوم القيامة . وإذن السؤال والعقاب يبدأ ساعة موت الانسان في عالم البرزخ .


3-( مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله انصارا) نوح 25
الفاء في (فأدخلوا) تدل على الفورية , فلو كانت ( ثم ادخلوا نار ) لكان المعنى يحتمل انهم ادخلوا النار بعد زمن ما ,ولكن استعمال حرف الفاء يدل على المباشرة بلا تراخي زمني , فهم بعد غرقهم مباشرة دخلوا العذاب ساعة وفاتهم وقبل وقت الاخرة أي في زمان الدنيا , ولاحظ كلمة (نارا) فهي غير معرفة ب (أل) فهي قد تعني نارا غير نار جهنم ولكنها نار عذاب البرزخ أُدخلوها بعد غرقهم مباشرة , وهذه الاية قابلة للجدال ولكن لابأس بذكرها .


4-( وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يُعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب) غافر45, 46.
آل فرعون يُعرضون على النار غدوا وعشيا ثم عطفت الاية ذلك العذاب بعذاب آخر وهو (ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون اشد العذاب) , في البرزخ تُعرض النار في الغداة والعشي , ولكن في الاخرة وبعد قيام الساعة يكون الدخول الى النار , والفرق واضح بين عرض الشئ ودخوله, فهناك مرحلتان مرحلة البرزخ وعذابه ثم مرحلة الاخرة وعذابها .
وقد يعترض معترض فيقول : ان عرض النار عليهم ليس بالعذاب فهي تُعرض عليهم فقط ! وجوابه ان عرض النار عليهم يعني انهم في وعي وليسوا في سبات وغيبوبة وبذلك يبطل قول الذين ينكرون البرزخ بزعمهم ان الانسان في سبات حتى يوم القيامة , فما معنى عرض النار عليهم اذا كانوا في غيبوبة وبلا وعي ؟ كما أن عرض النار فقط بحد ذاته عذاب ورعب كالذي يرى رؤية مخيفة لاتستغرق ثواني تؤرق ليله الى الفجر فكيف إذا عُرضت عليه النار وقيل له هذا مكانك وسيكون محل سكناك ومقعدك في النار بعد حساب يوم القيامة كما بينت الاحاديث والروايات الشريفة , واذن عرض النار عليهم وهم في قبورهم دليل كاف لابطال من يزعم انهم في سبات بلا وعي , فعرض النار عليهم دليل على حياتهم البرزخية ..


5-( ولاتقولوا لمن يُقتل في سبيل الله امواتا بل احياء ولكن لاتشعرون) البقرة 154
هم احياء ولكن انتم لاتشعرون, ما أوضح هذه الاية في الرد على من ينكر البرزخ وحساب القبر,
( ولاتحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون .....)
آل عمران 160,170

لاتحسبوهم موتى بلا وعي , بل هم احياء يُرزقون ويستبشرون بمن في عالم الدنيا ان لاخوف عليهم, فالناس في عالم الدنيا وهو في حياتهم سائرون يستبشر لهم أصحابهم الشهداء بأن لاخوف عليكم فقد نالوا النعيم الخالد بينما الدنيا تسير في ازمانها والناس فيها , وهذا كله قبل قيام الساعة .


6- (إني آمنت بربكم فأسمعون قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون , بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين, وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا مُنزلين ) ياسين 25-28
الشهيد في هذه الاية نال النعيم مباشرة ودخل الجنة , وقد يكون انها ليست جنة الخلد في الاخرة بل جنة البرزخ وهذا لن يغير شيئا فهو بحث آخر , فالشهيد في هذه الاية يقول (ياليت قومي يعلمون) , اي ياليت قومي في عالم الدنيا يعلمون بنعيم الجنة هذا الذي نلته وقوله دليل على أن الحساب بعد الموت مباشرة , بينما قومه لازالوا في عالم الدنيا يعيشون, ولو كانت الاية تتحدث عن عالم الاخرة لما تمنى الشهيد لقومه في الدنيا معرفة حاله , فهو يتمنى لهم ان يعرفوا قبل موتهم ليسلكوا مسلكه ويؤمنوا ,( ومأ انزلنا على قومه من بعده من جند من السماء) .كما ان بعد موته وهو في النعيم, لم ينزل على قومه في الدنيا جند من السماء, وهذا يعني ان يوم القيامة لم يأت بعد .

7- (حتى إذا جاء احدهم الموت قال ربي ارجعون لعلي اعمل عملا صالحا فيما تركت كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يُبعثون فإذا نُفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون) المؤمنون 99-101. قول الانسان : (ربي ارجعون) , يعني انه دخل عالم الموت وفارق الحياة ودخل البرزخ ولهذا يطلب الرجوع للحياة الدنيا, وإلا لامعنى لطلب الرجوع اذا كان لايزال في الدنيا , اذن قوله ارجعون دليل على مفارقته للدنيا ويطلب العودة اليها لعله يعمل عملا صالحا , اذن الدنيا مستمرة بازمانها وهو ميت يطلب الرجوع اليها بعد ان جاءه الموت وإذن الزمن ما قبل القيامة بدليل طلبه العودة للدنيا , فلو كانت الدنيا قد فنيت بيوم الحساب لم يكن ليطلب الرجوع اليها , اذن هو في عالم البرزخ ,واذن هو يعي ويدعو ويطلب وليس ميتا بلا وعي واحساس كما يزعم الناكرون للبرزخ , وهذه الاية الكريمة فيها من الدلائل ما يُثبت الكثير منها : أولا وعي الموتى بعد موتهم وانهم يطلبون العودة للدنيا, ثانيا توقيتها قبل يوم القيامة وانهم يُعذبون ويحاسبون بدليل طلب الرجوع الى الدنيا للخلاص من عذاب القبر , ثم بعد ان تذكر الاية ( ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون) ومن هنا جاءت التسمية ( البرزخ) .


احتجاج وجواب

احتجاج 1

1-(قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ..؟) ياسين 52
يقول الناكرون للبرزخ إن الاية اعلاه دليل على عدم وجود العذاب والنعيم والسؤال في القبر بدليل أن الناس يوم بعثهم يتعجبون ويقولون من بعثنا من مرقدنا هذا ؟ ولو كان هناك عذاب ونعيم في القبر لعرف هؤلاء الناس حتما ان هناك يوم قيامة آت فلماذا تعجبوا من بعثهم من مرقدهم ؟ أليس تعجبهم هذا اثبات على انهم كانوا بلا وعي كالحجارة ففاقوا من رقدتهم متعجبين ؟

جواب:

( ونُفخ في الصور فإذا هم من الاجداث الى ربهم ينسلون, قالوا يا ويلينا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون, إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا مُحضرون, فاليوم لاتظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون) ياسين 51-54

1-قولهم (يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا) لايدل قطعا على انهم كانوا موتى كالحجارة لايتعذبون ولايتحاسبون لان قولهم ( من بعثنا من مرقدنا ) هو أولا تساؤل عن الذي بعثهم ثم ان جواب التساؤل بعده (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) كفيل بتهافت هذه الحجة , وهو كذلك تساؤل وتعجب من بعث اجسادهم التي قد صارت رميما , وليس لأن كما يحدد منكروا البرزخ بقولهم تعجبهم جاء فقط لانهم اوقظوا من رقدتهم فقاموا متعجبين بعودتهم الى الحياة . هم تعجبوا كما يتعجب الراقد في نومته بعد حلم ثقيل وسيأتي تبيان هذا لاحقا .
التعجب من القيام بعد الرقاد يعتري الانسان احيانا في حياته الدنيا بعد قيامه من نومه , فالداخل في حلم او رؤيا يعيش عالما آخر وعند يقظته يتفاجأ بانه عاد الى الحياة بعد غياب في عالم آخرفكيف بالميت الكافر الناكر للبعث والقيامة ؟ ( ياويلينا من بعثنا من مرقدنا), فالانتقال من عالم الى عالم اخر صدمة لايمكن تجاهلها, تأمل جواب التساؤل المباشر وهو قد يكون قولهم او قول المؤمنين ولافرق في ذلك ( هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) فالذين كانوا يقولون في حياتهم الدينا ( إن هي الا موتتنا الاولى ما نحن بمنشرين) الدخان 35 ,هم اليوم في هول عظيم !

2- تعجبهم هذا تم بعد النفخة الثانية للصور, ففي النفخة الاولى صُعق من في السماوات والارض الا ماشاء الله ثم يُرفع العذاب عنهم بعد النفخة الاولى وبعد فترة مقدارها أربعون عاما لايعلم بأي قيمة زمنية للرقم 40 تكون النفخة الثانية فيقومون متعجبين لان العذاب قد رُفع عنهم في رقدتهم , وهذا الرأي يقوله اغلب المفسرين يجده الطالب في كتب التفسير.(ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض إلا من شاء الله الله ثم نُفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) الزمر 48

....................

احتجاج 2

(ويوم تقوم الساعة يُقسم المجرمون أن ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يُؤفكون) الروم 55
(ويوم ينفخ في الصورونحشر المجرمين يؤمئذ زُرقا , يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا ) طه 102-103
يحتج الناكرون لعالم البرزخ والقبر والسؤال فيقولون : قول المجرمين يوم قيام الساعة اننا ما لبثنا غير ساعة , دليل على عدم وجود عذاب ونعيم في القبر\ عالم البرزخ, فلو كان الموتى يُعذبون في قبورهم , فكيف يقولون انهم لبثوا ساعة واحدة ؟ فلو كان هناك حساب وعذاب في القبر لعانى المُعذبون من هوله ولأحسوا بثقل العذاب وهوله ولما حسبوا انهم لبثوا ساعة واحدة فقط !

جواب:
انقسم مفسروا القرآن على اختلاف مدارسهم في تفسيرهم للاية فقال بعض المفسرين انهم عنوا بزمانهم في القبور وقال آخرون انهم عنوا بقولهم زمان الدنيا ولم اجد ان تطرق المفسرون الى ان الاية قد تورد شكوكا بالايمان بعالم البرزخ ربما لان فرية عدم وجود البرزخ والقبر فرية لم تكن في عهد المفسرين والله تعالى اعلم , ويجد الطالب ذلك في كتب التفسير .
لايمكن البت بان ما يعنون بقولهم ( مالبثوا غير ساعة) قد قصدوا به قطعا زمان لبثهم في قبورهم بالبرزخ , فلا توجد قرينة في الاية تبين انهم قصدوا بذلك قطعا , فعلى اي اساس قال منكروا البرزخ بان الكفار بقولهم ما لبثنا غير ساعة انما عنوا به اللبث في البرزخ ولا غير ذلك؟
فهناك احتمالات وتفسيرات أخرى لقولهم (مالبثوا غير ساعة) لكن منكروا البرزخ تمسكوا بقول واحد وهو اعلاه.
فقول المجرمين في الاية انهم ( مالبثوا غير ساعة ) او قولهم ( إن لبثتم إلا عشرا) فأنه قد يعني عدة احتمالات منها:
1- انهم عنوا ب ( مالبثوا غير ساعة ) هو حياتهم في الدنيا كما سيأتي ذكره .

2- عنوا حياتهم في البرزخ فقط كما يزعم المنكرون للبرزخ ولكن لاتوجد قرينة تثبت انهم قطعا عنوا ذلك , وحتى لو أنهم عنوا حياتهم في البرزخ فلا يعني هذا عدم وجود العذاب بدليل الايات الكريمة التي تقدم ذكرها والتي تصرح بوجود الحساب والنعيم والعذاب بعد الموت مباشرة ؟ واذن هذا الاحتجاج واهن من اصله فلا دليل قاطع على ان قولهم يعني قطعا عن عالم البرزخ.

3- القيام من رقاد الموت او من رقاد النوم يُفقد الانسان قابلية تقدير الزمن وهو ما سيأتي بيانه , فهؤلاء المجرمون فقدوا قابلية تقدير الزمن بعد قيامهم من قبورهم , وهي حالة تكون في المؤمنين ايضا وقد اخبر القرآن عن هذه الحالة مسبقا كما في ( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) النازعات 46 , ( فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يُهلك الا القوم الفاسقون) الاحقاف 35. ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) الاسراء 52 والاية الاخيرة قد تعني اللبث بين النفختين وقد تعني النعيم في البرزخ فيقوم المؤمنون لبعثهم يحمدون الله تعالى على نعيم البرزخ.

4- المجرمون كذبة هكذا كانوا في حياتهم الدنيا وهكذا سيكونون حتى في آخرتهم فقولهم انهم مالبثوا غير ساعة انما هو كذب وافتراء كعادتهم في الدنيا فهم مجرمون كذبة,وقد وصفهم القرآن كما في ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون) المجادلة 18 فالكفرة الفجرة يكذبون حتى في آخرتهم فهم يحلفون لله تعالى ويحلفون للمؤمنين كذبا , تأمل قوله تعالى ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ) يوم بعثهم يحلفون كذبا , وقارن ذلك بآية (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون أن مالبثوا غير ساعة) الروم 55 , هنا كذلك يحلفون ويقسمون وهم كذبة كما بينت آية المجادلة اعلاه ( الا انهم هم الكاذبون) المجادلة 18! ولذلك خُتمت الاية التي هي محل الموضوع بعبارة كذلك كانوا يؤفكون ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون أن ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون ) الروم 55. كذابون افكة لم يتورعوا عن الكذب في حياتهم وهكذا سيكونون يوم بعثهم !

5- وهناك احتمال آخر لتعجبهم وهو قول كتب التفسير وفق الروايات الشريفة : تعجبهم حدث بعد النفخة الثانية للصور بدليل انهم قاموا ينظرون , فما بين النفختين نفخة الصور الاولى وبين نفخة الصور الثانية- 40 عاما وهذه الاعوام قد تطول وتقصر وقد تكون بتوقيت زمني آخر , فهذه الفترة فترة سبات بلا وعي تماما لكل الخلائق ؟ قد يكون ذلك .. (ونُفخ في الصور فصعق من في السماوات والارض ثم نُفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون)الزمر68

6-وحتما هناك احتمالات اخرى كقول كتب التفسير( بانهم مما يرون من هول القيامة والساعة يعتبرون أن ما لبثوه في الدنيا لايساوي ساعة من هول قيام الساعة وشدة يوم المطلع )(بتصرف عن لطائف الاشارات للقُشيري), ومع كل هذه الاحتمالات, تمسك منكروا البرزخ والسؤال والقبر باحتمال واحد فقط لاغير وحسموا رأيهم وهو قول كما يتبين يتعامى عن باقي الاحتمالات التي مرت اعلاه

7- فقدان تقدير طول ماضي الزمن بعد انقضاءه قد يجعل الماضي كأنه لم يكن إلا قليلا
(يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) الاسراء 52
...................................


دلائل قولهم
(مالبثوا غير ساعة) عنوا به حياتهم في الدنيا وليس عالم البرزخ


1- (قال كم لبثتم في الارض عدد سنين , قالوا لبثنا يوما او بعض يوم فاسأل العادين) المؤمنون 113
يقولون ان زمن مالبثوا في اعمارهم في الارض ( في الدنيا) يعادل فترة زمنية قصيرة كيوم او جزء من يوم , وهذا يفسر الاية التي يتحجج بها الناكرون للبرزخ , فالزمن الذي لبثوه في الدنيا يرونه يوم قيام الساعة زمنا قصيرا (بعض يوم) أو ساعة ! وهو مشابه لما يراه المقبل على الموت قبل موته عندما يتذكر أيامه وشبابه , يرى تلك الايام كساعة من زمن ولى ليس إلا , ما مر صار كأنه بعض يوم او ساعة , ومثله حال النائم بعد رقاد يصحو ويحسب انه قضى ساعة في نومه بينما هو قضى ساعات

2- (واصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل ولاتستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ فهل يُهلك الا القوم الفاسقون) الاحقاف 35 .. الاية تبين ان (اللبث) في عالم الدنيا يصبح كساعة واحدة من نهار عندما يسترجعه الناس في ذاكرتهم في الاخرة بدليل ان الاية تتحدث عن الناس وهم احياء في الدنيا فتقول للمُخاطب النبي الكريم صلى الله عليه وآله : اصبر يا محمد على عناد هؤلاء الكفرة المعاصرين لك , فعندما يأتي حسابهم سيتذكرون حالهم الان, حالهم الان الذي سيبدو في ذاكرتهم يومئذ كأنه ساعة من نهار! تأمل انهم لم يدخلوا عالم البرزخ بعد , فهم احياء معاصرين للنبي الكريم , اذن ما سيرونه كساعة زمن هو ايامهم التي عاصروها مع النبي صلى الله عليه وآله في عالم الدنيا , و ليس في عالم البرزخ كما يدعي ناكروا البرزخ, وقد يُضاف اليها زمان البرزخ ايضا ولكن هذا لن يغير شيئا فالزمان الذي مضى بعذابه ونعيمه يبدو كيوم او بعض يوم بعد انقضاءه .

3- (ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا الا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين) يونس45
اذا كان الموتى في قبورهم بلا وعي ولا حياة كما يزعم منكروا عالم البرزخ ! فكيف تصف الاية حالتهم بانها كلبث ساعة من النهار يتعارفون بينهم ؟ فاقدوا الوعي والحياة في البرزخ كما يزعم منكروا البرزخ كيف يتعارفون بينهم ؟ اذن وفق احتجاجهم هذه الاية تنقل صورة عن الحياة الدنيا واذن اللبث هو زمان الدنيا وليس زمان عالم البرزخ, واذا أصر منكروا البرزخ ان الاية تعني زمان البرزخ فإذن زمان البرزخ لم يكن غيبوبة وانقطاعا عن الحياة بدليل تذكر المبعوثين له واذن بطلت حجة الناكرين للبرزخ في كلتي الحالتين !واذن قول المجرمين عند قيام الساعة ( ويوم القيامة يُقسم المجرمون ان ما لبثوا غير ساعة) انما يعنون به اللبث في عالم الدنيا بدليل الايات التي ذكرت اللبث وشبهته بساعة من نهار او يوما او بعض يوم , ولا تعني الاية زمان البرزخ فقط وقطعا كما يزعمون فلا قرينة تدل على زعمهم ولا دليل.

........................
تقدير الزمن بعد القيام من النوم أوالموت

القيام بعد النوم الطويل قد يُفقد الانسان قابلية تقدير الزمن وهو ما يمر به كل من ينهض بعد نوم طويل أو قصير, فيقوم من رقدته لايدري اي وقت هو فيه حتى يستيقظ تماما , وقد تشبه هذه الحالة القيام بعد الموت لتشابه الحالتين نوعا ما , فالنوم يتشابه مع الموت كما يذكر القرآن في آيات , وسيأتي ذكر بعض تلك الايات , قال الباقر عليه السلام في جوابه عن الموت مقارنا أياه بالنوم : ( هو النوم الذي يأتيكم كل ليلة , إلا أنه طويل مدته لاينتبه منه إلا يوم القيامة , فمن رأى من اصناف الفرح ما لايقادر قدره ,ومن اصناف الأهوال ما لايقادر قدره , فكيف حال فرح في النوم ووجل فيه , هذا هو الموت فاستعدوا له ) (بحار الانوار ج6 ص 155)

وهذا ما تبينه الايات الكريمة :
( أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال إنى يُحي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما او بعض يوم قال بل لبثت مئة عام فانظر الى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر الى حمارك ولنجعلك اية للناس وانظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال اعلم ان الله على كل شئ قدير) البقرة 259. هنا بالتأكيد يعني زمان غيبوبة موته لوجود القرينة , فهو يقول لبثت يوما أو بعض يوم لأنه فقد القدرة على تقدير الزمن .وكذلك في سورة الكهف
( وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما او بعض يوم قالوا ربكم اعلم بما لبثتم ....) الكهف 19

بينما هم لبثوا في سباتهم في الكهف 300 مائة سنة !( ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا ) الكهف 25, تأمل تقديرهم لمدة لبثهم بانها يوما اوبعض يوما ثم عقبوا بقولهم ( ربكم اعلم بما لبثتم)! المؤمن يحيل امره الى الله تعالى فيما يشك به, بينما الكافر المجرم يقول بل يقسم انه (مالبثوا غير ساعة ) الروم 55. هذا الفرق في التقدير يبين الخلاف , المؤمن يقول ربكم اعلم بما لبثتم والكافر يصر على غير ذلك.
اما الذي اماته الله تعالى مائة عام فلم يكن ليُعذبه الله تعالى بموته ولا يُعلم اين مضى في عالم الموت ولكنه بعد بعثه قال كذلك لبثت يوما او بعض يوم , واما الفتية في سورة الكهف فلم يموتوا ولكن ألقي عليهم النوم ( وتحسبهم ايقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ....) الكهف 18, وبعد بعثهم من النوم -( وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم ...) الكهف 19, وهذا مثل على التشابه بين الموت والنوم .
فأهل الكهف ايضا فقدوا ادراك تقدير الزمن وهم في رقدة النوم , وإذن اختلال قابلية تقدير الزمن تكون للاحياء بعد منامهم كما في اهل الكهف او للموتى كما في قصة الذي اماته الله تعالى مائة عام اعلاه .اما اهل الكهف فحتما كانوا يحلمون احلاما في رقادهم فهم نيام وليسوا موتى , ولكنهم مع ذلك عندما أيقظوا من رقدة النوم الطويلة لم يعرفوا طول زمان رقدتهم , واذن افتقاد قابلية تقدير الزمن تحدث للموتى وللنائمين , وإذن قول المجرمين(لبثنا يوما او بعض يوم ) لايعني انهم كانوا بلا وعي في موتهم , فهذا حال كل من يعود الى الحياة بعد رقدته كما في قصة اصحاب الكهف او كالذي أماته الله تعالى ثم احياه . إذن هناك اسباب واسباب كثيرة لقول المجرمين انهم مالبثوا غير ساعة , منها كما تقدم ذكره.
واذن احتجاج ( ما لبثوا غير ساعة ) بانه فقط يعني ان الموتى لايعذبون او يحاسبون في قبورهم احتجاج واه يتجاهل عمدا احتمالات اخرى مر ذكرها اعلاه, كما ان نكران الحساب في القبر ترده الايات الصريحة التي تقدم ذكرها , ولايمكن تجاهل او تأويل معناها الجلي الذي ينص على وجود حساب وسؤال بعد الموت مباشرة وقبل يوم القيامة .

(انتهى)
ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا او اخطأنا



بقلم مروان العارف
نشرته في منتديات ومواقع اخرى اما نشره
 في المدونة هنا فقد كان بتاريخ اليوم وهو يوم 29-10-2022
بعد العودة من جديد بعد الانقطاع فعذرا للمتابعين   ,
تحية لكل القراء والمعلقين والمشاركين ..

 

يعلم ما في الارحام وجنس الجنين !

 

الموضوع هو جواب لتساؤل من صديق (علماني) كان معجبا لمقولة احدهم بأن العلم الحديث قد فند دعوى القرآن الكريم بقوله ( ويعلم ما في الارحام ), فقال : إن العلم الحديث والطب يعرف جنس الجنين اليوم وإذن انتهى الاعجاز والتحدي الذي في الاية !

فكان الجواب في المقال الاتي بتوفيقه تعالى  : 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
( إن الله عنده علم الساعة ويُنزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بإي أرض تموت إن الله عليم خبير) لقمان 34

إذا سُئل أي انسان في ماضي التاريخ أو اليوم عن ماذا في الأرحام ؟
فسيقول بلا تردد : (في الارحام تتكون الأجنة) !

فإذا كان كل انسان عاقل يعرف ان في الرحم يتكون الجنين,
فما هو وجه الاعجاز في الاية الكريمة ؟

وهل يعقل ان القرآن يخص الله تعالى بعلم وهذا العلم يعلمه الانسان اصلا ولا يتحير فيه ؟
هل من المعقول ان حقيقة تكون الجنين في الرحم يعتبرها القرآن علم لايعرفه الانسان ؟
ليس كذلك !
إذن لابد ان معنى( ويعلم ما في الارحام) هو أبعد واعمق من تكون
الجنين فقط بدلائل منها :

- الامورالخمسة التي ذكرتها الاية جميعها غيبية مستقبلية وهي :
(الساعة, الغيث, الارحام , ماذا تكسب غدا, بأي أرض تموت)!
اذن (يعلم ما في الأرحام) أمر مستقبلي غيبي لايعلمه الانسان وهو ابعد من بديهية تكون جنين في الرحم وحتى أبعد من معرفة جنس الجنين ذكرا كان أو انثى , فلا معنى ولا وجه لاختصاص أو حصر معنى معرفة ما في الرحم بتكون الجنين او نوع جنسه.
الاية لم تفصل في ذلك , فلو كانت الاية كما يلي ( ويعلم جنس الجنين في الارحام ذكرا كان أو أنثى) لصح احتجاج من يقول ان العلم المختبري توصل اليوم لمعرفة جنس الجنين وبذلك تبطل الاية , ولكن الاية لم تحدد بل تركت الامر عاما واستُعملت الاداة (ما) بمعنى العموم فلم تقل الاية (من في الارحام ) بل (ما في الارحام), وهو كالفرق بقولنا (أنا اعلم بمن في البيت ) وبين قولنا ( أنا اعلم بما في البيت) , علم ما في البيت يشمل كل شئ وكل الدقائق وهو قول مجازي غير واقعي مطلقا اذا قاله اي انسان , لانه لايوجد انسان يعلم ما في بيته من اشياء واحياء وحشرات وخفايا...الخ مطلقا , لكنه يعلم تماما ب (من في البيت) وهم اهله وعددهم !
إذن حصر الارحام بأداة (ما ) يحمل معاني لا تحصى منها ما يلي :

-ترى ماهو علم الله تعالى الذي يخص ما في الارحام ؟
قال امير المؤمنين عليه السلام جوابا لمن قال له لقد أوتيت علم الغيب:
(ليس هو بعلم غيب، وإنما هو تعلم من ذي علم، وإنما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقوله:(إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم مافي الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت),
فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى أو قبيح أو جميل أو سخي أو بخيل أو شقي أو سعيد، ومن يكون في النار حطبا أو في الجنان للنبيين مرافقا،فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحدا إلا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه،ودعا لي بأن يعيه صدري وتضطم عليه جوانحي) (نهج البلاغة ج1 ص245)..

تأمل قوله عليه السلام وحصره لما جاء في الاية ب (إنما علم الغيب), فالكلام حول علم الغيب!
فعلم الغيب هو علم ما سيكون قبل حدوث ووقوع الشئ والفعل , فإذا وقع الفعل أوالشئ فإنه خرج من دائرة علم الغيب وصار واقعا يراه الانسان ويعلم به , بينما كان قبل وقوعه غيبا لايعلمه الانسان .
فالله تعالى يعلم ما في الارحام معرفة غيبية لايشاركه فيها احد وهو ما عدده أمير المؤمنين في الحديث اعلاه بقوله ( من ذكر أو أنثى أو قبيح أو جميل أو سخي أو بخيل أو , شقي أو سعيد ....الخ) وهي جميعا أمورغيبية لم تحصل بعد ,فهي في علم الغيب: ( الساعة , الغيث, ما في الارحام , ماذا تكسب غدا, بأي أرض تموت) وليست امورا واقعة حاصلة , فالله تعالى يعلم ماذا سيصير في الرحم قبل الحمل (علم غيب) ,فإذا تكون الجنين فأنه صار واقعا و خرج عن دائرة علم الغيب وعند ذلك تعلم المرأة انها حبلى ويعرف زوجها والطبيب وأهلها ..الخ بأنها حبلى ,وإذن خرج الامر عن علم الغيب وصار واقعا , وكذلك اذا ولد الطفل وتبين بعد بلوغه انه صار بخيلا أو سخيا , مجرما او طيبا ..الخ فمن السخف ان يقول احدهم أنا اعلم هذا الرجل بخيل او سخي , نقول له نعم تعلم وكلنا نعلم لاننا نراه سخيا او نراه بخيلا كما يتصرف الان , فقد خرج الامر من دائرة الغيب وصار واقعا نراه وهذا امر ليس بالمعجز على احد لمعرفته, انما الاعجاز ان تعلم ذلك قبل وقوعه كما نصت الاية التي تتحدث عن الغيب وكما بينتها رواية أمير المؤمنين عليه السلام !

وكذلك تكون (جنس) الجنين في الرحم , فمن السخف ان يقول احدهم : بما ان العلم الحديث يستطيع معرفة جنس الجنين اليوم اذن الاية الكريمة خطأ لامعنى لها لأن البشر تمكنوا بالعلم الحديث من مشاركة الله تعالى بعلمه وأثبتوا علمهم بجنس الجنين واذن البشر ايضا يعلمون ما في الارحام !!
أقول له التبس الامر عليك , بعد تكون الجنين فإنه صار واقعا ملموسا وليس في ذلك اعجاز لان بالتصوير او بالموجات الصوتية او بشق بطن المرأة وهي في حملها يمكن معرفة جنس الجنين المتكون , ولكن هذا ليس بأعجاز ولا مشاركة لمعرفة علم الله تعالى كما تزعم, انما الاعجاز ان تعلم جنس الجنين في الغيب قبل تكونه وهو كما بينته الاية التي تتحدث عن الغيب والامور المستقبلية وكما بين أمير المؤمنين عليه السلام في الرواية اعلاه حول صفات المولود ومستقبله ومصيره , اما بعد تكون الجنين فقد خرج وجوده من علم الغيب الى علم الواقع والشهادة , الواقع الذي يراه الانسان ويلمسه , لقد عرفت الامر متأخرا ,عرفته بعد ان صار واقعا تراه بعينك او بجهاز السونار او بشق بطن الحامل , وهذا هو غير ما تحدثت به الاية الكريمة التي اختصت بعلم الغيب كما تقدم !
لقد غاب عن المعترض أن الاية الكريمة تتحدث عن غيب مستقبلي لم يحصل في الواقع بعد وهو من علم الله تعالى , فإذا حصل وصار واقعا فأنه خرج عن الغيبية وصار واقعا يعرفه الانسان (تكّون الجنين وصار واقعا ماديا ), فإذا عرفه الانسان الان فإنه علم الواقع ولم يعلم الغيب !
وإذن معرفة العلم الحديث لجنس الجنين وهو في بطن أمه ليس منافسة أو مشاركة لعلم الله تعالى الذي استأثر بمعرفته ومعرفة مستقبله كما بينت رواية امير المؤمنين عليه السلام اعلاه , فمعرفة جنس الجنين بعد تكونه وبعد دخوله الى عالم الواقع والشهادة لم يبطل معنى الاية مطلقا , انما سوء الفهم للاية والخلط بين علم الغيب وعلم الواقع هو الذي اوقع المعترض والعلماني في هذا الألتباس .

الغيب لايعلمه احد الا الله تعالى وقد يكشفه لبعض من عباده المصطفين
(عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحدا .إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) (الجن 26,27 ) ,
إذن (يعلم ما في الارحام ) ابعد من معرفة ان في الرحم جنينا, فهذه المعرفة الواقعية ب الحمل يعلمها كل انسان في ماضي التاريخ وفي حاضره فلا أعجاز في ذلك, أنما الاعجاز أن يعلم الانسان ماذا سوف يكون في الرحم (علم غيب) , فإذا ما تكون الجنين فقد خرج الامر من دائرة الغيب الاعجازي -الذي اختصته الاية الكريمة- الى دائرة الواقع الذي يعيشه الانسان , رواية امير المؤمنين عليه السلام تفصل في مستقبلية هذا الاعجاز فتذهب الى غيب معرفة خصائص هذا الجنين هل هو كريم أو سخي هل سيكون من اهل الجنة أو من اهل النار ...ألخ, وهذا يبين سبب استخدام الاداة اللغوية الشاملة (ما) (يعلم ما في الارحام) , فالرواية تبين ان معنى ( يعلم ما في الارحام) أمر غيبي مستقبلي لأمور كثيرة تخص ما في الارحام وتشمل الصفات والحالات المستقبلية للجنين كما تقدم ذكرها في الرواية , فإذا ما تحقق هذا الغيب ودخل مرحلة عالم الواقع فصار واقعا و(حملت به المرأة في رحمها) فأنه يخرج عن دائرة الغيب ويدخل في علم الواقع الذي يراه الانسان ويعلم به فيعلم وتعلم المرأة انها حُبلى وفي رحمها جنين, وقد تعلم إذا شاءت انه ذكر او أنثى بالموجات الصوتية او المختبر وهو امر ليس بالمعجز لأن الجنين صار واقعا وليس غيبا ,ولكن لن يُعلم هل سيكون مجرما او طيبا , كريما أو سخيا ..الخ حتى يولد ويكبر وتصبح صفاته هذه واقعية ومرئية خرجت من دائرة علم الغيب وصارت واقعية في متناول الانسان فهو يراها في هذا البالغ وفي تصرفاته بعد أن كان يجهلها من قبل , كما كان يجهل ماذا سيكون في الرحم قبل خلق الجنين ذكرا ام انثى سخيا او بخيلا مجرما او طيبا ..ألخ , فذلك غيب لايعلمه الا الله تعالى وهو معنى ( ويعلم ما في الارحام ) !


ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو اخطأنا
سلام عليكم
مروان العارف في
25-8-2022
 
نشرت الموضوع في منتديات اخرى بالتاريخ اعلاه
  واليوم 20-10-2022 تم نشره في المدونة هنا 
بعد غياب طويل, فعذرا للمتابعين الكرام
على طول الانقطاع ودمتم في رعايته وحفظه