متى اسلم عمر؟
يؤمن جمهور المسلمين بأن
الخليفة الثاني عمر من أوائل المسلمين ويبنون وفق ذلك مزاعم عديدة ,ولكن لاتجد من يحدد
بالضبط متى أسلم الرجل؟ فهل حقا كان عمر من المسلمين الاوائل في مكة؟
إسلامه:
تضاربت الروايات
في تاريخ إسلام عمر وأوقعت تلك الروايات المحققين في مشكل حول معرفة تاريخ يوم اسلامه في مكة
, ومن ذلك مانقله المؤرخ ابن هشام مهذب كتاب
السيرة لابن أسحاق حيث يذكر
رأي ابن اسحاق في تاريخ اسلام عمر بقوله : (والله اعلم أي ذلك كان!), أي أنه (ابن اسحاق)
لايعلم أي الروايات أصح لأختلافها
في تاريخ إسلام عمر, وسيأتي تفصيل ذلك. كان ذلك التضارب في الروايات
ملاذاً للمدافعين عن عمر والمبيضين لسيرته, فأشهروا
الروايات التي تظهره بأنه من أوائل
المسلمين, وأضاف كثير منهم بطولات لم
تكن أصلا موجودة في الروايات الاصلية.
إن الباحث عن الحقيقة لاتهمه تحريفات المحرفين فالغاية
هي هي معرفة تاريخ اسلام الرجل وبمعرفة ذلك ستنهار
أختلاقات كثيرة . قبل الدخول في بحث
تاريخ اسلام عمر, لنقرأ شيئاً حول مواقفه من المسلمين
الاوائل وتعذيبه لهم ,ثم نقرأ روايات اسلامه
وتاريخها ,وسيتبين من مقارنة
ذلك مكمن الادعاء والزيف في بعض الروايات.
عمر يعذب المسلمين جسدياً , ويحاول أغتيال النبي(ص) بتكليف من قريش
:
عن سعيد بن زيد
قال :(لقد رأيتني و إنّ عمر لموثقي على الإسلام وأخته ( أخت عمر) ( صحيح بخاري ج8 ص56, وعن سير أعلام النبلاء
للذهبي ج1 ص136). سعيد بن زيد
العدوي هو زوج أخت عمر بن الخطاب , ولما علم عمر بن الخطاب بأسلامهما كان يأتي يوثقهما بحبل ويضربهما آملاً تركهما
للدين الجديد وعودتهما الى دين قريش ,
لنتذكر هذه الرواية جيدا لأننا سنعود اليها بتفصيل أكثر .
(عن عون بن أبي شداد
قال: كان لعمر بن الخطاب أمة أسلمت قبله , كان اسمها زنيرة فكان عمر يضربها على إسلامها , حتى إذا ملّ (أي من كثرة
ضربها) , قال: إني لم أترككِ إلا
ملالة.) (السيرة النبوية لابن كثير ج1 ص 354,الدر المنثور للسيوطي ج6 ص
40 )
(لُبينة جارية بني مؤمل بن حبيب بن عدي بن كعب أسلمت
قبل إسلام عمر بن الخطاب وكان عمر
يعذبها حتى تفتن ثم يدعها ويقول إني لم أدعك إلا سآمة فتقول كذلك يفعل الله بك إن لم تسلم فاشتراها أبو بكر فأعتقها ,
ومنهم زنيرة وكانت لبني عدي
وكان عمر يعذبها) ( الكامل
لابن الاثير, ج2 ص 138, أو ج1 ص 591 في نسخة آخرى)
ظن المسلمون أن عمرا لن
يسلم أبداً لقسوته الشديدة على المستضعفين من المسلمين كأمته زنيرة
والجارية لُبينة وأخته , وتحكي ليلى
بنت أبي حثمة وهي من المسلمات الاوئل فتقول ( كان عمر
أشد الناس علينا ) ( أسد الغابة لابن الأثير ج 7 ص256) . وفيما
يلي رواية عن هجرة المسلمين الاولى من مكة الى الحبشة
وفيها يتبين يأس المسلمين من اسلام عمر,
وقد رفع السند للاختصار :
( عن عبدالله
بن عامر بن ربيعة عن أمه أم عبدالله بنت أبي حثمة قالت : و الله إنا لنترحل إلى أرض الحبشة وقد ذهب عامر (
زوجها) في بعض حاجاتنا إذ أقبل
عمر بن الخطاب حتى وقف علي وهو على شركه ( لم يزل مشركاُ) ( - قالت : وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشدة
علينا - قالت : فقال : إنه
للانطلاق يا أم عبدالله . قالت : فقلت : نعم والله لنخرجن في أرض الله آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله
مخرجا . قالت : فقال : صحبكم الله .
ورأيت له رقة لم أكن أراها ثم انصرف وقد أحزنه - فيما أرى
- خروجنا . قالت : فجاء عامر ( زوجها) بحاجته تلك فقلت له : يا أبا عبدالله لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه
علينا . قال : أطمعت في
إسلامه ؟ قالت : قلت : نعم ؛ قال : فلا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب ؛ قالت : يأسا منه
لما كان يرى من غلظته وقسوته عن
الإسلام .)( السيرة النبوية لابن هشام ج2 باب إسلام عمر, مجمع الزوائد للهيثمي ج 6 ص 23,سيرة ابن كثير ج2 ص 32 , الكامل لابن الاثير ج1 ص602 وفي طبعة النت ج2 ص 146) .
الراوية أم عبد الله وزوجها
كانا حلفاء لآل الخطاب في
الجاهلية , وظهر عمر بمظهر الشفوق الرؤوف بهم للاصرة القبلية التي
تجمعهم فهو أيضا من آل الخطاب ولو كان شفوقا لشفق على الجارية زنيرة وعلى الجارية لبينة. ثم تأمل
يأس الرجل من أسلام عمر حتى يقول أن احتمال اسلام
حماره أكبر من احتمال اسلام عمر نفسه . الرواية الاخيرة أعلاه حدثت والمسلمون في طريقهم للهجرة الاولى الى الحبشة
,وقد تمت الهجرة بعد منتصف السنة
الخامسة لدعوة الاسلام بأتفاق المؤرخين , ويعني هذا أن عمرا لم يزل مشركا وقد مضى على الدعوة خمس سنين , فلايقول
قائل ان عمراً من اوائل المسلمين,
لأن الرواية تصفعه لتفيقه من أكذوبة اسلام
عمر في بداية الدعوة. بعد هذه الهجرة الاولية
للحبشة هناك هجرة ثانية للحبشة حدثت بعد فترة يسيرة
أيضا وفي تلك الهجرة الثانية لم يكن عمر مسلما بعد, أي أن دعوة الدين مضى عليها ست سنوات على الأقل وعمر لايزال
مشركاً, وهذا مايتفق عليه المؤرخون
فقالوا أن عمرا بن الخطاب أسلم بعد هجرة المسلمين الى الحبشة, لكنهم
لم يحددوا متى أسلم, فما بين هجرة الحبشة الثانية والهجرة الى المدينة أكثر من ست سنوات أخرى , ففي أي سنة بين
تلك السنين أسلم عمر ؟ سيأتي جوابه
بعد قليل .
عمر يوعد
المشركين بأنه سيقتل النبي محمد(ص)
لشخصية عمر خصائص شهيرة
بينتها كتب السيرة والتاريخ ومن أهم
تلك الخصائص صياحه وبطولاته
القائمة على التهديد والوعيد ,وقد عرف المعاصرون لعمر تلك الخصيصة لتكررها في سلوكه ,ومنهم قيس بن سعد بن عبادة في
احداث السقيفة حيث وصم عمر بالجبن وكما يلي : (فوثب قيس بن سعد وأخذ بلحية عمر وقال له : يابن صهاك الجبان في الحرب
والليث في الملأ والأمن ! (تاريخ الطبري ج2 أحداث السقيفة ,
ومثله في مروج الذهب وتاريخ اليعقوبي), فعمر كان
شجاعاً بين جماهير الناس لكنه عند النزال يختفي ويهرب وتشهد له بذلك حروب المسلمين التي أشترك فيها , فهذه كتب السيرة
والتاريخ تتفق بأجمعها على أن عمرا
قتل رجلاً واحداً فقط في كل حروب المسلمين مع المشركين وقتله لذلك
الرجل كان بمساعدة مسلم آخر , فأين البطولات والشجاعة التي ألفها الكتاب وصاغوها بأسلوب قصصي شيق؟ كان عمر كما
يبدو شجاع في تعذيب النساء والمستضعفين
أما غير ذلك فلا , إن هذه الخصلة كان يعرفها عمر في نفسه فهو لذلك يروي قصة اسلامه مضيفاً عليها هالة من البطولة . كانت
قريش قد كلفت عمر أكثر من مرة بأغتيال
النبي ويعترف عمر بذلك في أكثر من رواية فيقول: (كنت من
اشد الناس على رسول الله) ( اسد الغابة لابن الاثير ج4 ص 162)
, وفي رواية أخرى يُروى أن قريشاً
بعثته لاغتيال النبي (ص) وكما يلي:
يُحدث الراوي على لسان عمر فيقول:
(قال لنا عمر بن الخطاب أتحبون أن أعلمكم كيف
كان بدء إسلامي ؟ قلنا نعم قال
كنت من أشد الناس على رسول الله فبينا أنا يوما في يوم حار شديد الحر بالهاجرة في بعض طرق مكة إذ لقيني رجل من قريش
فقال أين تذهب يا ابن الخطاب أنت
تزعم أنك هكذا وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك, قال : قلت وما ذاك؟ قال :أختك قد صبأت ( صارت مسلمة)! قال :فرجعت
مغضبا وقد كان رسول الله يجمع الرجل
والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة فيكونان معه ويصيبان من طعامه وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين, قال : فجئت حتى قرعت الباب فقيل من هذا قلت ابن الخطاب قال :وكان القوم جلوسا يقرأون
القرآن في صحيفة معهم فلما سمعوا
صوتي تبادروا واختفوا وتركوا أو نسوا الصحيفة من أيديهم. قال: فقامت المرأة ( أخته) ففتحت لي, فقلت :يا عدوة نفسها
قد بلغني أنك صبوت ,قال: فأرفع شيئا في يدي فأضربها
به فسال الدم ,قال: فلما رأت
المرأة الدم بكت ثم
قالت يا ابن الخطاب ما كنت فاعلا فافعل فقد أسلمت! قال: فدخلت وأنا مغضب فجلست على السرير فنظرت فإذا بكتاب في ناحية
البيت فقلت ما هذا الكتاب أعطينيه فقالت لا أعطيك لست من أهله أنت لا
تغتسل من الجنابة ولا تطهر وهذا لا
يمسه إلا المطهرون. قال: فلم أزل بها حتى أعطتنيه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم فلما مررت ب الرحمن الرحيم ذعرت
ورميت بالصحيفة من يدي ثم رجعت إلي نفسي فإذا فيها سبح لله ما في السموات
والأرض وهو العزيز الحكيم ,قال: فكلما مررت باسم من
أسماء الله عز وجل ذعرت ثم ترجع إلي نفسي حتى بلغت
آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه حتى بلغت إلى قوله إن كنتم مؤمنين فقلت
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله, فخرج
القوم يتبادرون بالتكبير استبشارا بما سمعوه مني وحمدوا الله عز وجل ثم قالوا يا ابن الخطاب أبشر فإن رسول الله دعا
يوم الاثنين فقال اللهم أعز الإسلام
بأحد الرجلين إما عمرو ابن هشام وإما عمر بن الخطاب وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول الله لك )
(اسد الغابة لابن الاثير ج
4 ص162).
إذا كان الرسول حقا قد دعا الله أن يعز الاسلام بأحد
الرجلين فلماذا لم يدعو الله أن يعز
الاسلام بكليهما معاً وهو خاتم الانبياء (ص) ودعوته مستجابة؟ أما
عمرو بن هشام فقد اطلق عليه النبي والمسلمون لقب اباجهل فماذا يُرتجى من رجل كأبي جهل. وماهي العزة التي سيضيفها أبوجهل الى الدين , ومثله عمر كذلك ؟ إن الدين عزيز بذاته ولن يحتاج الى رجل
معين, فعباد الله سواسية , ولانرى أن
النبي (ص) يدعو هكذا دعوة سخيفة مفضلاً رجل على غيره من الرجال والنساء وكأنه يريد أن يفاضل بين الناس وحاشاه عن
ذلك , فدعوة الاسلام لكل البشر ولن
تحتاج الى أبي جهل ولا الى عمر وغيرهما.
في الرواية أعلاه عمر
يعترف بقوله أنه كان من أشد الناس على رسول الله, ثم
يفاجأه الرجل بخبر أسلام أخته وزوجها
فيندهش عمر,ثم نرى شجاعته كما يصورها وهي بضرب
أخته حتى يسيل دمها! ثم لاينسى أن يضيف في آخر قصته أن النبي دعا أن يعز الاسلام بأحدر الرجلين وهو أحدهما.
هناك رواية أخرى يرويها
ابن الاثير أيضا في أسد الغابة وهي عن ابن
اسحاق صاحب السيرة تبين أن
عمراً كان عازما على قتل النبي , وهي باختصار
(عن ابن إسحاق قال
ثم إن قريشا بعثت عمر بن الخطاب وهو يومئذ مشرك في طلب رسول الله, ورسول الله في دار في أصل الصفا فلقيه (لقي
عمر) النحام وهو نعيم بن عبد الله
بن أسيد وعمر متقلد سيفه, فقال يا عمر أين تريد فقال أعمد إلى محمد الذي سفه أحلام قريش وشتم آلهتهم وخالف
جماعتهم( تأمل أيها القارئ أن عمراً متقلدا
سيفه يريد قتل محمد كما يزعم), فقال النحام والله لبئس الممشى مشيت يا عمر ولقد فرطت وأردت هلكة عدي ابن كعب أو
تراك تفلت من بني هاشم وبني زهرة
وقد قتلت محمدا ,فتحاورا حتى ارتفعت أصواتهما ,فقال له عمر إني لأظنك قد صبوت ( صرت مسلماً) ولو أعلم ذلك لبدأت بك,
فلما رأى النحام أنه غير منته
قال فإني أخبرك أن أهلك وأهل ختنك قد أسلموا وتركوك وما أنت عليه من ضلالتك, فلما سمع عمر تلك يقولها قال وأيهم قال
ختنك وابن عمك وأختك فانطلق عمر
حتى أتى أخته ) ( اسد
الغابة لابن الاثير ج
4, ص162.كنز العمال للمتقي الهندي ج 12 ص 605,تاريخ دمشق لابن عساكر ج 44 ص 36 .)
إذن
عمر كان حازماً على قتل النبي بأمر قريش وتأمل قول عمر للرجل : ولو أعلم ذلك لبدأت بك ! يعني لو أعلم أنك صرت مسلما
لقتلتك ,ثم بعد ثواني قليلة يقول
له الرجل أن اخته وختنه قد اسلموا وتركوك وما أنت على ضلالتك ,ويعني
هذا أن الرجل يعترف بأسلامه امام عمر فلماذا لم يبدأ به عمر كما قال ويقتله ؟ هذه شخصية عمر وعود وتهديدات فقط ! بعد
زيارته لبيت أخته ينطلق عمر لرؤية
النبي وفي نيته الاسلام كما يدعي لكن ياترى هل الحقيقة هي هذه ؟ رويداَ, لنكمل الرواية ,
قال عمر : (فأتيت الدار وحمزة وأصحابه جلوس
فيها ورسول الله في البيت فضربت الباب فاستجمع
القوم، فقال لهم حمزة (عم النبي ص): مالكم؟ , قالوا: عمر بن الخطاب ، قال حمزة: وعمر بن الخطاب ؟ إفتحوا له الباب فإن كان يريد خيراً بذلناه له وإن كان يريد شراً قتلناه بسيفه فإن قتله
علينا هيّن !فقال رسول الله: مالكم؟ قالوا: عمر بن
الخطاب،: فخرج رسول الله فأخذ بمجامع ثيابه ثم شدّه من ثيابه ثم نتره فما
تمالك إلا أن وقع عمر على ركبتيه في الأرض، فقال رسول
الله: ما أنت منتهٍ يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بـالوليد بن المغيرة، فقال عمر: أشهد أن لا إله
إلا الله) ( السيرة النبوية
لابن إسحاق ج2 ص160, باب أسلام عمر ,
تاريخ دمشق لابن عساكر ج18 ص62
, الطبقات لابن سعد ج 3 ص 191).
تأمل قول حمزة عم النبي ساخراَ : وعمر بن الخطاب!) ثم يكمل أنه سيقتله بسيفه
وأن قتله هين , وهذا دليل على شهرة عمر
بجبنه فهو لايُرعب ولايتعدى الا على النساء والضعفاء والمساكين,
ولم تشهد له معارك المسلمين نزالا واحدا أو مبارزة واحدة.
يتفق المؤرخون على أن عمر
لم يكن مسلماً في السنين السبعة الاولى من الدعوة والنصوص التي تقدم ذكرها بينت ذلك وهذا كفيل لكل متحمس لعمر أن يعرف أن عمر لم
يكن من المسلمين الاوائل كما يدعي
كثير من الكتاب المعاصرين , بل هو آخر من أسلم في
مكة وسيأتي أثبات ذلك ! لنعود الى
النص الذي تقدم ذكره وهو على لسان سعيد بن زيد
زوج أخت عمر (ختن عمر) ,حين يقول
:
(عن سعيد بن زيد
بن نفيل العدوي قال: لقد رأيتني و إنّ عمر
لموثقي على الإسلام وأخته ( أخت عمر)
. ( صحيح البخاري ج8 ص56, وعن سير أعلام
النبلاء للذهبي ج1 ص136).
هذا النص لا غبار عليه
وهو نص موثق, ويعني هذا أن عمرا بعد علمه بأسلام أخته وزوج أخته سعيد بن زيد صار
يعذبهما ويشدهما بوثاق. إذن لماذا يتفاجأ عمر ذلك اليوم عندما يبلغه رجل بأسلام أخته وزوجها كما مر حيث يقول له
( فإني أخبرك أن أهلك وأهل
ختنك قد أسلموا وتركوك وما أنت عليه من ضلالتك فلما سمع عمر تلك يقولها قال وأيهم قال ختنك وابن عمك وأختك
فانطلق عمر حتى أتى أخته )( اسد
الغابة لابن الاثير ج
4, ص162.كنز العمال للمتقي الهندي ج 12 ص 605,تاريخ دمشق لابن عساكر ج 44 ص 36)
ثم
يدخل الاسلام في ذلك اليوم ويذهب الى النبي ويقول الشهادة!
الحقيقة هي
أن (عمر) حقاً تفاجأ بأسلام أخته وزوجها وذهب في نفس ذلك اليوم الى النبي محمد (ص) هاماً بقتله كما تروي الرواية في
البداية ,وكما رواها هو على لسانه ,
لكنه أحجم عن ذلك عندما رأى هيبة النبي وعندما هزه النبي ونتره وقال له أسلم قبل أن تلحق بمصير الوليد بن
المغيرة فيعلن عمر إسلامه. إذن متى عذب
عمرا أخته وزوجها وشدهم بوثاق وهو علم ذاك اليوم لأول مرة أن أخته وزوجها صارا من المسلمين؟ فهو لم يكن يعلم
بأسلامهما قبل ذلك اليوم ولما علم ذلك
اليوم بأسلامهما أسلم هو نفسه بعد ساعات وفي ذات اليوم ؟ الحقيقة انه عذبهما بعد يوم أسلامه ذاك لأنه قبل يوم
اسلامه لم يكن يعلم بأسلامهما فلم يكن
يعذبهما وفي اليوم الذي أعلن أسلامه في دار الصفا وهي دار الارقم عرف في ظهيرة ذلك اليوم أن أخته وزوجها قد اسلما
, إذن تعذيبه لهما كان بعد ذلك اليوم
أي بعد اسلامه ,وهذا يثبت ان أسلامه ذلك اليوم كان شكليا وهيبة من النبي محمد (ص).
إن قراءة تسلسل الروايات
التاريخية يؤدي الى توضيح أكثر بخصوص اسلام عمر الشكلي ذلك, ولكن بعد قراءة رواية أخرى مسندة في أسلام عمر وهي
باختصار وتصرف كما يلي:
روي ابن هشام عن ابن اسحاق صاحب السيرة عن عطاء ومجاهد :
( أن إسلام عمر
فيما تحدثوا به عنه أنه كان يقول : كنت للإسلام مباعدا وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأسر بها وكان لنا مجلس
يجتمع فيه رجال من قريش فخرجت
ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك قال : فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحدا . قال : فقلت : لو أني
جئت فلانا الخمار وكان بمكة يبيع
الخمر لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها . قال : فخرجت فجئته فلم أجده . قال : فقلت : فلو أني جئت
الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين
. قال : فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة فإذا رسول الله قائم يصلي وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل
الكعبة بينه وبين الشام وكان مصلاه
بين الركنين : الركن الأسود والركن اليماني . قال : فقلت حين رأيته والله لو أني استمعت لمحمد الليلة
حتى أسمع ما يقول ! قال : فقلت : لئن دنوت منه أستمع منه لأروعنه ؛ فجئت من
قبل الحجر فدخلت تحت ثيابها فجعلت
أمشي رويدا ورسول الله قائم
يصلي يقرأ القرآن حتى قمت
في قبلته مستقبله ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة . قال : فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام
فلم أزل قائما في مكاني ذلك حتى
قضى رسول الله صلاته ثم انصرف وكان إذا
انصرف خرج على دار ابن أبي حسين....الخ)
ثم يكمل
... (قال عمر : فتبعته
حتى إذا دخل بين دار عباس ودار ابن أزهر أدركته ؛ فلما
سمع رسول اله حسي عرفني فظن رسول الله أني إنما تبعته لأوذيه فنهمني ثم قال : ما جاء بك يا ابن الخطاب هذه
الساعة ؟ قال : قلت : جئت لأومن بالله
وبرسوله وبما جاء من عند الله ؛ قال : فحمد الله رسول
الله ثم قال : قد هداك الله
يا عمر ثم مسح صدري ودعا لي بالثبات ثم
انصرفت عن رسول الله ودخل رسول الله بيته
.) ( سيرة ابن هشام , ج2 باب
أسلام عمر)
ثم يعلق ابن اسحاق ويقول
(والله اعلم أي ذلك كان!) . المؤرخ
ابن أسحاق يحتار بين الرواية
أعلاه وبين رواية عمر التي تقول أنه ضرب أخته وزوجها ثم ذهب الى النبي وأعلن أسلامه كما تقدم
.
الرواية الاخيرة
تحكي أيضا قصة إسلام عمر, فما اسلامه الاول إذن عندما ذهب الى البيت والمسلمين مجتمعين مع النبي ومعهم حمزة عم
النبي ؟ إذن هناك أكثر من مرة يدخل
عمر في الاسلام ,وهذا يفسر حيرة ابن اسحاق وكذلك صاحب السيرة ابن هشام وغيرهم . إن ترتيب الروايات يؤدي الى نتيجة منطقية واحده وهي ستظهر
بوضوح بعد ترتيب ما تقدم وكما يلي
:
يذهب عمر في طريقه
لأغتيال النبي كما أوصته قريش ثم يتفاجأ بأن أخته وزوجها قد
دخلا الاسلام , فيذهب اليهما غاضبا
لدخولهما الاسلام, ويضرب أخته فيسيل دمها, وهناك
رواية أخرى على لسانه تروي أنه
ضرب زوجها زيد كذلك وأدماه , ثم يقرأ شيئا
من القرآن في الصحيفة ويقول دلوني على محل النبي فيذهب اليه , ويفجأ
هناك بوجود المسلمين وينهار أمام هيبة النبي وفراسته فيقع على ركبتيه خوفا ويعلن أسلامه , ثم يضيف راويا بلسانه أن المسلمين
أعلنوا دعوتهم بأسلامه وأحسوا أمناُ
لأنه بطل, وأن النبي كان يدعو الله أن يعز الاسلام
بأسلام عمر وغيرها من مدائح لم نجدها الا في نصوصه التي رواها نفسه.
ان عمرا لم يسلم حقيقة
ذلك اليوم, بل أسلم خوفاً من النبي وصار بعد ذلك ينتقم من المسلمين
ومنهم أخته وزوجها فعاد اليهم
بعدما عرف بأسلامهم ظهيرة ذلك اليوم وصار يشدهم بوثاق ويعذبهما كما ورد في حديث أخو
زوجته , فهو لم يكن يعلم
بأسلامهما قبل ذلك اليوم ويعني هذا أنه لم يعذبهما قبل ذلك اليوم أنما هو عذبهما بعد ذلك وبعد أن جثا على ركبتيه بباب
بيت اجتماع المسلمين وقال بالشهادة,
ثم تأتي الرواية الاخيرة التي حيرت المؤرخين وهي اسلامه عندما كان متخفيا بين أستار الكعبة يتسمع للنبي, وربما
كان يحاول أغتيال النبي فلم يستطع
فيعلن أسلامه مرة أخرى للنبي, ولهذا دعا النبي
له بالثبات هذه المرة كما
يروي ابن هشام (ثم مسح صدري ودعا لي بالثبات
ثم انصرفت عن رسول الله ودخل رسول الله بيته .) (
سيرة ابن هشام , ج2 باب أسلام عمر) فهذه ليست المرة الاولى التي
يدخل فيها الاسلام وهذا يفسر لنا تعذيبه لاخته
ولزوجها وشدهما بالوثاق بعد اسلامه الكاذب في المرة الاولى كما تقدم
. بعض المؤرخين أتفقوا على أن أسلام عمر حدث بعد نهاية
السنة السادسة للدعوة عندما كان بعض
المسلمين آنذاك في هجرتهم
الثانية في الحبشة, لكن النصوص التي
مرت تبين أنه
أسلم بعد ذلك بوقت طويل, فإسلامه كان متأخرا في أواخر
أيام المسلمين في مكة , وهذا ما سيتضح بعد قليل
فرويداً.
ماهو تسلسل عمر في الاسلام ؟
قال طلحة بن عبيد الله : ( ما كان عمر بن الخطاب بأولنا إسلاما ولا
أقدمنا هجرة)( اسد
الغابة لابن الاثير ج4 ص167)
ويروي ابن الاثير أن الدعوة صارت علنية بعد أسلام عمر الاول
:
(فقال عمر: يا نبي
الله أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فكبر أهل الإسلام تكبيرة واحدة سمعها من وراء الدار
والمسلمون يومئذ بضعة وأربعون رجلاً
واحدى عشرة امرأة. ) (سيرة ابن اسحاق ج1 ص 146). ( أسلم عمر
بعد خمسة وأربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة) )( اسد
الغابة لابن الاثير ج5 ص 158)
(استخفى رسول الله في
داره وهي في أصل الصفا والمسلمون معه بمكة لما خافوا المشركين
فلم يزالوا بها حتى كملوا أربعين رجلا وكان آخرهم إسلاما عمر بن الخطاب فلما كملوا به أربعين خرجوا ) ( أسد الغابة لابن الاثير ج1 ص 95 ). يعني ابن الاثير أن الاربعين رجلا هم المسلمون في مكة فقط من غير تعداد المسلمين
الذين في الحبشة ومن غير تعداد
المسلمين في يثرب , فهناك مسلمون مهاجرون في الحبشة آنذاك عددهم يزيد على الثمانين رجلا وامرأة , فيروي ابن اسحاق وابن هشام كذلك : (أن عدد المسلمين في هجرة الحبشة الثانية كان ثلاث
وثمانون رجلأ )( سيرة ابن اسحاق على
تهذيب ابن هشام, باب هجرة الحبشة الثانية) , ولم يكن
عمر مسلما في ذلك الوقت بأتفاق المؤرخين , ويروي ابن الاثير(وأقام المسلمون بمكة يؤذون فلما رأوا ذلك رجعوا
مهاجرين إلى الحبشة ثانيا فخرج جعفر
بن أبي طالب وتتابع المسلمون إلى الحبشة فكمل بها تمام اثنين وثمانين رجلا والنبي مقيم بمكة يدعوا الله سرا وجهرا ) ( الكامل في التاريخ لابن الاثير , ج1 ص 143).
أما عدد المسلمين في مدينة
يثرب( المدينة المنورة) في ذلك التاريخ فكان كما يلي :
كتب ابن الاثير ( لما
فشا الاسلام في الأنصار( اهل يثرب) اتفق جماعة منهم على المسير إلى النبي مستخفين لا يشعر بهم أحد فساروا إلى مكة
في الموسم في ذي الحجة مع كفار
قومهم واجتمعوا به وواعدوه أوسط أيام التشريق بالعقبة فلما كان الليل خرجوا بعد مضي ثلثه مستخفين يتسللون حتى
اجتمعوا بالعقبة وهم سبعون رجلا معهم
امرأتان نسيبة بنت كعب أم عمارة وأسماء أم عمرو بن عدي من بني سلمة وجاءهم رسول الله ومعه عمه العباس بن عبد
المطلب وهو كافر أحب أن يتوثق لابن
أخيه) ( الكامل
لابن الاثير ج2 باب بيعة العقبة الثانية) ولم يكن
عمر قد دخل الاسلام في بيعة العقبة الثانية أيضا.
من حصيلة النصوص يكون اسلام عمر
حدث بعد أسلام
83 رجلا في الحبشة + 45
رجلا في مكة + 70 رجلا من مدينة يثرب= 198 رجلا مجموع المسلمين
قبل اسلام عمر دون حساب النساء والاطفال!
إذن اسلام عمر وقع بعد اسلام اكثر من 200 مائتين انسان, فليعرف الوعاظ
وخطباء الجوامع تاريخهم ويتقوا الله في تزوير الحقائق
.
من المهم معرفة أن دعوة
الاسلام لم تكن سرية بل كانت علنية منذ البداية وعرفت بها قريش في اوائل ايام الدعوة, وهاجر المسلمون في هجرتهم
الاولى الى الحبشة في السنة الخامسة
للدعوة وعرفت قريش بخروجهم وتقدم كيف أن عمرا عطف على حلفاء عشيرته الذين قال احدهم فيه أن عمر بن الخطاب لن يسلم
حتى يسلم حمار الخطاب وعمر كان وقتها
مشركا, فليس هناك سرية في الهجرة ولاتحفظ على
الهروب من مكة , بل وردت
روايات كثيرة في تحدي المسلمين لمشركي قريش في بداية الدعوة عندما كانوا يقرأون القرآن جهارا عند الكعبة وكان مشركي
قريش يعذبونهم , فمن أين أتت السرية
في كل ذلك ؟ ولذلك فإن قول عمر أنه بعد اسلامه خرج المسلمون واعلنوا
دعوتهم كلام لامعنى له ويحتاج الى تحقيق! .
السنة التي أسلم فيها عمر
يتفق المؤرخون على أن جميع المهاجرين المسلمين من مكة الذين آخى رسول
الله بينهم وبين الأنصار في المدينة
(يثرب) كانوا لا يتجاوزون 45 رجلا (طبقات ابن سعد ج1 ص 1 قسم الثاني, فتح الباري الجزء 7 الصفحة 210 ).
وتبين لنا أن أسلام عمر بن الخطاب كان
بعد خمسة وأربعين رجلاً :
( أسلم عمر بعد خمسة وأربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة) )( اسد الغابة لابن الاثير ج5 ص 158, وكذلك في
سيرة ابن اسحاق )
ويقول عمر على لسانه : (وكنت رابع أربعين رجلاً
ممن أسلم) ( كنز العمال للمتقي الهندي ج12 ص 552)
بما أن
المهاجرين المسلمين الذي آخى رسول الله بينهم وبين الانصار في يثرب كانوا لايتجاوزون 45 رجلاً , أذن
أسلام عمر كان في السنة الاخيرة في مكة وبعدها
تمت هجرة أولئك الخمس وأربعين رجلا وأحد عشر أمرأة الى يثرب وفيهم عمر آخر الرجال , فلم يدخل الاسلام بعد أولئك
الخمس وأربعين رجلا أحد من أهل مكة ,
فأولئك الخمس وأربعين رجلا هم مسلمو مكة قبيل الهجرة وكان عمر آخرهم ,
إذن اسلامه كان في السنة الاخيرة قبل الهجرة ليثرب!.
إذن اسلامه كان في السنة الاخيرة قبل الهجرة ليثرب!.
كانت الهجرة الى المدينة بعد أكثر من عشر سنوات من بداية الدعوة, وأسلام عمر كان في السنة الاخيرة قبل الهجرة أي على أقل تقدير بعد عشر سنوات من ظهور الدعوة.
مرر المؤرخون هذه الحقيقة بخلطها عن عمد وربما عن غير عمد بهجرة
المسلمين الى الحبشة حيث قالوا أن
أسلام عمر كان بعد هجرة المسلمين الى الحبشة والهجرة
الى الحبشة كانت بين السنة الخامسة والسادسة للدعوة وهو قول لاغبار عليه فحقا أسلم عمر بعد الهجرة الى الحبشة ولكن
هناك فترة تقارب الستة سنوات بعد
هجرة الحبشة ففي أي سنة كان اسلام عمر؟ لم يبين المؤرخون ذلك وتركوا
القراء يمرون على الروايات فظن الناس
أن عمراً أسلم بعد هجرة المسلمين
الى الحبشة مباشرة, ولكن الحقيقة غير ذلك فالقرائن
تبين أنه نعم أسلم بعد هجرة المسلمين الى
الحبشة ولكن ليس مباشرة بعد ذلك ,وتسلسل أسلامه كان
بعد 198 رجلا من غير حساب عدد المسلمين من النساء والاطفال كما تقدم ذكره.
إذن لم يكن عمر من
المسلمين الاوائل كما يروج المروجون ,ولم يعاني اضطهاد قريش بل في الحقيقة هو اعلن أسلامه مرة عندما ذهب الى دار
الصفا وذلك خوفا من النبي وتهديده وفي
ذلك اليوم عرف أن ختنه وأخته من المسلمين فعاد بعد اسلامه الشكلي يعذبهما على اسلامهما كما روت الروايات؟ ثم عاد
ثانية يتسلل خلف ستار الكعبة
مطارداً النبي ليقول له أنه جاء ليدخل الاسلام كما في الرواية التي حيرت المؤرخ ابن اسحاق .
هناك رواية تحكي أن عمر
عندما خرج مسلما
مهاجراً الى المدينة توعد قريش بقوله أن
من كان شجاعا فليتبعه لأن مصيره سيكون القتل على يده! الخوض في
سند الرواية لايجدي لتهافتها والطريف أن
قُيدت على لسان علي بن أبي طالب لتأكيد مصداقيتها ,
فهل حقا كان عمر بهذه الشجاعة يخرج وحده في وضح النهار مهددا قريش
بأنه مسلم سيهاجر الى المدينة ولايطارده أي رجل منهم ؟ بينما النبي محمد (ص) المؤيد بالله وملائكته يخرج تحت جنح
الليل متخفيا يترقب المشركين كي لايلحقوا
به . لقد اراد المحرفون أظهار عمر بمظهر من هو أشجع
من النبي وأقوى. لو
صحت رواية عمر بتهديده للمشركين أن لايلحقوه, فإن عرب قريش تركوه
يخرج ولم يتبعوه ليس خوفاً
منه , بل اما لأنه فرد غير مهم ولايزيد في الحساب
خردلة , و إما لأنه كان يظهر الاسلام فقط ويبطن
الشرك فلم تعتبره قريش عدوا لها ,
وسيأتي في معارك المسلمين مع قريش
كيف يترك المشركون عمرا أكثر من مرة
ولايقتلوه مع قدرتهم على ذلك, وكأنه حليف لهم وليس
عدوا !
وأخيرا للذين يقولون أن عمر كان شديدا مما جعل النبي يعلن
رسالته لقريش بعد أسلامه, ما قولهم في
حصار قريش لبني هاشم؟ فقد حاصرت قريش بني هاشم في شعب من شعاب مكة وقاطعوهم وكتبوا وثيقة عهد بذلك وعلقوها في
الكعبة فلم يتزوجوا منهم ولم يخالطوهم
ولم يعاشروهم ومنعوا عنهم ما يستطيعون من قوت وطعام فمات في الحصار
عم النبي أبوطالب وماتت زوجته السيدة خديجة من وطأة ذلك الحصار
,وبعد وفاة أبوطالب لم يكن للنبي من ينصره في
مكة فأمر المسلمين بالهجرة الى المدينة
. يذكر ابن سعد في الطبقات أن الحصار دام لمدة سنتين ويقول (وكان
خروجهم من الشعب في السنة العاشرة)( الطبقات
الكبرى لابن سعد ج3 باب حصار قريش لبني هاشم). وتمت
الهجرة بعد ذلك . أين
كان عمر في تلك السنة وهي السنة العاشرة للدعوة؟ وما هي مواقفه وأعماله البطولية الخارقة إذا كان مسلماً.
الحقيقة أن عمرا كان لايزال على شركه مع
قريش فهو لم يدخل الدين الا قبل الهجرة بقليل وبتسلسل عدده الخمس وأربعين الذي رواه المؤرخون وكرروه يكون عمر من
آخر المسلمين في مكة قبل الهجرة ,لأن
رجال مكة المسلمين الذين آخى النبي (ص) بينهم وبين أهل مدينة يثرب
كانوا لايتجاوزن الخمس والاربعين رجلا بأتفاق الجميع ويعني هذا أن تسلسل عمر كان آخر رجل أعلن أسلامه في مكة قبل
الهجرة الى يثرب بفترة قصيرة جدا,ولايذكر
التاريخ حادثة واحدة لعمر وهو مسلم في مكة ,
إذن كان أسلام عمر بعد أكثر من عشر سنوات من بداية
الدعوة , وبعد اسلام اكثر من 200 مائتين رجل من مجموع المهاجرين الى الحبشة والمدينة زائدا
عدد المسلمين المقيمين في مكة قبيل الهجرة , من غير حساب عدد النساء والاطفال
.
بقلم : مروان العارف في 2013
ليست هناك تعليقات:
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.