الأحد، 13 أكتوبر 2013

14- رحيل النبي , وفاة أم أغتيال ؟ \ مؤامرة المسلمين على النبي محمد (ص)

الفصل الرابع عشر والاخير من كتاب مؤامرة المسلمين على النبي محمد (ص)
الفهرس:
 مقدمة,
المسلمون يحاولون اغتيال النبي في العقبة, من هم رجال عصبة الاغتيال في العقبة ؟
 أحد رجال عصبة الاغتيال يفضح نفسه,
التغطية على المشتركين في عملية الاغتيال,
 هل مات النبي بالسم؟
 الشراب المسموم,
المتآمرون يجنون ماخططوا , ويفوزون بالحكم.


-14-رحيل النبي (ص), وفاة أم أغتيال؟

 (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين)(آل عمران 144)

تعرض النبي الكريم الى محاولات اغتيال عديدة كان أغلبها بتدبير قبيلة قريش وزعماءها من مثل أبوسفيان بن حرب وغيره .ذكرت كتب السيرة  تلك المحاولات التي خطط لها كفار قريش, ولم يجد المؤرخون حرجاً في تفصيل ذلك ولم يخش المؤرخون سلطة الخلفاء من كتابة تلك المحاولات, بل على العكس  كان ذكرمحاولات الاغتيال التي قام بها مشركو قريش وباقي العرب واليهود يوحي للناس أن المشركين واليهود هم فقط الذين كانوا وراء محاولات الاغتيال تلك وليس غيرهم ! لكن النبي تعرض الى محاولات اغتيال اخرى كانت بتدبير المسلمين أنفسهم , ذكرت كتب السيرة نتفاً من تلك المحاولات ولم تذكر الاشخاص وتكتمت عن التصريح واكتفت بتلميحات يسيرة فصلتها كتب اخرى خارجة عن سلطة الدولة. ان سبب تكتم بعض كتب السيرة عن ذكر اسماء المسلمين الذين حاولوا اغتيال النبي لايحتاج الى محقق جنائي لادراك ذلك التكتم ! فالاشخاص الذين خططوا لاغتيال النبي في أيامه الاخيرة هم الذين تسدوا مناصب الامارة والسيادة في الدولة التي أقامها النبي محمد(ص)  واغتصبوا الخلافة ونالوا مايريدون , فقد كانت مصلحة الجناة التعجيل برحيل النبي كي يرثوا دولة كاملة وجاهزة, ولم يقدر المؤرخون والكتاب الذين عاشوا تحت تسلط أولئك الحكام ذكر تفاصيل الاغتيال تلك وأكتفى بعضهم بالتلميح , ويعود الفضل في اكتشاف جناة محاولات الاغتيال تلك الى حصافة المحققين الذين جمعوا النتف والتلمحيات من كتب التاريخ والسيرة ,ليظهروا الصورة كاملة  ويبينوا لنا من هم الذين أبرموا تلك الخطط. ومن معجزات القران أن ايات الكتاب أشارت الى اولئك المخططين, ولم يجد الذين اغتصبوا سلطة الدولة سوى تأويل تلك الايات وتفسيرها بشكل يخالف ما اوحت به تلك الايات , ولو تسنى لهم أن يمحوا من كتاب الله  مايقدروا لمحوا مايحلو لهم .
 ومن تلك الايات التي تتحدث عن اغتيال النبي وقتله , اية 144 من سورة آل عمران  (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم) , حيث تبين الاية  أن قتل النبي موضوع وارد وقد يحصل ( أفإن مات أو قتل) ,فاحتمال موت النبي قتلاً ليس من المستحيلات , واذا كان القرآن قد تحدث أن الله سبحانه سيعصم النبي من الناس كما في الاية (يا أيها النبي بلغ ما أنزل أليك من ربك وأن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لايهدي الكافرين) (المائدة57) فأن العصمة كانت فاعلة حتى إتمام تبليغ الرسالة كاملة , ثم تأتي آية ( اليوم أكملت لكم دينكم.....)( المائدة3) , فبعد تبليغ  الرسالة للناس وإكمال الدين وإتمام النعمة يبقى موضوع قتل النبي أو وفاته محتمل الوقوع كما بينت اية ال عمران, وإن كانت أغلب كتب السيرة تلقي تفسيراً غامضا حول وفاة النبي وتتطرق بحذر الى احتمال وفاته مسموماً وذلك بتأويل آيات عصمة الله له من الناس , حيث يخلط جمع من الكتاب بين اية ( والله يعصمك من الناس ) وبين آية ( أفإن مات أو قتل) فمرة يقولون أنه معصوم عن القتل حسب اية والله يعصمك من الناس, وأخرى يتحدثون عن أمكانية وفاته بالقتل والسم, وفاتهم ان أية العصمة هي كانت لحفظه حتى يبلغ رسالة الخلافة وقد مربنا  تفسيرها في فصل نظام الحكم , وبقي أحتمال موته قتلاً  أحتمالاً واردا وليس مستحيلاً بل مؤكدا. إن ترجيح وفاة النبي وفاة  طبيعية يصب في مصلحة  الجناة لرفع تهمة الاغتيال عنهم !
إن سبب محاولات المسلمين لاغتيال النبي هوالطمع  بتسدي امارة الدولة التي أقامها النبي في الجزيرة العربية, فالذين حاولوا أغتيال النبي من المسلمين ونجحوا في ذلك لاحقاً, علموا من أحاديث النبي (ص) ومن خطبه أنه في أواخر أيامه , وأنه على وشك الرحيل الى العالم الاخر فأرادوا أن يعجلوا من رحيله كي يتسنى لهم أفساد وصيته بالخلافة لعلي بن أبي طالب ,ويتسنى لهم اغتصاب السلطة ليستحوذوا على دولة كاملة جاهزة تحكم الجزيرة العربية ولها من الزخم والقوة ما سيمكنها من التسلط على أقوى دولتين في تلك الازمنة وهي دولة فارس ودولة الروم. انه حلم لا يصل اليه العربي انذاك  في أبعد تخيلاته قبل ظهور النبي محمد (ص) وقبل انتصار الدين الجديد, لكن ذلك الحلم البعيد قد يصير حقيقة بعد موت النبي, فالنبي اوجد دولة كبيرة تسيطر على الجزيرة العربية وهي دولة قابلة للتوسع, فما أعظم  الحصول على ذلك  للعربي الذي كانت غاية أحلامه تزعم قبيلة, ولكن بقتل النبي يتمكن الطامع وعشيرته من حكم العرب. من البديهي أن الطامع في تسدي خلافة النبي لابد أن يكون من الذين كانوا قريبين للنبي, فليس للاعرابي المسلم الذي يعيش بعيدا عن النبي حظ في ذلك, وهذا السبب يرشد الباحث الى الجاني والطامع في اغتيال النبي(ص) , فالجناة  يعيشون مع النبي وبالقرب منه وهم الذين سعوا للحصول على السلطة وانتحال خلافته . من المهم ذكر أن اليهود حاولوا قتل النبي بواسطة السم أكثر من مرة ,وفي أحد المرات  سمموا ذراع شاة واهدوها له وعرف النبي(ص) ان الذراع المطبوخة كانت مسمومة فلم يأكلها , ان محاولة الاغتيال اليهودية تلك لها علاقة باغتيال المسلمين للنبي , ولذا من الضروري المرور عليها  وذكر تأثيرها في الروايات التاريخية. لقد ضخًّم المؤرخون محاولات أغتيال اليهود للنبي(ص) فغطت على محاولات المسلمين وصار المسلم في الماضي وفي عصرنا الحاضر يعرف نتفاَ غامضة عن محاولات اليهود لاغتيال النبي ,  ولايعرف شيئا عن باقي الروايات التي قام بها المسلمون .

المسلمون يحاولون أغتيال النبي في العقبة
في منطقة تدعى العقبة تقع بين المدينة والشام حدثت محاولة من محاولات أغتيال النبي, وقد حدثت الحادثة بعد غزوة تبوك, وعندها كانت الدولة التي أقامها النبي محمد(ص) تسيطر على  معظم الجزيرة العربية والأمور مستتبة وليس للطامع سوى قتل النبي ليسيطرعلى دولة كاملة لم تكن قبل ذلك في عهد الجاهلية سوى مدن وواحات متفرقة. يمر النبي(ص) وهو في عودته من غزوة تبوك في مسارعلى حافة جبل عال وكان حينها راكباً راحلته ومعه فقط إثنين ممن يثق من الصحابة وهما عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان . كان مسار النبي في حافة الجبل ليلاً, وقال لجنوده بأنه سيتخذ ذلك الممر الضيق لوحده وحثهم على السير في بطن الوادي من حول الجبل بدلا من السير معه على حافة الجبل شديد الانحدار ,فكانت فرصة سانحة للخونة الذين  خططوا لاغتياله, فهجموا عليه وغايتهم هي تنفير ناقته لإسقاطه وناقته من حافة الجبل العالية نحو وادي العقبة لقتله, لكن عمار بن ياسر ضرب بمحجنه وجوه راوحلهم وكشفهم ضوء القمر وإن كانوا ملثمين, وعرفهم النبي(ص) وعرفهم كذلك عمار وحذيفة من دوابهم التي كانوا يركبونها, فخابوا وهربوا من انكشاف أمرهم وأفشل الله خطتهم تلك . وقال حذيفة بن اليمان للنبي ألا نقتلهم فقال النبي (ص) أنه لايقتل أصحابه, ثم جمعهم بعد ذلك وعاتبهم على مافعلوا فحلفوا له اغلظ الايمان انهم لم يكن في نيتهم قتله فتركهم(ص) ومضى في مسيره! كانت رحمة النبي العظيم  سببا في ذلك العفو, فطالما عفى عليه الصلاة والسلام عن أناس وتركهم أملاً منه في هدايتهم وتحققت الهداية لكثير من الذين عفا عنهم ولم يعنفهم, وقد يكون أيضا أن النبي (ص) عفا عن الذين خططوا لقتله أملاً منه في توحيد المسلمين في دولة الاسلام الفتية تلك, فالعقوبة الرادعة لاولئك المتآمرين قد تؤدي الى انقسام المسلمين بانضمام المنافقين والمتقلبين إلى تلك العصبة لوجود التعصب العشائري والقبلي, وهذا السبب الثاني يرجح أن تلك العصبة من الرجال لابد أن كانت من الصحابة المقربين ممن لهم علاقة مصاهرة وجيرة مع النبي وليسوا من الاعراب وعوام الناس, فعقوبة  صحابة مقربين سيخلخل المسلمين , وهذا ما يرجح سبب عفو النبي الكريم عنهم والتغاضي عن جريمتهم. ان النبي (ص) كما بيَّن في أكثر من مرة لا يعاقب الناس على النوايا , وإنما يعاقب على الاعمال , فلم يرضى أن يحاكم تلك العصبة على نية خبيثة نووها ولم يحققوا منها شيئاً. لنقرأ النصوص :
لقد خلد القرآن حادثة الاغتيال تلك في سورة التوبة حيث تقول الاية : ( يحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) ( سورة التوبة, 74) لقد هموا بقتل النبي ولكنهم لم ينالوا ذلك, وتأمل قوله تعالى في بداية الاية ( يحلفون بالله ماقالوا) أي أنهم حلفوا بالله للنبي (ص) أنهم أبرياء بعد أن جمعهم وعاتبهم , ثم تذكر الاية أنهم كفروا بعد أسلامهم أي أنهم كانوا مسلمين أسروا الكفر وجهروا بالاسلام كذباً ونفاقاً.  وقد ذكرت كتب التفاسير هذه الحادثة ومنها مايلي من تفسير البيضاوي حيث يقول :
 ( وَهَمُّوا بما لم يَنالوا ، من الفتك بالرسول وهو أن خمسة عشر منهم توافقوا عند مرجعه من تبوك أن يدفعوه عن راحلته إلى الوادي إذ تسنم العقبة بالليل ! فأخذ عمار بن ياسر بخطام راحلته يقودها وحذيفة خلفها يسوقها، فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وقعقعة السلاح فقال: إليكم إليكم يا أعداء الله، فهربوا) ( تفسير البيضاوي , ج3 ص 158)
وروى ابن كثير : (عن حذيفة بن اليمان، قال‏:‏ كنت آخذاً بخطام ناقة رسول وسلَّم أقود به، وعمار يسوق النَّاقة - أو أنا أسوق النَّاقة وعمار يقود به - حتَّى إذا كنَّا بالعقبة، إذا باثني عشر رجلاً قد اعترضوه فيها‏.‏ قال‏:‏ فأنبهت رسول الله فصرخ بهم فولّوا مدبرين‏.‏ فقال لنا رسول الله‏:‏ ‏‏هل عرفتم القوم‏؟‏‏ قلنا‏:‏ لا يا رسول الله قد كانوا متلثمين، ولكنا قد عرفنا الرّكاب
قال‏:‏‏هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة، وهل تدرون ما أرادوا‏ ؟‏‏‏ قلنا‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏أرادوا أن يزحموا رسول الله في العقبة، فيلقوه منها, قلنا‏:‏ يا رسول الله أولا تبعث إلى عشائرهم حتَّى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم‏؟‏‏.‏ قال‏:‏ ‏لا أكره أن يتحدَّث العرب بينها أنَّ محمَّداً قاتل لقومه، حتَّى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم‏‏‏.‏)( البداية والنهاية لابن كثيرج5 ص25)
لم يعاقب النبي(ص) أولئك العصبة لكنه عاتبهم على فعلهم كما  يروي الرازي في تفسيره
 (فقال (ص): قم يا فلان قم يا فلان حتى عدَّ اثني عشر رجلاً منهم ! فقاموا وقالوا: كنا عزمنا على ما قلت ، ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا أنفسنا فاستغفر لنا !  فقال: الآن ! أخرجوا . أنا كنت في بدء الأمر أقرب إلى الإستغفار ، وكان الله أقرب إلى الإجابة . أخرجوا عني) ( تفسير الرازي ج10 ص 162), تأمل قوله : قم يافلان قم يافلان.. دون ذكر الاسماء وهذا من فعل المؤرخين وكتبة التاريخ الذين ارادوا التغطية على اولئك الرجال.
إن حذيفة بن اليمان عرف من النبي أسماء جميع المنافقين وحفظ تلك الاسرار الخطيرة ولم يطلع عليها أحد ألا من أئتمنه , وكان حذيفة  الشاهد على محاولة الاغتيال في العقبة وعرف جميع الذين اشتركوا في تلك المحاولة . وعرف المسلمون أن حذيفة عنده اسماء المنافقين لكنه كان يبقي ذلك سرا ربما حفاظا على حياته وربما توصية له من النبي (ص), ولم يكن حذيفة يصلي على المنافقين عند وفاتهم , فكان المسلمون يتأكدون من نفاق أي رجل بعد وفاته وذلك عندما  يتخلف حذيفة عن الصلاة على الميت , فيعرف الناس أن الميت من المنافقين!. أخرج الذهبي في ترجمة حذيفة بن اليمان مايلي: ( وكان النبيّ  قد أسرّ إلى حذيفة أسماء المنافقين ، وضبط عنه الفتن الكائنة في الأُمّة)( سير اعلام النبلاء للذهبي ج2 ص361). وقال الامام علي في حذيفة ( ذلك رجل عُلم أسماء المنافقين , إن تسألوه عن حدود الله تجدوه بها عالما) ( الاحتجاج للطبرسي ج1 ص388)


  

من هم رجال عصبة الاغتيال في العقبة؟
روى احمد في مسنده قصة العقبة كما يلي :
(حدثنا : ‏‏يزيد ‏ ‏، أنبئنا ‏الوليد ابن عبد الله بن جميع ‏، عن ‏‏أبي الطفيل ‏ ‏قال : ‏‏لما أقبل رسول الله ‏‏من غزوة ‏ ‏تبوك ‏ ‏أمر منادياً فنادى أن رسول الله ‏أخذ ‏ ‏العقبة ‏ ‏فلا يأخذها أحد فبينما رسول الله  ‏يقوده ‏‏حذيفة ‏‏ويسوق به ‏عمار ‏إذ أقبل ‏رهط متلثمون ‏على الرواحل غشوا عماراً ‏‏وهو يسوق برسول الله ‏‏وأقبل ‏‏عمار ‏يضرب وجوه الرواحل فقال رسول الله  ‏لحذيفة ‏ ‏(قد قد )حتى هبط رسول الله , ‏‏فلما هبط رسول الله ‏‏ ‏نزل ورجع ‏عمار ‏‏فقال : يا ‏‏عمار ‏هل عرفت القوم فقال : قد عرفت عامة الرواحل والقوم ‏ ‏متلثمون ‏قال: هل تدري ما أرادوا قال الله ورسوله أعلم ، قال : أرادوا أن ينفروا برسول الله ‏ ‏ ‏فيطرحوه قال : فسأل ‏‏عمار رجلاً من ‏‏أصحاب رسول الله ‏ ‏‏فقال الرجل : نشدتك بالله كم تعلم كان أصحاب ‏ ‏العقبة ‏ ‏فقال : أربعة عشر فقال : إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر فعدد رسول الله ‏ ‏منهم ثلاثة, قالوا : والله ما سمعنا منادي رسول الله ‏‏وما علمنا ما أراد القوم ‏! ‏فقال‏ ‏عمار ‏أشهد أن  ‏الإثني عشر الباقين حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد. قال ‏الوليد ‏، ‏وذكر ‏أبو الطفيل ‏ ‏في تلك الغزوة أن رسول الله ‏ ‏ ‏قال للناس وذكر له أن في الماء ‏ ‏قلة ‏ ‏فأمر رسول الله ‏ ‏منادياً فنادى ‏‏أن لا ‏يرد ‏‏الماء أحد قبل رسول الله ‏‏فورده رسول الله ‏‏فوجد ‏رهطاً ‏ ‏قد وردوه قبله فلعنهم رسول الله  ‏‏يومئذ.)( مسند أحمد ,حديث أبي الطفيل , رقم الحديث :22676) .
الملاحظ في الحديث  وفي باقي الاسناد أن الرجل الذي سأل عمارا وهو يشك في نفسه غير معلوم فهل كان صعباً على ناقل الحديث أو كاتبه أن يكتب من هو ذلك الرجل ؟ ثم أن ثلاثة من الذين كانوا مع مخططي الاغتيال حلفوا بالله أنهم لايعرفون شيئا عن خطة الاغتيال وهم الذين عنتهم الاية ( يحلفون بالله ماقالوا) من سورة التوبة التي تقدمت.
مخططو الاغتيال كان عددهم أربعة عشر الى خمسة عشر رجلاً ,وهذا يعني أن هناك تنظيم داخل المسلمين لقتل النبي محمد(ص) وليست العملية إعتباطية ! من هم أولئك الرجال ؟
لنقرأ هذه السطور الاتية ثم يأتينا الجواب بعدها. ان ناقل قصة الاغتيال عن حذيفة بن اليمان هو (الوليد بن عبد الله بن جميع) ,لنتذكر هذا الاسم جيداً في السطور القادمة.
يروي ابن حزم الظاهري المتوفي سنة (456 هجرية ) في كتابه المحلى رواية يذكر فيها حديث حذيفة  بن اليمان الذي كان مع النبي يقود راحلته ليلة العقبة . كان راوي حديث حذيفة بن اليمان هو الرواي وليد بن جميع, ووليد بن جميع هو ايضا رواي الحديث في مسند أحمد الذي مر بنا في السطور الماضية. ان وليد بن جميع نقلاً عن حذيفة بن اليمان يذكر أسماء  عصبة أغتيال النبي في العقبة ويعد منهم الخلفاء الثلاثة الاوائل ابوبكر وعمر وعثمان وكذلك طلحة بن عبيد الله  وسعد بن أبي وقاص, لكن هذه المعلومات الخطيرة أسدلت عليها الدولة الحاكمة الستائر ومحتها ولانجدها في عصرنا الحالي  في كتب التاريخ والحديث, ولكن بقيت  كنتف هنا وهناك تدل على تقصي تلك الاسماء ,ومن هذه النتف قول ابن حزم في كتابه المحلى حيث يقول مسقطاً حديث حذيفة ومتهما وليد بن جميع بالكذب والافتراء لانه ذكر أسماء الحكام والمتنفذين في الدولة! لنقرأ مايقول ابن حزم :
قال ابن حزم في المحلى:(وأما حديث حذيفة فساقط لأنه من طريق الوليد بن جميع وهو هالك، ولا نراه يعلم من وضع الحديث؟ فإنه قد روى أخباراً فيها: إن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أرادوا قتل النبي وإلقائه من العقبة في تبوك . وهذا هو الكذب الموضوع الذي يطعن الله واضعه فسقط التعلق به)( المحلى لابن حزم ج 11ص 224, باب الحدود). إن أخبار الوليد بن جميع غير موجودة حالياً ,لكن كتاب المحلى لابن حزم ينقذ المحقق في  كتب التاريخ لاستخراج هذه النتفة النادرة , فنكران ابن حزم لرواية الوليد بن جميع بتعريفه لها خلَّدَ تلك المقولة ودل على وجودها وربما كانت موسعة وبتوضيح أكبر في كتب أندثرت .
إن طمع الخلفاء الثلاثة ( ابوبكر , عمر , وعثمان) في اغتيال النبي احتمال وارد, لأن الدافع لذلك هو المصلحة والتربع على عرش الحكم ,وهو ما تم بعد موت النبي كما تقدم في فصل (السقيفة وكيف تمت البيعة), فدافع الجاني هو ما سيجني وماسيُدر عليه من منفعة في فعله . أما أي رجل خامل الذكر من المسلمين ليس له طموح ولا قوة عشيرة فليس من مصلحته اغتيال النبي الا اذا منضما لعصبة توعده بمناصب ومكافئات بعد ذلك. وللتحقيق في حديث الوليد بن جميع نعرض ( الوليد بن جميع) على كتب الحديث وتراجم الرجال لنرى هل حقا هو من الكذابين كما قال بن حزم في المحلى ,لانه إذا كان كاذبا  فأن علم تراجم الرجال سيذكره ويذكر أكاذيبه لتمحيص الاحاديث والروايات التي رواها , وسنرى غير ذلك وليس هناك من يُكذب الرجل:
قال ابن حجر في تقييمه للوليد بن جميع  : (صدوق ويَهِمُ (يقع في التوهم) يرمى بالتشيع. روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي). ونقول أن الرجل روى عنه أئمة الحديث عند الجمهور ولو كان كذاباً لاسقطوه وسموه بالكذاب وابن حجر يقول فيه أنه (صدوق). (الإصابة  في تمييز الصحابة لابن حجر ج2ص286)
وقال الذهبي في الوليد بن جميع : (وثقه ابن معين والعجلي .وقال أحمد وأبو زرعة: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صالح الحديث .وقال المزي حدث عنه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات )(ميزان الاعتدال للذهبي  ج4 ص 337). واذن هو من الثقاة  وليس كذابا كما أدعى ابن حزم.
في كتاب تهذيب الكمال في ترجمة الوليد بن جميع : ( الوليد بن عبـدالله بن جميع الزهري الكوفي ، والد ثابت بن عبـد الله بن جميع ، وقد ينسـب إلى جدّه أيضاً . ثمّ نقل عن أحمد بن حنبل وأبي داود قولهما فيه : لا بأس . وعن يحيى بن معين : ثقة ـ وزاد مصحّح الكتاب حكاية الدارمي عن يحيى بن معين ذلك عن ابن محرز ، وزاد : مأمون مرضي ـ وكذلك عن العجليّ . وقال أبو زرعة : لا بأس به . وقال أبو حاتم : صالح الحديث . وقال عمرو بن علي : كان يحيى بن سعيد لا يحدّثنا عن الوليد بن جميع فلمّا كان قبل موته بقليل حدّثنا عنه . وذكره ابن حبّان في كتاب الثقات ، روى له البخاري في الأدب ، والباقون سوى ابن ماجة)( تهذيب الكمال للمزي ج7 ص474)
المصادر أعلاه جميعا تبرئ الرواي الوليد بن جميع من افتراءات ابن حزم الظاهري عليه, ولم يجد ابن حزم سوى تكذيبه واسقاطه لأن الوليد بن جميع أورد أسماء الذين أرادوا أغتيال النبي محمد(ص) في العقبة وكانت تلك أسماء الصحابة الذين تسدوا مناصب الخلافة والامارة بعد وفاة النبي. إن ابن حزم الظاهري يكذب الرواي بعد أربعمائة سنة من حادثة الاغتيال فكيف ياترى سيكون رواي الرواية في السنين القريبة من وفاة محمد( ص) والدولة قائمة بأيدي المتنفذين ممن ذكرهم الوليد بن جميع؟ حتماً سيكون التعتيم أقوى ولابد أنه محيت معلومات خطيرة وأحرقت كتب كتلك التي لاتتماشى مع سيادة الدولة وتلك التي تشير الى الجناة الذين حاولوا قتل النبي لابعاد وصي الخلافة علي بن أبي طالب عن الحكم و للاستحواذ على دولة كاملة قوية .

 أحد رجال عصبة الاغتيال يفضح نفسه!
بعد فشل عملية الاغتيال , يدور حديث بين أحد رجال عصبة الاغتيال وبين حذيفة بن اليمان الذي عرفه النبي (ص) بالمنافقين و بعصبة الاغتيال, لنقرأ الرواية بصبر وتأني:
(عن أبي الطفيل قال خرج رسول الله (ص) إلى غزوة تبوك فانتهى إلى عقبة فأمر مناديه فنادى لا يأخذن العقبة أحد فان رسول الله (ص) يسير يأخذها وكان رسول الله (ص) يسير وحذيفة يقوده وعمار بن ياسر يسوقه فاقبل رهط متلثمين على الرواحل حتى غشوا النبي فرجع عمار فضرب وجوه الرواحل فقال النبي (ص) لحذيفة قد قد ,فلحقه عمار فقال سق سق حتى أناخ فقال لعمار هل تعرف القوم فقال لا كانوا متلثمين وقد عرفت عامة الرواحل قال اتدري ما أرادوا برسول الله (ص) قلت الله ورسوله أعلم قال أرادوا أن ينفروا برسول الله (ص) فيطرحوه من العقبة فلما كان بعد ذلك نزع بين عمار وبين رجل منهم شئ ما يكون بين الناس فقال أنشدك بالله كم أصحاب العقبة الذين أرادوا أن يمكروا برسول الله (ص) قال نرى أنهم أربعة عشر قال فان كنت فيهم فكانوا خمسة عشر ويشهد عمار ان اثنى عشر حزبا لله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد ) (مجمع الزوائد للهيثمي ج1 ص110, المعجم الكبير للطبراني).
 تأمل النص ( نزع بين عمار وبين رجل منهم شئ مايكون بين الناس فقال أنشدك بالله كم أصحاب العقبة), فهذا الرجل الذي يسأل عمارا كان منهم كما يقول النص ثم يستفسر الرجل إن كان هو قد عُد من تلك العصبة ؟ النص لايذكر اسم الرجل تسترا عليه كعادة المدونين فلابد أنه كان رجلا مهما , فمن هو ؟
في موضع آخر يكرر الحديث أعلاه ولكن السائل الذي يشك في نفسه يسأل حذيفة بن اليمان , ونقول لافرق في ذلك فحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر هما اللذان كانا يصحبان رسول لله يوم العقبة فليس بعيدا أن الرجل الشاك في نفسه سأل كلاهما , فالحديث أعلاه سأل فيه عمارا والحديث الاتي يسأل فيه حذيفة بن اليمان:
روى مسلم عن أبي الطفيل :( كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس ، فقال:أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة ؟ قال فقال له القوم : أخبره إذ سألك ! قال : كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم ، فقد كان القوم خمسة عشر! وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) (صحيح مسلم ج8 ص123).
يتفلت اسم الرجل في سطور الكتب فيفصح عنه ابن كثير عن غير قصد فيقول :
(وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال لحذيفة : أقسمت عليك بالله أأنا منهم ؟ قال : لا ولا أبري بعدك أحدا يعني حتى لا يكون مفشيا سر النبي (ص) قلت : و قد كانوا أربعة عشر رجلا و قيل : كانوا اثني عشر رجلا) ( السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص35)
ونقول كيف برجل يسأل غيره عن نفسه ؟ ألا يعلم عمر بن الخطاب إن كان هو منهم أم ليس منهم ؟ أم هو يسأل مستفسراً ليعلم هل عرف النبي والناس بما فعل ؟ ان سؤال عمر لحذيفة يؤتنس به للمحقق كي يضع نصب عينيه ان السائل عمربن الخطاب لابد ان يكون منهم وأذا أخفى أنسان أمرا ظهر في حركاته وفلتات لسانه.


ان وضع الروايات معا ومقارنتها يدل بجلاء على أن الرجل السائل كان من عصبة الاغتيال وهو قول الرواي ( كان رجل من أهل العقبة) , وأن هذا السائل هو عمر  ,وهذا يعود بنا لرواية الوليد بن جميع الذي عد الخلفاء الثلاثة الاوائل وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله في جماعة عصبة الاغتيال, فتأمل!
ولاكمال عصبة العقبة نقتبس من كتاب المناقب  مايلي:
قال حذيفة بن اليمان : (كنت أقود برسول الله وعمار يسوق به ليلة العقبة, إذ أقبل إلينا اثنا عشر راكباً وقد علون العقبة مابرى منه إلا الحدق لينفروا برسول الله , فجعلت أضرب وجوههم عنه فقال: ( دعهم فسيكفيكهم الله) , ثم دعا بهم وسمّاهم رجلا رجلاً, وقال : ( هؤلاء المنافقون في الدنيا والاخرة). قال : وكان فيهم أبو سفيان ومعاوية وعتبة وعمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي والمغيرة بن شعبة وجماعة من بني أمية ).( المناقب والمثالب ص 202, للقاضي النعمان  المتوفى 363 هجرية)
بعد سنين من محاولة الاغتيال وفي بلاط الملك الاموي معاوية بن أبي سفيان يقول عقيل بن ابي طالب لمعاوية : (ومررت على عسكرك فإذا أول من استقبلني أبوالاعور السلمي وطائفة من المنافقين والمنفرين برسول الله إلا أن أبا سفيان ليس فيهم )(فضائل أمير المؤمنين ص40 لابن عقدة الكوفي المتوفى 333 هجرية), تأمل قوله أن أباسفيان لم يكن فيهم وحينها كان أبو سفيان قد هلك فإبو سفيان كان من عصبة الاغتيال. أما باقي المنافقين من عصابة الاغتيال فيحدثنا عنهم ابن أبي الحديد في شرحه, ويعدهم وهم كل من : عمرو بن العاص وأبوموسى الاشعري والضحاك بن قيس الفهري ( راجع شرح النهج ج2 ص125)

 التغطية على المشتركين  في محاولة الاغتيال
للتغطية على المشتركين في محاولة الاغتيال دون المدونون أسماء رجال وذكروهم بالعدد, وهنا يطرح سؤال نفسه , إذا كان الرجال قد عٌرفت أسماءهم فلماذا سأل عمر بن الخطاب عمارا وحذيفة إن كان هو أحدهم؟ ولماذا استعمل المدونون وكتبة التاريخ في أكثر من موضع كلمة (فلان) عند ذكر محاولة الاغتيال في العقبة وقد مر بنا ذلك في قول النبي (ص) لعصبة الاغتيال : قم يافلان وقم يافلان! أليس الاصح أن يكتب المؤرخ اسماء الرجال؟  وقد ذكر الهيثمي في مجمعه اسماء رجال زعم أنهم  عصبة الاغتيال في العقبة, وهم رجال خاملون لايمتون بصلة الى الصراع على السلطة , وليس اغتيال النبي يصب في مصالحهم , وبعضهم من اليهود المتأسلمين! عد الهيثمي اسماء الرجال وكما يلي
(معتب بن قشير بن مليل من بني عمرو بن عوف, ووديعة بن ثابت بن عمرو بن عوف, وجد بن عبد الله بن نبتل بن الحارث من بني عمرو بن عوف, الحارث بن يزيد الطائي حليف لبني عمرو بن عوف, وأوس بن قبطي, الجلاس بن سويد إبن الصامت وهو من بني عمرو بن عوف, وسعد بن زرارة, رجل أسمه سويد , واخر أسمه راعش, قيس بن عمر بن فهد, وزيد بن اللصيت  وهو يهودي أسلم, وسلالة بن الحمام وهو يهودي أيضا أسلم كذلك)( مجمع الزوائد للهيثمي ج1 ص110 ).
هؤلاء الرجال الذين ذكرهم الهيثمي لم يكونوا يوماً من أصحاب القوة ,ولم يتسدوا مناصبا في الدولة ولم يزيدوا في الحساب خردلة فظهرت أسمائهم  ,لكن  أسماء العصبة الحقيقية بقيت في مدونات كتبت خارج سلطة الدولة الحاكمة ومنها ما كتب الوليد بن جميع ثم فُقد ما كتب حتى ذكره ابن حزم في كتابه المحلى كما مر بنا.
إن أعضاء عصبة الاغتيال الحقيقية التي سعى المدونون في التستر عليهم ومنهم أبو حزم الظاهري تبدو أكثر مصداقية عندما ترينا أسماء الذين نالوا السلطة والمناصب بعد النبي, وليس هؤلاء الرجال الذي ذكرهم الهيثمي , وإذن فأعضاء عصبة الاغتيال هم  أبو سفيان ومعاوية وعتبة وعمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي والمغيرة بن شعبة والخليفة الاول والثاني والثالث وجمع من بني أمية كما تقول الروايات ,فهم الذين نالوا مناصب الدولة وحكموا الناس. وعندما فشلت محاولة الاغتيال في العقبة ,غير الجناة  خطتهم وأستعملوا سلاح السم الصامت, وهو ماسيأتي فيما يلي:
                  
هل مات النبي بالسم؟
بعد اكمال الدين وإظهار الوصية في غدير خم بتولية الامام علي الخلافة من بعد النبي (ص) –راجع فصل (نظام الحكم) – وفشل المخططين في النيل من النبي في العقبة , سلك المخططون خطاً اخر وهو الاغتيال الصامت عن طريق السم, وكانت هناك محاولات يهودية قبل ذلك قام بها اليهود في خيبر وقبلها اخرى فشلت في قتل النبي , لقد أرتأى المخططون أن يسقوا النبي شراباً رغماً عنه وكيف يستطيعون ذلك ؟ سيتبين ذلك بعد قليل. للتمويه على جريمة السم  قام المخططون بألقاء الضوء على محاولات سابقة قام بها اليهود وفيها دس اليهود للنبي سما في أكله, و بإعادة ترويج تلك المحاولات اليهودية استطاع المخططون من أشغال الناس عن جريمتهم الماكرة, ونجحوا في تدبيرهم الشيطاني في ذلك  فأقحموا روايات  توحي للناس أن اليهود هم الذين سمموا النبي , وهي محاولة  للتعتيم على الجاني الحقيقي من المسلمين ,ونجحوا في تدبيرهم ذلك الى حد بعيد , ولاننسى ان المحرفين أقحموا أسماء أثنين من اليهود حديثي عهد بالاسلام في عملية العقبة التي تقدم ذكرها تمويها على الناس .

 فيما يلي رواية من الكتاب الاول عند جمهور المسلمين وهو صحيح البخاري :
 تروي عائشة أرملة النبي وهي كذلك ابنة الخليفة الاول أن النبي قال في مرضه الاخير : (يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم)( البخاري ج5 باب وفاة النبي),  قول النبي(ص) : ( أجد الطعام الذي أكلت بخيبر ) يعني به تسميم اليهود له في مدينة خيبر اليهودية , تأمل أن النبي يقول ذلك قبل يوم وفاته بيوم وليلة.
 واضع الحديث اعلاه يريد إثبات أن سم خيبر هو سبب موت النبي, فالرواية تريد ابعاد الشبهة عن الذين سمموا النبي , فأضاف المتآمرون هذه الرواية الى روايات اخرى ليبدو للناس أن موت النبي مسموما يعود الى سم خيبر وليس الى سم الجناة الحقيقين! فات حابك الرواية هذه , قائلها أو كاتبها أو مروجها, أنه لا يمكن للسم أن يفعل مفعوله بعد اربع سنين ! فحادثة سم خيبر كانت في سنة  7سبعة هجرية وموت النبي كان سنة 11 هجرية بأتفاق المؤرخين , وهي لطمة على وجوه الكذابين الذين يقولون أن النبي مات بسبب سم خيبر , ويدخل في ذلك رواية عائشة. فكيف للسم أن يفعل مفعوله بعد أربع سنين؟  إن النبي يوم حادثة سم خيبر عرف بأن الشاة التي اهدوه اياها اليهود مسمومة فلم يأكلها ,

وخلاصة قصة سم خيبر أوردها العلامة الطائي في كتابه إغتيال النبي معتمدا على رواية المؤرخ الطبري وكما يلي:
 (في السنة السابعة وبعد معركة خيبر أهدت زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم للنبي  شاة مصلية وكانت قد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله  فقيل لها الذراع فأكثرت فيها السم، وسمت سائر الشاة ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله  تناول الذراع فأخذها فلاك منها مضغة فلم يسغها، ومعه بشر بن البراء بن معرور، وقد أخذ منها كما أخذ رسول الله  فأما بشر فأساغها، وأما رسول الله فلفظها ثم قال: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم (تاريخ الطبري ج2 ص303) ثم دعا بها فاعترفت. فمات بشر بن البراء من أكلته التي أكل في ذلك الزمن. أي أن بشرأكل السم ولم يأكل رسول الله من ذلك السم شيئا)( انتهى).
من رواية الطبري أعلاه يتبين أن النبي لم يبتلع السم  فهو لم يأكل الشاة المسمومة ومضغ مضغة لم يستسيغها ولفظها أي لم يبتلعها,وهو دليل على كذب الروايات التي تريد اسقاط تسميم النبي على اليهود! نعم حاول يهود خيبر تسميم النبي الكريم لكنهم فشلوا ولم يؤثر فيه السم لانه لم يأكله أصلاً, و رواية الطبري اعلاه اثبات على ذلك .ان أعراض التسمم التي ظهرت على النبي في يوم وفاته لم يكن لها دخل في قصة سم خيبر, فأعراض التسمم  ورواية عائشة التي روتها وهي تريد أسقاط التسمم على اليهود دليل واضح على أن النبي مات بالسم, لأن الجاني الحقيقي كان يتوقع معرفة الناس بموت النبي مسموماً, فاخترع رواية خيبر على لسان عائشة ليسجل أعترافاً من النبي نفسه بأن سبب موته هو السم ,حيث يقول النبي : ( هذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم). وقد ظهرت أعراض تسمم على النبي منها الصداع والتعب وعدم القدرة على الوقوف الا بمساعدة, فقد جاء في الروايات ان النبي ظهر في اليوم الذي سبق وفاته متكئا على العباس عمه وعلى ابن عمه وزوج ابنته علي بن أبي طالب كما في رواية البخاري الاتية : (عن عائشة قالت : خرج بين رجلين تخط رجلاه في الأرض بين عباس وآخر , فأخبرت بن عباس قال هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة قلت لا قال هو علي ) ما يهم من هذه الرواية هو تعبه فرجلاه  تخط الارض وهو لا يقدرعلى المشي الا بمساعدة لضعفه  الشديد من تأثير السم. ويقول المؤرخ ابن سعد : (فلما كان يوم الاربعاء بدأ برسول الله المرض فحم وصدع) (  الطبقات لابن سعد ج2 ص249, وعن اغتيال النبي للطائي)
ويذكر ابن سعد كذلك دخول أبو سعيد الخدري على النبي لعيادته وعلى النبي قطيفة (رداء) فوضع أبوسعيد الخدري يده عليها فوجد حرارتها فوق القطيفة وهو دليل على الحمى العالية فقال أبو سعيد للنبي (ص) : ما أشد حماك! ( الطبقات لابن سعد ج2 ص208, اغتيال النبي للطائي)
ويروي البخاري ومسلم كذلك عن الصحابي عبد الله بن مسعود قوله: (دخلت على رسول الله وهو يوعك وعكاً شديداً فمسسته بيدي فقلت يا رسول الله – إنك لتوعك وعكاً شديدا فقال رسول الله (ص) أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم) , فيا لها من حمى !ويروي ابن سعد أيضاً  قول السيدة  أم البشر بن مالك للنبي عندما زارت النبي وقالت له :ما وجدت مثل هذه الحمى التي عليك على أحد ( طبقات ابن سعد ج2  ص236, اغتيال النبي للطائي).,وهي حمى غير طبيعية قد تكون من فعل السم في الجسم, وقد تكون بسبب حمى أصابته فلما سقط عليه الصلاة والسلام في فراشه من الحمى سقاه القوم سما , وسيأتي تفصيل ذلك, إذن سم خيبر الذي حدث قبل أربع سنوات من وفاة النبي ولم يبتلعه النبي ماهو الا كذبة روجها الجناة الحقيقيون للتغطية على سمهم الذي سقوه للنبي. واذا تبين  بطلان وفاة النبي بسم خيبر فمن الذي سمم النبي قبيل وفاته؟

الشراب المسموم
ذكرت رويات عديدة أن النبي في أواخر أيامه سُقي شراباً وهو في نومه ,وعند افاقته كان يوصي الذين حوله بأن لايسقوه شيئاً ولكنهم لم يأبهوا لاوامره وانتظروا إغفاءه مرة أخرى ليسقوه شرابا ادعوا بأنه دواء . فكانوا يسقونه وهو نائم مخالفين قوله الذي أمرهم فيه بأن لايسقوه شيئا. وعندما يفيق النبي مرة ثانية ويعلم بأنهم سقوه وهو في نومه يأخذه الغضب فيسأل الناس حوله وهم بعض نساءه عمن فعل ذلك, فيكذبوا عليه ويقولوا له أن عمه العباس هو الذي سقاه الشراب وهو في نومه ! لكن النبي(ص)  لم يصدقهم ودافع عن عمه العباس وبرأه من تلك التهمة لعلمه أن عمه العباس لن يخونه ,وكان العباس وقت اغفاء النبي خارج البيت في تلك الساعة, ثم يأمر النبي جميع الحاضرين  أن يشربوا من نفس الوعاء الذي سقوه منه ويستثني من ذلك عمه العباس . إن فعل النبي وأمره لمن حوله بشراب ما شرب ماهو الا دليل على شكه بأ ن ما شرب كان شراباً ممزوجاً بسم. وإلا ما هو الداعي للغضب الذي غضبه النبي (ص) ليجبر الحاضرون على شرب الشراب الذي شربه؟  لنقرأ الروايات التي ذكرت تلك الحادثة :
عن عائشة أنها قالت:  (لددنا رسول الله  في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني. قلنا: كراهية المريض الدواء. فقال: لا يبقى أحد في البيت إلا لد، وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم)(  تاريخ الطبري  ج2 ص 438, صحيح البخاري ج7 , باب لد النبي).
اللد هو سقي المريض شراباً وهو في حالة الاستلقاء. وقول النبي لاتلدوني يعني لاتسقوني شراباً وأنا في غيبوبة النوم. ثم تقول عائشة : قلنا كراهية المريض الدواء. فهي تبرر فعلتها في لد النبي بأن المريض عادة يأنف الشراب لطعمه أو لمرارته , وهي تقول انها لدت النبي حرصاً على صحته, لانه كان مريضاً والمريض لايحب شرب الدواء, فهي تبدو وكأنها أعلم من النبي وأكثر علما بما يضره وما ينفعه وهو قول سفيه, فهل هناك أعلم من النبي بمصلحته؟ أما قول النبي (ص): (لايبقى في البيت أحد الا لُدَّ, وانا أنظر الا العباس فانه لم يشهدكم) , فإنه يبين أن النبي أراد أن يرى جميع الحاضرين يشربون مما شرب هو ماعدا عمه العباس وذلك لشكه بتسميم الشراب كما يبدو من التحليل الواقعي, أو لمعرفته عليه السلام بما سيؤول إليه الحال فأراد أن تعرف الاجيال أنه فعل ذلك إشارة  الى انصاره المخلصين في كل زمان وتنبيها للباحثين عن الحقيقة, وتم له ذلك فهذه الرواية الخالدة في بطون الكتب أهملها المدونون المحرفون فظهرت بجلاء بعد تلك السنين لتبين أن النبي في يوم وفاته كان لايثق بالذين كانوا من حوله وهم عائشة وأنصارها, فكان يشك في شرابه وطعامه , فهل بعد هذا التصريح من تصريح ومن كشف؟
لم يكن من المحال أن غيَّر الناس ذلك الشراب بعد أن سقوا النبي منه وأتوا بقربة أخرى لم يراها النبي وهو في الغيبوبة ولم يراها العباس عندما كان غائباً خارج الحجرة فشربوا من القربة الثانية أمام النبي ليثبتوا أن ما في القربة  شراب لايؤدي الى الموت, أما القربة التي شرب منها النبي وهو في غيبوبة النوم ففعلت فعلها حتى ظهرت أعراض التسمم عليه وهي  الصداع الشديد والضعف, ولم يغير ذلك مما سعى اليه النبي الكريم(ص) بإجبار الحضور على الشرب مما شرب هو ,  فإذا ظن القوم أنهم نجوا من شرب السم الذي سقوه للنبي بحيلتهم بالشرب من قربة آخرى, فإن رسالة النبي لأنصاره ومحبيه وصلتهم تبلغهم أن نبيهم سقي سما قبل رحيله.
وقد ذكرت قصة لد النبي في كتب عديدة منها قول ابن القيم الجوزي  (قد أمر من في الدار بأن لا يلدوه و لا يجرعوه أي دواء مهما كان ، إذ روي أنه قال لهم بعد سقيه إياهم ذلك الدواء المزعوم: ألم أنهكم أن لا تلدوني)(الطب النبوي لابن القيم الجوزي ج 1 ص 66)  .
 ان قول عائشة ( لددنا) وقول النبي كذلك ( لاتلدوني), يدل على ان الذين لدوا النبي هم جماعة وعائشة معهم ,فلو كانت لوحدها لقالت (لددت) ولكنها قالت (لددنا), فمن هم اولئك الناس الذين اشتركوا في لد النبي وماهي مصلحتهم في تعجيل موته؟  كما تدل رواية أخرى أن هناك رجال في البيت حيث يروي  الحاكم في مستدركه مايلي:
(والذي نفسي بيده لا يبقى في البيت أحد إلا لد إلا عمي . قال : فرأيتهم يلدونهم رجلاً رجلاً ! قالت عائشة : ومن في البيت يومئذ يُذكر فضلهم ، فلُدَّ الرجال أجمعون ، وبلغ اللدود أزواج النبي فلددن امرأة امرأة)( المستدرك للحاكم ج 4 ص 202)
قول عائشة اعلاه ( ومن في البيت يذكر فضلهم..) تعني بذلك المشهورين من صحابة النبي, ونقول من يدخل على النبي في بيت زوجته عائشة وزوجته حفصة من الرجال سوى آبائهن, فليس للاجنبي الدخول على بيت أزواج النبي الا أذا كان محرماً ,وإذن كان هناك أبوعائشة وهو أبوبكر الخليفة الأول , وكذلك كان أبو حفصة وهو عمر الخليفة الثاني, ولكن عائشة لم تذكر أسماء الناس بل قالت : وفي البيت من يذكر فضلهم .. وتكفي هذه النكتة لمعرفة من كان في البيت عندما لدوا رسول الله وهو في غيبوبة النوم والحمى.
لقد علم النبي (ص) بخطة السم الخبيثة وعرف فاعلها الاولي حيث يذكر المؤرخ ابن سعد في كتابه قول النبي عن عائشة بعد أن لدته : ( ويحها لوتستطيع مافعلت)( الطبقات لابن سعد ج 2 ص 203).
نعود الى فصل ( قصة السقيفة وكيف تمت البيعة) حيث يظهر تجاسر الصحابة على النبي وهو في فراشه مريضاً , وقال عمر للنبي ذلك اليوم : (دعوه فأنه ليهجر!) وهي كلمة تعني أنه (يخرف) , ولايهجر الا الذي على وشك الموت, فكيف عرف عمر بأن النبي هو في يومه الاخير ؟وكيف يتجاسر على النبي بتلك الكلمة ؟ الا يخشى العقوبة وعتاب من النبي بعد تحسن صحته وقيامه من حمته تلك ؟ الذي يبدو أن عمر كان متأكداً من عدم عودة النبي للحياة بعد ذلك اليوم, فذلك اليوم هو يومه الاخير, وكأن عمر وباقي الرجال والنساء كانوا متأكدين من موت النبي ولايمكن توقع موت أنسان إلا اذا كان هناك سببا قويا يدل على ذلك, وهوسبب علمه المتجاسرون على النبي, حيث عرفوا أنه قد سٌقي  سماً لن يفيقه من رقدته تلك! تقدم كذلك في فصل (نظام الحكم من وجهة نظر الشيعة) أن النبي كان قد جهز جيشا بقيادة الشاب أسامة بن زيد ووضع تحت أمرته جنوداُ منهم أبوبكر وعمر وعثمان وأبوعبيدة وغيرهم, وسبب ذلك أن النبي علم بالمؤامرة وعلم بالجناة  ولذلك جعلهم جنوداً في جيش أسامة بن زيد وأمرهم بالخروج من المدينة لابعادهم وكان يحثهم على الخروج الى شمال الجزيرة بعيداً عن المدينة المنورة بمسيرة أيام وليال. لكنهم تخلفوا عن المسير, وعندما يخرج النبي عاصباً رأسه بعصابة من شدة الحمى ويقول : أنفذوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه, رأينا أنهم (ومنهم أبو بكر وعمر)  لم يعيروا اهتماماً لكلام النبي ولم يأبهوا  بتلك اللعنة ولم يخرجوا, فيتوقف الجيش على بعد أميال قصيرة من بيت النبي, وكأن القوم عرفوا معرفة أكيدة أن النبي
لن يتعافى وسيموت ,وهذا برهان جلي على معرفة اولئك القوم بأن النبي قد سُقي سماً مميتاً.( راجع فصل نظام الحكم) .

لقد عرف النبي أن ساعته قدمت وأن موتته بالسم ستشرفه بشرف الشهادة فوق شرف النبوة وشرف ختم الرسالات ,ولذا بكت ابنته فاطمة لما رأت من حمته وضعف قوته وقالت : (واكرب أباه ), فيقول لها الرسول (ص) : ( ليس على ابيك كرب بعد اليوم) (صحيح البخاري ). فهو يعلم أن تلك الساعات هي الساعات الاخيرة.  بعد أن يسمع رسول الانسانية كلمة عمر  القبيحة فيه عندما قال عمر : دعوا الرجل فأنه ليهجر ( راجع نص الرواية في كتاب صحيح البخاري , باب رزية يوم الخيمس, وكذلك في فصل السقيفة من هذا الكتاب), فإنه (ص) يطردهم بقوله: ( قوموا .)( المصدر السابق). فيخرج الجميع من الحجرة ثم يسأل النبي في ساعاته الاخيرة عن أمين سره ووصيه ليقول له كلماته الاخيرة :
 (عن أم سلمة قالت : والذي أحلف به ، ان كان علي بن أبي طالب لأقرب الناس عهدا برسول الله ( ص )- تعني أنه اخر من كان معه قبل رحيله- عدنا رسول الله ( ص ) غداة وهو يقول :  جاء علي ، جاء علي , مرارا فقالت فاطمة : كأنك بعثته في حاجة قالت : فجاء بعد ، قالت أم سلمة : فظننت ان له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب وكنت من أدناهم إلى الباب ، فأكب عليه رسول الله ( ص ) وجعل يساره ويناجيه ، ثم قبض رسول الله ( ص ) من يومه ذلك فكان علي أقرب الناس عهدا) (مسند أحمد ج 6 ص 300 , المستدرك للحاكم ج 3 ص 138 ,مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 112 ،كنز العمال للهندي  باب فضائل علي بن أبي طالب ، وتذكرة خواص الأمة لابن الجوزي باب حديث النجوى) وروى ابن كثير قول النبي (ص) : ادعوا لي أخي , فدعوا له أبا بكر فأعرض ، عنه ثم قال : ادعوا لي أخي , فدعوا له عمر فأعرض عنه ، ادعوا لي أخي  فدعوا له عثمان فأعرض عنه ، ثم قال :  ادعو لي أخي  فدعي له علي بن أبي طالب فستره بثوب وأكب عليه فلما خرج من عنده قيل له : ما قال ؟ قال : علمني ألف باب يفتح كل باب إلى ألف باب )( البداية والنهاية لابن كثير ج7 ص 359 )
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري ان كعب الأحبار قام زمن عمر فقال ونحن جلوس عند عمر : ما كان آخر ما تكلم به رسول الله ( ص ) ؟ فقال عمر : سل عليا ، قال : أين هو ؟ قال : هو هنا ، فسأله فقال علي : اسندته إلى صدري فوضع رأسه على منكبي فقال : الصلاة الصلاة ! فقال كعب : كذلك آخر عهد الأنبياء وبه أمروا وعليه يبعثون ، قال : فمن غسله يا أمير المؤمنين ؟ قال : سل عليا ، قال : فسأله فقال : كنت أنا أغسله وكان عباس جالسا ، وكان أسامة وشقران يختلفان إلي بالماء)( الطبقات لابن سعد ج2 ص 262) ويفصل ذلك علي بن أبي طالب في خطبة له يصف فيها اخر عهده بالنبي فيقول :( فغسلته والملائكة أعواني فضجت الدار والافنية , ملأ يهبط وملأ يصعد, فما ذا أحق به مني حياً وميتاً)( نص الخطبة في نهج البلاغة), هذه النصوص تخالف ما زعمت به عائشة في فصل(مؤامرة المسلمين في  تشويه شخصية النبي) حيث أدعت أن النبي مات كالعاشق الولهان وضعا رأسه على صدرها وأنه (ص) لم يوص بوصية , وترك أمته في حيرى وكتاب الله مفرق في الصحف والرقع وعلى الخشب وعظام الحيوانات وغيرها. ثم لم تلبث عائشة أن صححت رواياتها  حول موت النبي في حجرها , وكبر سنها واقترابها من أجلها دور في ذلك, فكبر الانسان ودنو أجله يذكره بقرب النهاية فيسعى الى تصحيح ما قال من قبل وهكذا فعلت عائشة  , فهي تروي  في اخريات أيامها حديثا  تذكر فيه اليوم الاخير من حياة النبي الذي قضاه وعلي بن أبي طالب في جواره : ( أي شئ تسألن عن رجل وضع يده من رسول الله موضعاُ فسالت نفسه في يده فمسح بها وجهه , واختلفوا في دفنه فقال (علي): إن أحب البقاع إلى الله مكان قبض فيه نبيه, قالت النساء يسألنها: فلم خرجت عليه ؟ قالت : أمر قضي لوددت أني أفديه بما على الارض) ( البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي ج 7 , ص 397).( ملاحظة: قول النساء لعائشة : لم خرجت عليه ؟. يعنين به الامام علي , فهي (عائشة) خرجت عليه في معركة الجمل).

المتآمرون يجنون ماخططوا له , ويفوزون بالحكم!
في ساعة وفاة النبي يختفي الحاضرون من بيته , اولئك الذين طردهم النبي من حضرته عندما قال لهم : تباً لكم قوموا عني( راجع  باب رزية يوم الخميس في  صحيح البخاري, وفصل السقيفة في هذا الكتاب) . عرف المتآمرون أن تلك الساعة هي ساعة النبي الاخيرة, فوقع السم ظهر جلياً ولن يعود الزمن الى الوراء فالسم الناقع شربه النبي الكريم وهو في غيبوبة النوم حينما لدوه( سقوه) أكثر من مرة , وإذن لن يقوم النبي من رقدته تلك , فهرعوا الى سقيفة بني ساعدة ( راجع فصل السقيفة وكيف تمت البيعة) وبمسرحية مُعدة وبتخطيط رصين يُنصب عرب قريش خليفة للنبي على طريقتهم الخاصة والنبي لم يدفن بعد. وعند إنشغال علي بن ابي طالبوأهل بيته وعمه العباس  في تجهيز النبي (ص) لمثواه الاخير, يقوم المتامرون بأخذ البيعة من الناس في تلك الليلة وكان لقبيلة بني أسلم الدور في استتاب الامر لابي بكر بن ابي قحافة كما مر ذكره في فصل السقيفة, حيث يقول عمر فرحا بنجاح الخطة .(إنّ أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايقت بهم السكك فبايعوا أبا بكر ، فكان عمر يقول : لما رأيت أسلم أيقنت بالنصر! )(تاريخ الطبري ج3 ص 222, الكامل لابن الاثير, طبقات ابن سعد) . إن أبا الاعور السلمي كان من زعماء قبيلة أسلم ولدوره ودور قبيلته دور كبير في تثبيت حكم الخليفة الاول أبوبكر , فقبيلته ملأت سكك المدينة لحماية دولة أبي بكر, وكان أبو الاعور السلمي هذا هو أحد عصبة محاولة أغتيال النبي في العقبة كما تقدم ذكره.
لقد فشل الذين حاولوا اغتيال النبي في العقبة لكنهم نجحوا بمحاولتهم الاخرى وقتلوا النبي عندما دسوا له السم وهو نائم ,وساعدهم في عملية الاغتيال الناجحة أثنتين من بناتهم وهن عائشة وحفصة, فعائشة وحفصة كانا من الذين لدوا النبي شراباً وهو في نومه , ونال القتلة  مجدا دنيويا زائلا فاغتصبوا الخلافة وحرفوا الدين كما يشتهون.
لقد عرف الصحابة المخلصون أن رحيل النبي العظيم كان أغتيالا , لكنهم  لم يقدروا على تغيير الامور بعد فوات الاوان , فالسلطة صارت للمخططين والمنفذين  لعملية الاغتيال . يقول الصحابي المخلص عبد الله بن مسعود : (لئن أحلف تسعا أن رسول الله  قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك إن الله اتخذه نبيا واتخذه شهيدا)(  سيرة ابن كثير ج4 ص 449 ) . 



انتهى الكتاب بفضله وتوفيقه تعالى بقلم العبد الفقير لرحمته تعالى
مروان العارف في عام 2013
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم 
اللهم اغفر لنا إن نسينا أو أخطأنا 
اذا وصلت الى هنا ايها القارئ الكريم ورأيت ظلامة خاتم الانبياء 
وظلامة آل بيته عليه وعليهم الصلاة والسلام
  فلاتنسانا من دعواتك ولكم الاجر والثواب بإذنه تعالى

اذهب لقراءة الكلمة الاخيرة للكتاب 
http://marwan1433.blogspot.ca/2016/03/blog-post.html 

ليست هناك تعليقات: